بدأ التسويق الشفهي رسمياً في أوائل السبعينيات، عندما أنشأ عالِم النفس "جورج سيلفرمان" (George Silverman) "مجموعات تأثير الأقران عن بُعد" (Teleconfered peer influence groups)؛ إذ جمعت هذه الفعاليات الأطباء معاً لمناقشة أحدث المنتجات الصيدلانية.

وتوصَّل "سيلفرمان" خلالها إلى اكتشاف مثير للاهتمام، وهو أنَّ الصيادلة الذين كانوا يشككون في بعض المنتجات، وحتى أولئك الذين توقفوا عن بيعها، يمكن أن يتأثروا بالآراء الإيجابية لزملائهم، وحينها كانت بداية التسويق الشفهي استراتيجية مدروسة.

اليوم لا نحتاج إلى مجموعات تأثير الأقران عن بُعد لمساعدة العملاء على الاتصال، فهم يجرون بالفعل ملايين الاتصالات يومياً عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ويقع على عاتق المسوِّقين فقط رعاية هؤلاء العملاء وإلهامهم لمشاركة الرسائل الإيجابية عن علامتهم التجارية، وهنا يأتي دور برامج المناصرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

فوائد برامج المناصرة على وسائل التواصل الاجتماعي

تُعَدُّ المناصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أفضل الاستراتيجيات التي يمكن للمسوقين استعمالها لتنمية جمهورهم في الوسط الرقمي اليوم؛ إذ وجدت دراسة حديثة أنَّ 92% من العملاء يثقون بتقييمات أقرانهم أكثر من رسائل المسوقين.

وتعطي التغييرات الجديدة على خوارزميات الشبكات الاجتماعية الأولوية للمنشورات من الأصدقاء والعائلة أكثر من محتوى العلامات التجارية والناشرين. إضافة إلى ذلك، تُعَدُّ المناصرة أيضاً من مهارات إدارة وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسة التي تحتاج إليها للتميُّز عن الآخرين بصفتك مسوقاً اجتماعياً.

وإذا لم تقتنع بعد، فضع في حسبانك أنَّ العلامات التجارية أنفقت 563 مليار دولار على الإعلانات، و9 مليارات دولار على خدمة العملاء؛ أي إنَّ 2% فقط من وقتهم ومواردهم كانت مكرَّسة لرعاية العملاء الحاليين.

الخبر السار هو أنَّ المناصرة الاجتماعية تسمح لك برعاية المشترين المخلصين، والوصول إلى جماهير جديدة في آنٍ واحد، وغالباً ما تكون تكلفتها أقل من الإعلانات العادية؛ وذلك لأنَّ العملاء ينتجون المحتوى بأنفسهم ولا يتعين عليك إنشاء مواد إبداعية من الصفر.

لذلك، إذا لم تجرِّب المناصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل، أو كنت محتاراً جداً لدرجة أنَّك لم تستطع التعمق فيها، فهذه هي فرصتك للبدء. إليك 5 خطوات لبناء برنامج مناصرة العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي:

1. البحث عن العملاء الذين يحبُّون علامتك التجارية ويستعملون الشبكات الاجتماعية بنشاط

العملاء المناصرون موجودون بالفعل، كل ما يجب عليك فعله هو البحث عنهم، وسيكون بحثك أكثر فاعلية إذا كنت تبحث عن عملاء يتمتعون بهاتين الصفتين: نشروا محتوى إيجابياً عن علامتك التجارية من قبل، ولديهم عدد كبير من المتابعين.

بالطبع، يمكنك العثور على هؤلاء العملاء بسهولة، وإذا كنت تراقب إشعاراتك من وسائل التواصل الاجتماعي عادة، فقد يكون لديك بالفعل بعض الأفكار عن الأشخاص المناسبين، ولكن يمكنك أيضاً أتمتة هذه العملية باستعمال أدوات الإصغاء الاجتماعي التي تدقق بسرعة في النقاشات الاجتماعية وفق الكلمات المفتاحية وأقسام الجماهير، وتحدد مستعملين معينين تنطبق عليهم تلك الصفات.

تحدِّد شركة "سن ترست" (SunTrust) المناصرين الذين يتماشون مع قيمها بنجاح؛ إذ تهدف حركة "أُون آب" (onUp) التي أطلقتها الشركة إلى إراحة الناس من التوتر بشأن خططهم المالية وبعث الثقة، وتعمل الشركة على التعاون مع المؤثرين، مثل الأم "كريستي" (Christie) وهي صاحبة المدونة "رايزينغ واسيانز" (Raising Whasians) لمشاركة رسائلها عن وضع الميزانية، لا سيما خلال موسم العطلات.

