في عالم اليوم المضطرب سياسياً واقتصادياً، لا تستطيع العلامات التجارية أن تتخذ موقفاً حيادياً؛ بل يجب أن تختار القضايا التي تدعمها وتناقشها بشفافية، حتى إنَّه يجب عليها إنشاء الحملات وعلاقات التعاون وفقاً لها؛ وذلك خيار صحيح أخلاقياً، ويريده العملاء أيضاً.
وَفقاً لتقرير أصدرته شركة "إيدلمان" بعنوان "إرند براند 2018" (Earned Brand 2018)، فإنَّ 64% من المستهلكين العالميين سيختارون أو يغيرون أو يتجنبون أو يقاطعون علامة تجارية بناءً على مواقفها في القضايا السياسية والاجتماعية، مع العلم أنَّ هذه النسبة كانت 51% في عام 2017، وينطبق هذا خاصة على المشترين الأصغر سناً؛ إذ إنَّ أكثر من 90% من جيل الألفية قد يغيرون العلامة التجارية التي يتعاملون معها إلى أخرى تناصر قضية تهمُّهم، وسنقدِّم في هذا المقال 6 علامات تجارية معروفة مسؤولة اجتماعياً، وهي:
1. شركة "دبليو دبليو إي" (WWE)
تشتهر شركة "دبليو دبليو إي" (WWE) بالمصارعة العنيفة، ولكن لديها جانب لطيف خارج الحلبة؛ إذ شاركت في "دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص" (Special Olympics World Games) لعام 2019، وهو حدث رياضي عالمي يضم آلاف الرياضيين من ذوي الإعاقات الذهنية.
إذ انضمت المصارعة "ساشا بانكس" (Sasha Banks) بصفتها واجهة للتعاون، إلى مصارعين آخرين ومديرين تنفيذيين من شركة "دبليو دبليو إي" (WWE) للمشاركة في أحداث مختلفة حول العالم، كما عرضت الشركة المباريات على قنواتها التلفزيونية ومنصاتها الرقمية، وأنشأت محتوى ترويجياً للحدث العالمي.
هذه ليست سوى إحدى مراحل تعاون الطرفين، الذي بدأ عندما كانت شركة "دبليو دبليو إي" (WWE) شريكاً مؤسساً في "دورة ألعاب الولايات المتحدة الأمريكية" (USA Games) لعام 2014.
وقد قالت "ستيفاني مكمان" (Stephanie McMahon) مديرة العلامة التجارية في شركة "دبليو دبليو إي" (WWE): "يلهم رياضيو الأولمبياد الخاص نجوم شركة "دبليو دبليو إي" (WWE) والناس من جميع أنحاء العالم ليصبحوا أناساً أفضل، ويبرز الشغف والالتزام اللذين يبدونهما تجاه رياضاتهم وزملائهم في الفريق أفضل الصفات البشرية، ونحن فخورون بدعم الرياضيين في الأولمبياد الخاص وهم يتنافسون على المستوى العالمي".
2. شركة الخطوط الجوية "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines)
شركة الخطوط الجوية "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines) هي أيضاً شريك قديمٌ ومعروف في الأولمبياد الخاص؛ إذ ساعدت الشركة على نشر بهجة العطلة؛ وذلك من خلال نقل 35 رياضياً من المشاركين في الأولمبياد الخاص في رحلة مميَّزة للموسم الخامس على التوالي؛ إذ حلَّق الأطفال لوقت قصير وعندما هبطوا، كانت صالة المطار قد تحوَّلت إلى أرض عجائب خيالية، رُحِّب حينها بهم وقدَّم لهم المعجبون الهدايا والرسائل.
كما قالت المتطوعة "تامي كاسترو" (Tammy Castro): "يستغرق الأمر شهوراً من التخطيط، وعدداً كبيراً من المتطوعين وكثيراً من الدعم من المجتمع، يتعلق الأمر كله بالعطاء؛ ذلك الشعور الداخلي الذي لا يوصف؛ لهذا السبب أتطوَّع وأساهم".
