يُقنِعُ جزء كبير من النجاح المهني والشخصي الآخرين بالاعتراف بقيمتك، وعليك القيام بذلك عند التقدُّم للوظائف، أو طلب الترقيات، أو التنافس على المناصب القيادية، ففي عالم اليوم، كل شخص هو علامة تجارية، لذا تحتاج إلى تطوير علامتك التجارية وتسويقها.

العلامة التجارية الشخصية هي تبنِّي استراتيجية تحدِّد بها عرض قيمتك وتعبِّر عنه، وعلى الرغم من أنَّ الناس ينمُّون دائماً شخصياتهم وسمعتهم العامة بعناية، فقد وسَّعَ البحث عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي نطاق الجمهور المحتمل والمخاطر والمكافآت المرتبطة بهذه الجهود.

لسوء الحظ، على الرغم من أنَّنا نودُّ التحكم بالكامل في علاماتنا التجارية الشخصية، إلَّا أنَّ هذا نادراً ما يكون هو الحال، وكما يقول مؤسِّس شركة أمازون "جيف بيزوس" (Jeff Bezos): "علامتك التجارية هي ما يقوله الناس عنك في غيابك".

تمثِّل العلامة التجارية الشخصية مزيجاً من الارتباطات والمعتقدات والمشاعر والمواقف والتوقعات التي يحملها الناس جماعياً عنك، ويجب أن يكون هدفك هو ضمان أن يكون ما يُقال عنك دقيقاً ومتماسكاً ومقنعاً ومتميِّزاً.

تفيدك العلامة التجارية الشخصية مُحكمة التصميم بعدة طرائق، فهي تعزز ظهورك، خاصة بين الأشخاص الذين يهمونك والأشياء التي تأمل في تحقيقها، وقد تساعدك أيضاً على توسيع شبكة علاقاتك وجذب فرص جديدة. على مستوى أعمق، تسهم عملية بناء العلامة التجارية الشخصية على اكتشاف القدرات الفريدة التي تقدِّمها للعالم والاحتفاء بها ومشاركتها.

7 خطوات لبناء علامة تجارية شخصية

1. تحديد هدفك

أولاً، أنت بحاجة إلى رؤية ورسالة طويلة الأمد، فما الفرق الذي ترغب في إحداثه لمختلف الجماهير التي تهمُّك، شخصياً ومهنياً، وما القِيَم التي ترغب في تجسيدها في أثناء قيامك بذلك؟

فكِّرْ في أهميتك بالنسبة للآخرين، والتي هي جزء لا يتجزأ من تجاربك وقراراتك وأفعالك السابقة. اسأل نفسك كيف تعيش حياتك وما الغاية منها، وابحث عن أية اهتمامات أو كفاءات أو سمات شخصية متَّسقة يمكن أن تحقِّق أهدافك المستقبلية أيضاً، ثمَّ استكشِفْ كيفية ارتباطها بمهمتك وشغفك وأهدافك من خلال كتابة عرض القيمة الشخصية، وهو بيان مكوَّنٌ من أربعة مكونات ألا وهي المجموعة التي تريد استهدافها، وما تأمل في تقديمه، ومجموعة المنافسين، وقدراتك المميَّزة. إليك نموذج:

إلى [شخص مستهدَف معيَّن أو مجموعة من الأشخاص]، سأُحدث فرقاً من خلال تقديم [القيمة الفريدة والمميَّزة والهامة التي تريد تقديمها]، من بين الجميع [الأشخاص الآخرون الذين يتنافسون أيضاً على إحداث هذا الفَرق، والذين ترغب في الانسجام معهم والتميُّز عنهم]، نظراً إلى [مجموعات المهارات، والسمات الشخصية، والعادات والميول، والخبرات السابقة، ورأس المال الاجتماعي، ورأس المال الثقافي، والشهادات التي ستسمح لك بتقديم خدماتك بمصداقية].

قد يكون عرض القيمة من أحد متخصصي تكنولوجيا المعلومات "إلى رب العمل المحتمل، أنا أفضل مدير للأمن السيبراني يمكن تعيينه من بين جميع المتقدِّمين نظراً إلى الشهادات المتعددة التي حصلتَ عليها والقيادة القوية والمثابرة التي طوَّرتها بوصفي لاعباً رياضياً جامعياً من الدرجة الأولى".

2. تدقيق قيمة علامتك التجارية الشخصية

أنت بحاجة إلى تحديد العلامة التجارية التي تمثِّلها اليوم وتحليلها حتى تعزِّزها أو تعدِّلها لتظلَّ متوافقة مع عرض القيمة الشخصي. فكِّرْ في المواد الأولية التي يتعيَّن عليك العمل بها، بما في ذلك الوعي (ما يعرفه الناس عنك)، والارتباطات (أفكارهم ومشاعرهم ومواقفهم عنك)، والمعنى (القصص التي يعرفونها ويسردونها عنك).

أولاً: سجِّل مؤهِّلاتك، مثل: تعليمك، وتجاربك المهنية أو الشخصية البارزة، وإنجازاتك. يحدِّد هذا مستوى رأس المال الاجتماعي الذي تملكه حالياً وكيفية فهمه والاستفادة منه. بعد ذلك حلِّلْ رأس مالك الثقافي، مثل الخبرة التي اكتسبتها من خلال نشأتك وتفاعلاتك وهواياتك واهتماماتك التي تتيح لك العمل بسلاسة في بيئات مختلفة.