موَّلت الشركة منشورات "كريستي" التي تتحدث عن الاستمتاع بالعطلة دون الإفلاس، بوصفها جزءاً من حركة "أُون آب" (onUp)، وأعاد مشاركتها عدد من المدونين الآخرين المهتمين بالميزانية على موقع "تويتر" (Twitter).

2. تشجيع العملاء على المشاركة نيابة عن علامتك التجارية

الخطوة التالية هي خلق الفرص للمناصرين لمشاركة المحتوى. يمكنك التواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني، وطرح مجموعة متنوعة من الأفكار، على سبيل المثال:

  • دعوة العملاء لنشر تقييماتهم على موقع "يلب" (Yelp)، أو قنواتهم الاجتماعية، أو موقعك الإلكتروني.
  • إطلاق فعاليات عبر الإنترنت حيث يمكنهم طرح الأسئلة وبدء المناقشات، على سبيل المثال، يستضيف برنامج إدارة التعلم "سكوولوجي" (Schoology) نقاشاً على موقع "تويتر" (Twitter) تحت هاشتاغ "#دردشة_سكوولوجي" (#SchoologyChat)، التي يديرها مناصروه بالكامل.
  • تزويد العملاء بقوالب أو صور يمكنهم استعمالها.
  • حث العملاء عبر طرح سؤال أو استعمال هاشتاغ يلهمهم على النشر، على سبيل المثال، بدأت شركة "ستاربكس" (Starbucks) حملة "غرِّد-قهوة" (Tweet-a-Coffee)، عبر دعوة الناس لشراء القهوة لأصدقائهم من خلال مشاركة منشور مشيرين فيه إلى حساب "@تويت_إيه_كوفيه" (@tweetacoffee) وحساب أحد الأصدقاء، وشارك في الحملة 27000 شخصاً، وأنتجت 180,000 دولاراً في شهر تقريباً.

باستعمال هذه التكتيكات، يمكنك تسهيل مشاركة المناصرين في برنامجك قدر الإمكان.

3. تقديم حافز للمشاركة

أفضل حافز للعملاء لمناصرة علامتك التجارية هو حبُّهم الحقيقي لشركتك، ولتكوين علاقات قوية مع عملاءك حقاً، يجب عليك تثقيفهم عن قيم علامتك التجارية وتقديم تجارب عملاء رائعة تقرِّب بينكم.

كما قال "بريان سوليفان" (Brian Sullivan) من شركة "سوليفان براندينغ" (Sullivan Branding): "لا أحد يناصر علامة تجارية لا يفهمها أو يؤمن بها. المسألة ليست تشجيع المستهلكين على أن يكونوا مناصرين؛ بل تثقيفهم وتقديم دليل على استحقاق العلامة التجارية لدعمهم. يتطلب حشد مناصرين إجراء حوار مستمر".

ومع ذلك، يحتاج العملاء أحياناً إلى حافز لإنتاج المحتوى، وهذه فرصة ممتازة لك لإظهار تقديرك لجمهورك المخلص من خلال:

  • متابعتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • عرض محتواهم على موقعك الإلكتروني أو القنوات الاجتماعية، وأفضل خيار لهذا هو خاصية "القصص" (Stories) على موقع "إنستغرام" (Instagram)، خاصة الآن؛ وذلك لأنَّه يمكنك بسهولة إعادة إرسال محتوى وقصص الأشخاص إلى حسابك.
  • إرسال هدية من الشركة أو عروض خاصة لهم، على سبيل المثال، تمكَّنت شركة "شوبفي" (Shopify) من الحصول على 50 تقييماً للمنتج في أسبوع واحد فقط عن طريق طلب ذلك من العملاء وتقديم قسيمة.
  • تحويل المشاركة إلى لعبة من خلال المسابقات، على سبيل المثال، تستضيف شركة "نيكون" (Nikon) مسابقة "#مسابقة_صورة_نيكون" (#Nikon_Photo_Contest) تقدِّم فيها جوائز نقدية وتقدير.
  • تقديم معاينات ونظرات حصرية على المنتجات. هذه استراتيجية شائعة بين المؤثرين على موقع "إنستغرام" (Instagram) وموقع "يوتيوب" (YouTube)، خاصةً عندما يجرون قرعة على الهدايا خلال العطلات.
  • استضافة فعاليات خاصة لمناصريك، على سبيل المثال، أطلقت شركة "ليفيز" (Levi’s) استوديو متحرك للترويج لبنطال الجينز الجديد للنساء الجامعيات؛ إذ يختارون للنساء بنطال جينز يناسبهن ويغيرون مظاهرهن لتلائم إطلالتهن الجديدة.