تشارك شركة الخطوط الجوية "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines) أيضاً في حملات "#ثورة_الاندماج" (#InclusionRevolution) للأولمبياد الخاص و"#اختر_الاندماج" (#ChooseToInclude)، لتشجيع الناس على الالتزام بالاندماج ووضع حد للتمييز ضد الأشخاص الذين يعانون من الإعاقات الذهنية.
وتشجِّع الشركة الزبائن والموظفين على حد سواء للمساهمة في القضية؛ إذ يستطيع زبائنها التبرع للأولمبياد الخاص بوصفه جزءاً من برنامج "تشاريتي مايلز" (Charity Miles)، كما يتطوع الموظفون ويجمعون التبرعات لأحداث مثل الاحتفال بالذكرى الخمسين للأولمبياد الخاص، وأنشأت الشركة برامج تدريب خاصة للموظفين لخدمة الزبائن الذين يعانون من الإعاقات الذهنية.
3. شركة "يونيليفر" (Unilever)
تبذل شركة "يونيليفر" (Unilever) إحدى أكثر جهود الاستدامة شمولاً في عالم الشركات؛ ففي عام 2010، أطلقت العلامة التجارية "خطة الحياة المستدامة" (Sustainable Living Plan)، التي أنشأتها لتحسين البصمة البيئية للشركة وزيادة تأثيرها الاجتماعي.
تستخدم شركة "يونيليفر" (Unilever) الوسم "#حياة_مستدامة" (#sustliving) لاستعراض جهودها نحو تحقيق الاستدامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتشجيع الجماهير على استعراض جهودهم.
في الآونة الأخيرة، أعلنت الشركة أنَّها ستستثمر 100000 يورو في حملة تعهيد جماعي لإنتاج مسحوق غسيل خالٍ من البلاستيك، وكان ذلك نتيجة الحدث الذي أطلقته الشركة "ريثينك بلاستيك" (RethinkPlastic)، الذي استمر ليوم واحد، وطلب من أفضل المصممين والمبتكرين وأصحاب رأس المال تقديم حل للتقليل من النفايات البلاستيكية، وقد أعلنت العلامة التجارية أيضاً في عام 2017 أنَّ عبواتها البلاستيكية ستكون قابلة لإعادة الاستخدام بالكامل، أو لإعادة التدوير، أو للتحلل بحلول عام 2025.
جهود الاستدامة مفيدة للبيئة والشركات أيضاً؛ إذ أظهر تقرير حديث أنَّ العلامات التجارية الأكثر استدامة التابعة لشركة "يونيليفر" (Unilever)، بما في ذلك علامة "دوف" (Dove)، و"فازلين" (Vaseline)، و"ليبتون" (Lipton)، نمت بنسبة 46% أسرع من غيرها، وحققت نسبة 70% من النمو في مبيعاتها.
4. شركة "ميرك" (Merck)
تحتل الصيدلانية "ميرك" (Merck) مكاناً في قائمة "#جست100" (#Just100) للشركات التي "تعمل بما يخدم أمريكا" التي أعدتها شركة "فوربس" (Forbes).
إنَّ التحلي بالمسؤولية هو محور مهمة شركة "ميرك" (Merck)؛ وذلك واضح من برامج مثل "ميرك للأمهات" (Merck for Mothers)، وهي مبادرة مدتها 10 سنوات بقيمة 500 مليون دولار لتحسين وصول الأمهات إلى الرعاية الصحية.
كما أطلقت الشركة الحملة الاجتماعية "#واقع_يومي" (#EverydayReality)؛ وذلك لزيادة الوعي بحملة "شهر السكري الأمريكية" (American Diabetes Month)؛ إذ تشارك قصص الأمريكيين المصابين بداء السكري، والصراعات التي يمرون بها كل يوم، ولضمان استمرار المحادثة على وسائل التواصل الاجتماعي، تدعو شركة "ميرك" (Merck) الآخرين لمشاركة قصصهم على موقع الحملة الإلكتروني.
