وصلت ميزانية التسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى أعلى مستوياتها هذا العام؛ إذ ارتفعت بنسبة 74%، وبلغت نسبتها من الميزانية الكلية للتسويق 23% وفقاً لموقع "ذا سي إم أو سرفي" (The CMO Survey)، ويتوقَّع المسوقون أن يستمر الإنفاق على التسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي بهذا المعدَّل المرتفع الجديد حتى في العام المقبل.

بين تراجُع عدد الفعاليات وانخفاض الميزانيات والتغيُّر في طلبات المستهلكين، يحتاج مديرو التسويق اليوم من برامج وسائل التواصل الاجتماعي أن تقدِّم نتائج أكثر من أي وقت مضى، لكن يجب أن تسأل نفسك أولاً ما إذا كانت استراتيجيتك لوسائل التواصل الاجتماعي جيدة بما فيه الكفاية؛ ففي تقرير "الموضوعات الرائجة على شبكات التواصل الاجتماعي لعام 2021" (2021 Social Trends) القائم على استطلاع شمل 11100 مسوِّقاً ومقابلات مطولة مع خبيرين في وكالات إعلانية وعلامات تجارية ومنصات اجتماعية، يمكن ملاحظة استراتيجيات وأساليب تُميِّز الشركات الأفضل على مواقع التواصل الاجتماعي، إليك 5 أسئلة لتطرحها على نفسك وتقارن نفسك بهم:

1. هل تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لاستعادة تجارب الزبائن المفقودة؟

مع زيادة الضغوطات لاستعادة الإيرادات التي تسبَّبت الجائحة بخسارتها، ليس من الغريب أنَّ المسوقين صنَّفوا اكتساب الزبائن كأهم أهدافهم على مواقع التواصل الاجتماعي في التقرير.

ما هي أهم 3 نتائج تسعى إليها شركتك أو عميلك باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي هذا العام؟

اكتساب عملاء جدد: 73%.

زيادة الوعي بالعلامة التجارية: 64%.

تشجيع التفاعل (الحملات المجانية، والشراء، والاستفسار عن المنتج): 45%.

رفع معدل الحفاظ على الزبائن: 73%.

تحسين تجربة الزبون: 23%.

تحسين الميزة التنافسية للعلامة التجارية: 18%.

تحسين رؤى العملاء: 16%.

حماية العلامة التجارية / تخفيض المخاطرة: 5%.

تحسين تجربة الموظف: 4%.

غيرها: 2%.

لكن من المثير للاهتمام ملاحظة تراجُع ترتيب تحسين تجربة الزبون في القائمة؛ إذ عدَّها 23% فقط من المشاركين في الاستطلاع أحد أهدافهم الثلاثة الأهم، على الرغم من أنَّ الجائحة جعلت العديد من التجارب التي اعتمدت عليها العلامات التجارية لتحفيز النمو والتمييز عديمة الفائدة.

تحاول الشركات الآن إعادة رسم حضورها الإلكتروني لملء الفراغ الذي خلَّفه غياب الفعاليات والمؤتمرات التي تربط فرق المبيعات مع العملاء المحتمَلين، وواجهات العرض التي تحفِّز على الاكتشاف والشراء الاندفاعي وتحقِّق زيادةً في العائدات، والمشكلة أنَّ التجارب الافتراضية تشبه في الغالب الصفقات وتركز على مهمة محددة، مثل الضغط على إعلان أو شراء منتج أو ملء استمارة، كان الهدف من هذه الأساليب استكمال التجارب الواقعية وليس استبدالها تماماً، كما أنَّ المعاملات التجارية لوحدها لا تكوِّن علامة تجارية مميزة أو تعزز الولاء أو تحفِّز النمو على الأمد الطويل.

لذا، في حين أنَّ الميل نحو اكتساب العملاء بأساليب قصيرة الأمد منطقي وفي بعض الحالات ضروري، لكنَّ المديرين التسويقيين بحاجة إلى التفكير في المستقبل؛ حيث تتوقَّع شركة الأبحاث "فوريستر" (Forrester) أنَّ الإنفاق على التسويق لتعزيز الولاء والحفاظ على العملاء سيرتفع بنسبة 30% في عام 2021؛ حيث سيتمكَّن مديرو التسويق من التحكُّم تحكُّماً كاملاً في دورة حياة العميل.