ثمَّ اكتُبْ قائمة بالصفات أو العبارات الوصفية التي تعتقد أنَّها تعبِّر عنك، بما في ذلك الصفات الإيجابية والسلبية. كُنْ دقيقاً قدر الإمكان وتجنَّبْ الأوصاف البسيطة، مثل "خريج جامعة كذا" أو "محلِّل مالي"، وابتكِرْ أفكاراً حول اللغة الوصفية التي تميِّزك، فمثلاً "محلِّل مالي يهتم بالتفاصيل" أو "محلِّل مالي يرى ما هو أبعد من الأرقام"، وتأكَّدْ من أنَّ كل صفاتك مميَّزة بدلاً من "ذكي"، جرِّب "مثقف"، أو "واسع الاطلاع"، أو "متعلِّم"، أو "خبير في حساب التكاليف". استخدِمْ بدلاً من كلمة "مضحك"، "سريع البديهة" أو "بارع في تلطيف الأجواء وإلقاء النكات في الوقت المناسب".

أخيراً: انظر ما إذا كان تقييمك الذاتي يتماشى مع هوية علامتك التجارية المرغوبة، فمثلاً إذا كان عرض القيمة الشخصية يعتمد على كونك قائداً قوياً ومتعاطفاً وقادراً على تحقيق النتائج، فستحتاج إلى استخدام كلمات، مثل "رحيم" و"يركز على النتائج"، فكيف تعرض وتبرز هذه الصفات على نحو جيِّد؟

تمرين هام آخر هنا هو إجراء بعض أبحاث السوق لمعرفة ما إذا كان رأيك في صورتك يبدو صحيحاً بالنسبة للآخرين. حدِّدْ جمهورك الرئيس (مثلاً الزملاء، والرؤساء، والمعلمون، والأسرة، والأصدقاء، والشركاء) واختَرْ عدداً من "رواة الحقيقة" من كلِّ مجموعة (الأشخاص الذين تثق بهم ليقدِّموا لك تغذية راجعة موضوعية). اختَرْ بعض الأشخاص الذين يعرفونك جيداً وبعض الأشخاص الذين بالكاد يعرفونك، وكن شجاعاً بما يكفي لإدراج شخص رفض توظيفك مثلاً.

ادعُ كل شخص لقضاء بعض الوقت معك لمناقشة نقاط قوتك وضعفك بصراحة، ثمَّ اطرح أسئلة مفتوحة، مثل "كيف تصفني لشخص غريب إذا لم أكن معك؟" أو "ما هي الصفات أو العبارات التي تربطني بها على المستوى المهني والشخصي؟" لا تحدِّد طبيعة الجواب، مثل "هل تعتقد أنَّ لديَّ حس دعابة جيِّد؟" اسأَلْ بدلاً من ذلك "هل من شيء يميِّز أسلوبي في المحادثة أو شخصيتي أو اهتماماتي أو خبرتي أو مهاراتي؟"

يمكنك بعد ذلك توخِّي مزيد من الدقة، فاطلُبْ من رواة الحقيقة أن يقيِّموك على أساس السمات التي تريدها، وقارِنْ آراءهم برأيك، وما أوجُه التوافق والاختلاف؟ ما الفجوات التي حدَّدتها، وكيف يمكنك سدها؟

قيِّمْ نفسك أيضاً مقارنة بالمنافسين بمفردك وبمساعدة مستشاريك، ما مجموعات المهارات، والشهادات، ورأس المال الاجتماعي، ورأس المال الثقافي، والسمات الشخصية التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص؟

ما السمات والفوائد الخاصة بك وحدك؟ هذه هي نقاط تميِّزك، وما الأشياء المفقودة من ملفك؟ هذه هي الأشياء التي تحتاج إلى تحسينها.

7 خطوات لبناء علامتك التجارية الشخصية - الجزء الأول

3. بناء سردك الشخصي

إنَّ العلامة التجارية ليست مجرد خليط من الأوصاف في أذهان الآخرين؛ بل هي مبنية على القصص ذات المغزى التي رويتها وكوَّن جمهورك انطباعاً عنها، وأنت بحاجة إلى تحديد وصياغة وتحسين الروايات التي تعبِّر عنها. فكِّرْ في الأوقات التي شعرتَ فيها بأنَّك أكثر صدقاً وحيوية وإيجابية وإنتاجية، عندما تميَّزتَ عن الآخرين، وعندما أدى تفردك إلى النجاح، وعندما جسَّدت تماماً العلامة التجارية التي تريد امتلاكها.

إذا قال لك أحد القائمين على مقابلة التوظيف: "أخبِرني عن نفسك"، لا تسرد سيرتك الذاتية أو حتى تصف سمات علامتك التجارية؛ بل شارِكْ قصصاً توضيحية عن نفسك وتجاربك، فمثلاً "في جميع المناصب التي تراها في سيرتي الذاتية، لقد أديت دوراً واحداً ألا وهو حل المشكلات.

عانى فريقي من عملية مراجعة قديمة في الآونة الأخيرة، لذلك قضيت الشهر الماضي في العمل مع زميل في تكنولوجيا المعلومات لإعادة تصميمها، ومنذ ذلك الحين ازدادت معدَّلات الإنجاز في الوقت المحدَّد بنسبة 100%. وبالمثل فإنَّ إجابتك عن سؤال "من أين أنت؟" يمكن أن تتحول من "نيوجيرسي" إلى "أنا من جزء ريفي من نيوجيرسي، فقضيت طفولتي في المشي مسافات طويلة في الجبال وإشعال النار في المخيَّمات، وماذا عنك؟" هذه طريقة لإظهار أنَّك مغامر وواسع الحيلة دون أن تقول ذلك صراحة.

يصبح عرض القيمة الشخصية أكثر إقناعاً ورسوخاً في الذاكرة عندما تنقله بالقصص.

في الختام

تحدَّثنا في هذا الجزء عن 3 خطوات لبناء علامة تجارية شخصية، وسنتحدث عن باقي الخطوات في الجزء الثاني.