5. شركة "بيبسي" (Pepsi)
في عام 2006، أطلقت شركة "بيبسي" (Pepsi) مبادرة "بيبسي بريفورمانس ويذ بربس" (Pepsi Performance with Purpose)، التي تهدف إلى تحقيق "نمو مستدام طويل الأمد وترك بصمة إيجابية في المجتمع والبيئة"، وتتضمن أهدافاً تأمل الشركة تحقيقها بحلول عام 2025 في ثلاثة مجالات: المنتجات والكوكب والناس؛ فعلى سبيل المثال، تخطط شركة "بيبسي" (Pepsi) لتقليل السكريات المضافة إلى منتجاتها، وخفض انبعاثات الكربون، وخلق مزيد من فرص العمل للمزارعين.
كما تشارك شركة "بيبسي" (Pepsi) مستوى تقدُّمها على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام وسم "#بي_دبليو_بي2025" (#PwP2025)، وفي عام 2011، أطلقت شركة "بيبسي" (Pepsi) برنامج التطوع العالمي "بيبسي كوربس" (PepsiCorps)، وفي عام 2016 تعاونت مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لتوصيل الطعام إلى "إثيوبيا"، وفي الفترة الأخيرة أعلنت عن هدف جديد هو استخدام مواد معاد تدويرها بنسبة 25% في عبواتها البلاستيكية بحلول عام 2025.
وقالت "إندرا نويي" (Indra Nooyi) المديرة التنفيذية لشركة "بيبسي" (Pepsi): "إنَّ نجاحنا ونجاح المجتمعات التي نخدمها والعالم الأوسع مرتبط ببعضه ارتباطاً وثيقاً، وطموحنا في إنشاء شركة جيدة أخلاقياً وتجارياً بدأ يؤتي ثماره، وهذا يؤدي إلى تأثير أوسع وأكثر ديمومة مما كنا نتخيله في أي وقت مضى".
6. شركة "أوفيس ديبوت" (Office Depot)
تتخذ بعض العلامات التجارية خطوات كبرى لتحسين تأثيرها العالمي، بينما تركز علامات أخرى على إجراء تحسينات على نطاق أصغر في المجتمعات التي تخدمها، وتقوم شركة "أوفيس ديبوت" (Office Depot) بكليهما.
في "تقرير الاستدامة لعام 2018" (2018 Sustainability Report)، أعلنت العلامة التجارية أنَّها قلَّلت من النفايات بنسبة 48% على مدار العام؛ أي نحو 27.6 ألف طن متري، كما خفضت شركة "أوفيس ديبوت" (Office Depot) انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 19% واستهلاك الطاقة بنسبة 11%، وأعادت تدوير 6 ملايين رطلاً من خراطيش الحبر القديمة، بالإضافة إلى 1.5 ألف رطل من الهواتف المحمولة والبطاريات.
وبالإضافة إلى جهود الاستدامة، تظهر شركة "أوفيس ديبوت" (Office Depot) التزامها بمساعدة العلامات التجارية وموظفيها من خلال عرض "ووركونومي بزنس سيرفيسس" (Workonomy Business Services)، وهو بمنزلة شبكة دعم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، تقدم للشركات كل شيء، بدءاً من استكشاف الأخطاء التقنية وإصلاحها إلى تقديم الاستشارات وخدمات النسخ والتخزين وغيرها.
كما تسلط حملة "#ديبوت_ديفيرنس" (#DepotDifference) الضوء على الطرائق العديدة التي تساهم بها شركة "أوفيس ديبوت" (Office Depot) في المجتمع على مدار العام من حقائب العودة إلى المدرسة إلى التبرع بالألعاب في العطلات وغيرها، وتبحث الشركة باستمرار عن طرائق لدعم المجتمعات المحلية.
العمل الاجتماعي مفيد لجميع الأطراف
لا يقتصر تحمُّل الشركات للمسؤولية الاجتماعية على التمتع بأخلاق حميدة؛ إذ يريد زبائن اليوم معرفة ما إذا كانت العلامات التجارية ترد الجميل لمجتمعاتها، ويريدون فهم تأثيرها في البيئة، ويطالبونها باتخاذ خطوات لتقليل بصمتها الكربونية، والعلامات التجارية التي لا تفعل ذلك تخاطر بخسارة زبائنها لمنافسين يتحلَّون بالمسؤولية الاجتماعية.