تتمحور وسائل التواصل الاجتماعي حول الاكتشاف والاتصال والمرح، وتستخدم الشركات الرائدة خاصيات البث المباشر والفيديوهات القصيرة وميزات التجارة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمعاملات المباشرة لإعادة صياغة تجربة العميل بحيث تتناسب مع الوسط الجديد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فتساعد هذه التجارب المبتكرة الشركات على تحسين عائد استثمارها وتعزيز الولاء والتميُّز بين الأعداد المتزايدة من المسوقين عبر الإنترنت الذين يحاولون جني المال في اقتصاد يتجه نحو الأسوأ.

2. هل تحصل على معلومات عن العملاء من "الإصغاء الاجتماعي" (social listening)؟

يعتمد المسوقون على "الإصغاء الاجتماعي" (social listening) لمراقبة ظهور الكلمات المفتاحية وتتبُّع الآراء والبحث عن فرص لنشر اسم العلامة التجارية في الحوارات الرائجة، لكنَّ أزمات عام 2020 أكَّدت على أهمية استخدام الإصغاء الاجتماعي كأداة لجمع المعلومات وتقديم أفكارٍ سريعة، وهو أمر تحتاج إليه الشركات لتعمل بمرونة وتتكيف مع التغييرات المتسارعة.

وفقاً لتقرير "الموضوعات الرائجة على شبكات التواصل الاجتماعي لعام 2021" (2021 Social Trends) من منصة "هوتسوت" (Hootsuite)، يقول 66% من المسوقين إنَّ الإصغاء الاجتماعي رفَعَ القيمة التي تجنيها شركاتهم خلال السنة الماضية.

العلامات التجارية التي تجمع المعلومات بانتظام من الإصغاء الاجتماعي قادرة على تعديل عروضها بسرعة لتتكيف مع احتياجات العملاء المتغيرة، على سبيل المثال، حلَّلت الشركة الفرنسية للعناية بالبشرة ومستحضرات التجميل والعطور الفاخرة "كلارنس" (Clarins) في بداية الجائحة الموضوعات المتداولة بين عملائها باستخدام أداة الإصغاء الاجتماعي "براندواتش" (Brandwatch) وأدركت أنَّ حملاتها التي كانت قد خططت لها سابقاً لن تؤدي غرضها، فقد تراجع الاهتمام بمستحضرات التجميل بسرعة، لكنَّ المعلومات التي جمعتها كشفت عن فرصة جديدة؛ إذ كان الناس يركزون على روتين العناية بالذات خلال الحجر الصحي.

وتبعاً للموضوعات الرائجة في عمليات البحث والقنوات الاجتماعية، عمل الفريق مع منصة "هوتسوت" (Hootsuite)، على تطوير استراتيجية للتسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ونظراً للوضع الاقتصادي المضطرب للزبائن، قرر الفريق تركيز جهوده نحو تسليط الضوء على الحسومات الحالية على منتجات العناية بالبشرة والتي من شأنها جذب العملاء الذين يواجهون ضائقة مالية.

حققت هذه الاستراتيجية نجاحاً هائلاً، فأصبحت الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي إحدى الاستثمارات الإعلامية الرئيسة للعلامة التجارية لشركة "كلارنس" (Clarins)، وبحلول نهاية الربع السنوي، جذبت الإعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي 30000 زيارة إلى موقع الشركة الإلكتروني، ونسبة نقر تتجاوز بكثير الأرقام السابقة.

3. هل تتجاهل جيل طفرة المواليد في تسويقك الإلكتروني؟

كان العام الماضي نقطة تحوُّل بالنسبة إلى جيل "طفرة المواليد " (baby boomers) على الإنترنت؛ إذ إنَّ قضاء كمية أكبر من الوقت في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاهدة الفيديوهات والمشاركة في الألعاب على الإنترنت والدفع باستخدام الهواتف الذكية أنتج أنواعاً جديدة من الثقافة التكنولوجية وعادات يُتوقَّع أن تدوم حتى بعد الجائحة، ووفقاً لتقرير "ديجيتال 2020" (Digital 2020) من منصة "هوتسوت" (Hootsuite) وموقع "وي آر سوشال" (We Are Social)، اشترى 70% من مستخدمي الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين 55-64 عاماً شيئاً عبر الإنترنت خلال الشهر الماضي.

بينما لا تزال الإعلانات التقليدية عبر التلفاز إحدى الطرائق الأكثر فاعلية للوصول إلى هذه الفئة العمرية، إِلَّا أنَّ إلغاء الاشتراك بالقنوات التلفازية بلغ أعلى نسبه في عام 2020، وفي الحقيقة، تتوقع شركة الأبحاث "إي ماركتر" (eMarketer) أن يفوق عدد المنازل غير المشتركة بقنوات التلفاز تلك المشتركة بحلول عام 2024.

