يقول رجل الأعمال والمستثمر الأمريكي "وارن بافيت" (Warren Buffett): "يستغرق بناء سمعة طيبة 20 عاماً، ولكن تستغرق خسارتها خمس دقائق". حين تضع ذلك في حسبانك ستتصرف بطريقة مختلفة".

تلخص هذه الحكمة البسيطة النهج الذي يجب أن تتخذه الشركات بجميع أنواعها وأحجامها عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على سمعتها، ومن ثمَّ وجودها. ثم إنَّ التصرف بطريقة مختلفة في العلاقات العامة، لا يعني التعامل بنزاهة لتجنب الفضيحة فحسب؛ بل يعني أيضاً أن تكون مستعداً في حال وقوع أسوأ سيناريو على الرغم من نواياك الحسنة.

حان الوقت ليأخذ القادة بنصيحة "بافيت" ويتصرفوا بطريقة مختلفة من خلال تطبيق خطة تواصل محكَمة في حال الأزمات. إليك 8 خطوات للاستعداد لأزمات العلاقات العامة قبل وقوعها:

1. التخطيط مسبقاً للأزمة

في الواقع، لا يتعلق الأمر بإمكانية حدوث الأزمة من عدمها؛ وإنَّما بموعد حدوثها؛ إذ إنَّ استجابتك لها هي ما سيحدد فيما إذا كنتَ قادراً على الحفاظ على سمعتك الجيدة، مع تخفيض الضرر الذي قد يلحق بشركتك وموظفيك وشركائك وعملائك والمساهمين إلى الحد الأدنى، أو ما إذا كنتَ ستخسر كل شيء.

في عصر وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يمكن تسليط الضوء على أي شخص والتشهير بأصغر أخطائه بأسوأ طريقة ممكنة، ومن الهام اليوم أكثر من أيِّ وقت مضى أن تكون مستعداً للتعامل مع الأزمة قبل حدوثها؛ لذا لا تنتظر ذلك؛ بل ضع استراتيجية قوية للاستجابة للأزمات الآن من خلال تطبيق بعض ممارسات العلاقات العامة لهذا الغرض.

2. تكوين فريق للتواصل في الأزمات

لا يمكنك التعامل مع أزمة العلاقات العامة بشكل مناسب دون وجود متحدثين رسميين مناسبين يمكنهم التواصل بشكل فعَّال والتحدث عنها علناً؛ لذا فإنَّ تكوين فريق للتواصل في الأزمات قادر على التصرف والاستجابة بسرعة، يُعَدُّ أمراً ضرورياً، ويجب أن يتكوَّن هذا الفريق الصغير من الموظفين التنفيذيين المخضرمين، ووجب أن يقوده المدير التنفيذي، وأن يشمل موظفين من أعلى مستوى في التسويق والاتصالات والعلاقات العامة، إضافة إلى أيِّ مديرين تنفيذيين آخرين يجيدون التحدث أمام الجمهور، وكذلك محامياً إن وجد.

إذا لم يكن لدى شركتك موظف علاقات عامة مخضرم، ففكر في الاستعانة بمصادر خارجية، وبمجرد إنشاء فريقك، وضِّح أنَّ هؤلاء الأفراد هم الوحيدون المصرَّح لهم بالتحدث نيابة عن شركتك في حالة حدوث أزمة.

3. توقُّع الأزمة، وتحديدها والتكيُّف معها أو تجنُّبها

بمجرد إنشاء فريق تواصل خاص بالأزمات، اعقد عدداً من جلسات العصف الذهني لتحديد سيناريوهات الأزمات المحتملة؛ إذ كلما زاد عدد السيناريوهات التي يمكنك التفكير فيها، ستكون مستعداً بشكل أفضل لمواجهة هذه الأزمات المحتملة وربما تجنبها تماماً، وبعد تحديد المشكلات المحتملة التي قد تطرأ، قيِّم سياسات الشركة والعمليات لمعرفة ما إذا كان يمكن إجراء أيِّ تغييرات لتجنب هذه المآزق.

ستتفاجأ بكمِّ المجالات التي تحتاج إلى تحسين داخل شركتك مع تقدمك في هذه العملية، ومن خلال التخطيط المسبق، أنت تستعد للتعامل مع أزمة أو تجنبها، وأيضاً تعثر على طرائق لتحسين شركتك في الوقت نفسه.

4. طلب المشورة والتدريب من المحترفين

الآن بعد أن أصبح لديك فريق لمواجهة الأزمات، وحدَّدتَ السيناريوهات المحتملة واستراتيجية التعامل معها، حان الوقت للحصول على المساعدة الخارجية؛ إذ لا فائدة من تعيين فريق من المتحدثين الرسميين إذا كانوا لا يعرفون ماذا يقولون أو كيفية الرد على استفسارات وسائل الإعلام عند حدوث أزمة فعلية، فلا تعتمد على حقيقة أنَّ أفراد فريقك شاركوا بالفعل في الكثير من المقابلات الإعلامية الناجحة.