لا تشجع هذه الحوافز العملاء على أن يصبحوا مناصرين فحسب؛ بل تساعد أيضاً على تقوية هذه العلاقة وبناء الثقة.

4. إعادة نشر واستعمال محتوى المستعملين

يمكنك توسيع مدى وصول محتوى المستهلكين وإطالة عمره؛ وذلك من خلال الاستفادة منه على موقعك الإلكتروني وقنواتك، وبهذه الطريقة يمكنك مواصلة النقاش والإظهار لمناصريك أنَّك تقدِّر آراءهم وإبداعاتهم وتعليقاتهم حقاً.

على سبيل المثال، تخصص شركة "كالفن كلاين" (Calvin Klein) صفحة كاملة من موقعها الإلكتروني لاستضافة منشورات موقع "إنستغرام" (Instagram) التي تحمل هاشتاغ "#ماي كالفينز" (#MyCalvins). ذلك يمنح العملاء المجال للتعبير، ويحفزهم على مشاركة منشوراتهم للحصول على فرصة للظهور على الموقع.

تعرض شركة "شاربي" (Sharpie) أيضاً إبداعات العملاء على حسابها على موقع "إنستغرام" (Instagram) وتدعو مستعملي المنصة إلى استعمال الهاشتاغ ""#فن_شاربي" (#SharpieArt) للحصول على فرصة لإعادة نشر الشركة لمحتواهم والظهور لمتابعيها الذين يصل عددهم إلى 300000 متابعاً.

5. توسيع شبكة مناصريك باستمرار

عندما يتعلق الأمر ببناء شبكة مناصرين، فإنَّ البداية هي أصعب جزء؛ وذلك لأنَّ المناصرين هم الذين يجذبون المناصرين. وفقاً لطبيعة البرنامج، كلما زاد عدد الأشخاص المشاركين فيه، زاد عدد الأشخاص الذين يتعرفون علامتك التجارية ومجتمع عملاءك.

هذا لا يعني أنَّ عملك ينتهي بعد إطلاق مبادرتك، فكما هو الحال في جميع العلاقات، عليك أن تستمر في رعاية عملاءك وإلهامهم وتحفيزهم ليبقوا مخلصين لعلامتك التجارية، ونشر إبداعاتهم وجذب الآخرين، وعند القيام بذلك، تتوفر لديك آلية ناجحة لجذب المناصرة تعمل جنباً إلى جنب مع جهودك الإعلانية المنتظمة.

دمج المناصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في استراتيجيتك الرقمية

المناصرة على وسائل التواصل الاجتماعي ليست عملاً منعزلاً يحصل مرة واحدة. في أثناء التخطيط لأهدافك على الوسائط الرقمية لهذا العام، ابذل جهداً دائماً لتحديد وتحفيز المناصرين لعلامتك التجارية على التفاعل ليستمر الترويج، ومع مرور الوقت ستُكوِّن علاقات أقوى مع عملاءك وفي الوقت نفسه ستتمكَّن من الوصول إلى جماهير جديدة بفضل جهودهم.

ولا تنسَ أهمية منصة الموظفين المناصرين، على سبيل المثال، أشاد عملاء شركة "بوست كونسيومر براندز" (Post Consumer Brands) بها مؤخراً لإعادة إحدى موظفاتها الشهيرات بعد التقاعد إلى العمل بصفتها سفيرة للعلامة التجارية؛ إذ طالما كانت تلك الموظفة وجهاً وصوتاً مرتبطاً بمنتج "هني بنشز أوتس" (Honey Bunches of Oats) يحبُّه الجمهور، وإعادتها إلى الشركة كان أشبه بعودة صديق قديم.

عند وضع استراتيجياتك الرقمية، فكر في طرائق جديدة لتوسيع مدى وصول كل حملة. ويعدُّ تحفيز المناصرين الاجتماعيين طريقة رائعة للقيام بذلك. وتذكر أنَّه في بعض الأحيان لا تحتاج إلى البحث مطولاً للعثور على أفضل المناصرين، فقد يكونون بالفعل في متجرك.