في هذه الأثناء هناك زيادة بمعدَّل 66% في اكتشاف الأفراد المنتمين إلى جيل طفرة المواليد للعلامات التجارية والمنتجات الجديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأربع الماضية، ووفقاً لموقع "غلوبل ويب إنديكس" (GlobalWebIndex)، يقضي أكثر من ربع جيل طفرة المواليد اليوم وقتاً أطول على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الجائحة، وفي حين لا يزال موقع "فيسبوك" (Facebook) الطريقة الأساسية للوصول إلى هذه الفئة العمرية، لكنَّ جيل طفرة المواليد بدأ باستخدم منصات جديدة أيضاً؛ حيثُ حَظي هاشتاغ "#أكبر_من_50" (#Over 50) بانتشار واسع على موقع "تيك توك" (TikTok) خلال عام 2020 وأنتجت مشاركة جيل طفرة المواليد في المحادثات الثقافية 800 مليون مشاهدة.

يمكن للمسوقين الذين يُنوِّعون طرائق وصولهم إلى هذه الفئة العمرية التي تزداد مهاراتها باستخدام التكنولوجيا أن يتفوقوا على الشركات الأخرى التي لا تزال تحدُّ التفرقة العمرية والقوالب النمطية من نظرتها، لكنَّ استهداف الصفات الصحيحة هو المفتاح، فعوضاً عن استهداف جيل طفرة المواليد تبعاً للعمر فقط، استهدف الشغف والهوايات، وبهذه الطريقة ستجذب جمهوراً ينتمي إلى أجيال عدة مما قد يُمثِّل فرصاً جديدة لتحقيق الأرباح.

4. هل تدمج البيانات الاجتماعية مع بقية نشاطك التجاري؟

تُظهر البيانات زيادة ثقة الشركات بجميع أحجامها في قدرتها على تحديد عائد الاستثمار لوسائل التواصل الاجتماعي بدقة، فحوالي 20% من الشركات واثقة إلى حد كبير و10% واثقة تماماً بقدرتها على تحديد عائد الاستثمار، ووفقاً لاستطلاع من موقع "ذا سي إم أو سورفي" (The CMO Survey)، زادت مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في أداء الشركات بنسبة 24% من شباط إلى حزيران من العام السابق، وذلك يمثِّل أول زيادة كبيرة في تاريخ الاستطلاع.

تقيس الشركات هذا التأثير بثلاث طرائق تُصنَّف تبعاً لجودتها كالتالي:

  • طريقة جيدة: حيث تستخدم الشركة فقط بيانات المنصات التي تجمعها من مواقع مثل "فيسبوك" (Facebook) و"إنستغرام" (Instagram) و"تويتر" (Twitter) وغيرها، وتبعاً لاستطلاع "الموضوعات الرائجة على شبكات التواصل الاجتماعي عام 2021" (2021 Social Trends)، تقيس 62% من الشركات أداءها الاجتماعي بهذه الطريقة.
  • طريقة أفضل: تستخدم الشركات المتقدِّمة الأدوات الخارجية للدمج بين البيانات الاجتماعية وتحليلات الويب.
  • الطريقة الأفضل: تمتلك الشركات الرائدة منظوراً شاملاً؛ حيثُ تدمج بين البيانات الاجتماعية وتحليلات الويب وإدارة علاقات العملاء وأنظمة تجارية أخرى، مما يؤدي إلى أكبر قدر من الثقة في عائد الاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي.

يؤدي دمج البيانات إلى مستويات أعلى من الثقة في عائد الاستثمار لوسائل التواصل الاجتماعية؛ وذلك لأنَّه يمنح المسوقين نظرة واضحة مع من يتواصلون عبر شبكات التواصل الاجتماعي وما هي نتائج ذلك التفاعل، ووفقاً للاستطلاع تثق 85% من الشركات التي تدمج البيانات الاجتماعية مع أنظمة أخرى بقدرتها على تحديد عائد الاستثمار لوسائل التواصل الاجتماعي.