هناك فارق كبير بين الترويج لشركتك بالعلاقات العامة، والحفاظ على سمعتها في أثناء الأزمات؛ إذ تعرَّض الكثير من المتحدثين الرسميين المتمرسين لانتقادات لاذعة من الصحافيين في أوقات الأزمات؛ لذا يجب ألَّا تزيد الوضع سوءاً على نفسك بسبب عدم تقديم التدريب المناسب والكافي.

إذاً عليك أن تحرص على طلب التوجيه قبل وقوع الأزمة، واستعن بخبراء لتدريب فريقك على كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، والاستجابة بفاعلية في أثناء أزمة العلاقات العامة.

5. تطوير سياسة ثم مشاركتها

لديك فريق الأزمات، وحدَّدتَ سيناريوهات الأزمات، ودرَّبتَ الفريق على ما يجب القيام به في حالتها، فاستخدم الآن كل هذه المعرفة لتطوير سياسة رسمية للأزمات في الشركات، بحيث تذكر فيها جميع أعضاء فريق الاستجابة للأزمات ودور كل منهم في أثناء الأزمة، كما يجب أن تتضمن إرشادات تفصيلية حول ما ستفعله شركتك في حال حدوث أزمة.

على سبيل المثال: كتابة بيان أولي، ثم جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، ثم صياغة موقف الشركة، ثم تطوير النقاط التي ستُذكَر، ثم كتابة بيان رسمي، ثم إجراء مقابلات إعلامية إذا لزم الأمر.

بمجرد الانتهاء من السياسة، والموافقة عليها من قِبل مجلس الإدارة، شاركها داخل الشركة مع جميع موظفيك، واحرص على التشديد عليهم بأنَّه في حال حدوث أزمة في الشركة، يجب على المتحدثين الرسميين فقط التحدث إلى وسائل الإعلام، ويجب توجيه جميع استفسارات وسائل الإعلام على الفور إلى فريق التواصل الخاص بالأزمات، واعلم أيضاً أنَّ بعض الأزمات يمكن أن تؤثر في موظفيك وتُخِلَّ بقدرة شركتك على العمل كما يجب؛ لذا عُدَّ القوى العاملة الداخلية الخاصة أحد الجماهير المستهدفة عند تطوير خطط الاستجابة للأزمات.

6. البقاء على أهبة الاستعداد دائماً

كن مستعداً لوقوع أزمة العلاقات العامة في أيَّة لحظة، فأنت لا تعرف أبداً متى قد يحصل شيء مفاجئ يؤثر سلباً في صورة شركتك، مثل مراجعة سيئة للمنتج أو تقرير أرباح أسوأ من المتوقع؛ لذا ابقَ يقظاً؛ لأنَّ الاستعداد لمعالجة المشكلات وتقديم تفسير إيجابي على الفور، سيحقق أفضل النتائج.

7. أخذ الحيطة من الأمور التي لم تحسب لها حساباً

على الرغم من بذل قصارى جهدك في التخطيط والاستعداد والتجنب والتدريب والاستعداد لأزمة العلاقات العامة، إلا أنَّك لن تتمكن من توقُّع كل المواقف السلبية المحتملة، ولسوء الحظ، الأزمات التي لا يمكن التنبؤ بها هي التي تسبب أكبر الأضرار، وعادة ما تكون هذه المواقف التي تنطوي على فضائح واضحة للغاية، مثل تعليق مسيء كتبه أحد موظفي الشركة أو عمل إجرامي أو حادث يسبب خسائر في الأرواح.

لا يمكنك أبداً الاستعداد تماماً لهذه الأنواع من الأزمات، لكنَّ الاستعدادات التي حضرتَها تُعَدُّ أساساً جيداً لمواجهتها، ومع ذلك، في هذه الحالات من الحكمة تعيين مختص أزمات على نحو عاجل، ومستشار قانوني إذا تطلَّب الوضع، لمساعدتك على تخطِّي المواقف الشائكة.

8. مراجعة وتحديث استعداداتك سنوياً

الآن بعد أن اتخذتَ جميع الخطوات اللازمة للاستعداد لأزمة العلاقات العامة، احرص على إعادة النظر في خططك واستراتيجياتك وسياساتك سنوياً وتحديثها، فكما تتغير شركتك مع مرور الوقت، يجب أن تُبقي استراتيجيتك للتعامل مع الأزمات مُحدَّثة لتظلَّ فعَّالة.

على سبيل المثال: إذا استقال أحد المتحدثين الرسميين من الشركة، فيجب أن يحل متحدث آخر مكانه، ويجب أن يحصل على التدريب المناسب، وقد يؤدي نمو الشركة أو تغيير العمليات إلى ظهور نقاط ضعف جديدة؛ لذا استمر في التفكير في سيناريوهات الأزمات المحتملة وتعديل العمليات والسياسات حسب الحاجة.

تعامل مع تخطيط أزمة العلاقات العامة كأيَّة عملية أو سياسة هامة أخرى من سياسات الشركة، فبعد أن أمضيتَ سنوات في إنشاء شركة تتمتع بسمعة طيبة وموقرة، يجب أن تبذل جهدك للحفاظ عليها.