إحدى تلك الشركات هي شركة "بيير آند فاكنسيز سنتر باركس غروب" (Pierre & Vacances Center Parcs Group) التي تقدِّم أكثر من 275 وجهة لقضاء العطلات، وتعدُّ مجموعة رائدة في قطاع السياحة الأوروبية التنافسي جداً وتمتلك مجموعةً مخلصةً من المعجبين المتفاعلين على شبكات التواصل الاجتماعي، وانطلاقاً من قيمة هذه العلاقات؛ باشرت المجموعة في تصميم استراتيجية تهدف إلى فهْم العملاء بدقة أكثر خلال كل مرحلة من مراحل رحلتهم، مما سينتج عنه رؤى وفرص جديدة للتعامل بفعالية أكبر مع العملاء قبل وفي أثناء وبعد إقامتهم في إحدى وجهاتها السياحية.

قررت الشركة توحيد فريق وسائل التواصل الاجتماعي مع قسم إدارة علاقات العملاء التابع للمبيعات بحيث تدمج الجانب الاجتماعي دمجاً أفضل ضمن استراتيجيتها التجارية الكاملة وتطوِّر قدراتها كقناة لاكتساب العملاء وتعزيز الولاء؛ عبر مشاركة الأدوات والبيانات بين مجموعتي شبكات التواصل الاجتماعي وإدارة علاقات العملاء، وتمكَّنت كلتاهما من اكتساب رؤية أوضح لنقاط الاتصال مع العملاء (customer touchpoints) عبر رحلتهم، وخلق فرص تجارية جديدة.

شهدت شركة "بيير آند فاكنسيز سنتر باركس غروب" (Pierre & Vacances Center Parcs Group) نتائج تجارية قابلة للقياس ومثيرة للإعجاب تَلَت جهودها تلك، مع زيادة سنوية بنسبة 150% في الزيارات من شبكات التواصل الاجتماعي وجذبت أكثر من 62000 عميل محتمل، كانت جودة التحويلات من شبكات التواصل الاجتماعي مثيرة للإعجاب أيضاً؛ إذ فاقت تلك الناتجة عن عمليات الجذب الخارجية بأربع مرات.

5. هل تحدد أهداف علامتك التجارية خلال اجتماعات مجلس الإدارة، أم تترك الأمر للشبكات الاجتماعية؟

من المؤكَّد أنَّ أحداث العام الماضي سرَّعت الانتقال إلى الرأسمالية القائمة على الهدف والمسؤولة اجتماعياً، الأمر الذي كان قد بدأ قبل عام 2020، لكنَّ ذلك ليس بأمر يمكنك التظاهر به أو تقليده ببساطة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا فشلت العلامات التجارية في عام 2020، وأدى الانصياع لرغبة الناس والمشاركة في حوارات ثقافيَّةٍ هامَّةٍ في نهاية المطاف إلى ردود أفعال متسرعة وُصِف العديد منها بالنفاق، وبدت هذه الجهود غير كافية خاصة حين صدرت من العلامات التجارية مثل شركة "باتاغونيا" (Patagonia) أو شركة "بين آند جيري" (Ben & Jerry)، التي تعمل في هذا المجال منذ عقود.

إذا لم يعمل مديرو التسويق عملاً نشطاً نحو إنشاء شركة تركِّز الاهتمام على الهدف، فلا يمكنهم توقُّع أن تُظهرهم فرق التسويق ووسائل التواصل الاجتماعي بمظهر الشركات ذات هدف على وسائل التواصل الاجتماعي، والآن أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يُمثِّل مديرو التسويق صوت العميل ضمن القسم التنفيذي، لمساعدة المديرين التنفيذيين الآخرين على الشعور بأهمية التغييرات الثقافية والتغييرات في آراء العملاء التي تشعر بها الفرق المسؤولة عن قنوات التواصل الاجتماعي يومياً.

في حديثه في أثناء مهرجان التسويق مؤخراً، حثَّ البروفيسور "سكوت جالواي" (Scott Galloway) مديري التسويق على أن يطوروا مهاراتهم في جمع المعلومات وتحليلها، وسلَّط الضوء على حقيقة أنَّ كبار المديرين التسويقيين يخسرون مناصبهم في غضون عامين إذا فشلوا في إثبات مصداقيتهم على الفور، وقال: "مديرو التسويق الذين ينجحون ومن المحتمل أن يرتقوا إلى منصب مديرين تنفيذيين هم الذين يتصرفون على أنَّهم صلة الوصل بين الشركة والسوق".

سيستخدم مديرو التسويق الأقوياء المعلومات التي تجمعها فرق وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدة شركاتهم على التكيُّف مع توجُّهات العملاء الجديدة والأساليب الحديثة للتجارة، وسيقودون شركاتهم نحو طريق جديد للنمو يتطلَّب الموازنة بين بناء شركة أفضل وعالم أفضل.