هذه المقالة مأخوذة عن المدوِّنة آن سمارتي "Ann Smarty"، والتي تحدِّثنا فيها عن تجربتها في إنشاء صفحة "من نحن".

تواجه العديد من الشركات التي صادفتها عبر الإنترنت مشكلةً واحدةً مشتركة: وهي إنشاء صفحة "من نحن" رديئة وغير مقنعة، ولا يبدو هذا الأمر منطقياً؛ ذلك لأنَّ الصفحة هذه تُعدُّ إحدى أهم الميزات التي تمتلكها العلامة التجارية، كما أنَّها لا تتطلب أي جهد أو استثمار دائم كإنشاء الروابط والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تُعدُّ صفحة "من نحن" جزءاً من "رحلة المشتري"؛ حيث يمكن أن تجذب الناسَ إلى زيارة موقعك، وتقنعهم بالتعامل مع شركتك، كما يمكنك أن تستخدمها في تعزيز الثقة بك وبشركتك في ظل هذه الأوقات المضطربة.

يُعدُّ إنشاء صفحة "من نحن" متقَنة مَهمَّةً تُجرى لمرة واحدة فقط، ولكنَّها تكسبك ولاء العملاء للعلامة التجارية، وتعزز معدلات التحويل لشهور عديدة.

لماذا تُعدُّ صفحة "من نحن" الخاصة بك هامةً للغاية؟

1. لأنَّها غالباً ما تكون الصفحة التي تقود الزوار إلى الموقع:

سواء كنت تمتلك شركةً أم كنت تعمل كمدوِّن، تتلقى صفحة "من نحن" الخاصة بك رتبةً عاليةً في طلبات البحث التي تعتمد على العلامة التجارية (تلك التي تحتوي على اسمك أو اسم علامتك التجارية)، أو تظهر ضمن روابط موقعك على أقل تقدير، كما في الصورة:

أو تظهر ضمن روابط موقعك المصغرة:

يعني هذا أنَّ عملاءك غالباً ما يدخلون إلى موقعك من خلال صفحة "من نحن"؛ إذ ينبغي أن تعطي الصفحة انطباعاً أولياً جيداً لتقنع الناس بتصفح موقعك أو التفاعل معه، كما علينا ألا ننسى أنَّ طلبات البحث المتعلقة بالعلامة التجارية تحمل أهدافاً كبيرة؛ وذلك لأنَّ الناس الذين يبحثون عن اسم علامتك التجارية يعرفون شركتك مسبقاً، أو سمعوا عن منتجاتك؛ لذا سيؤدي فشلك في تلبية احتياجاتهم إلى تفويت فرص ثمينة.

2. غالباً ما تزيد من معدلات التحويل:

دائماً ما أتحقق من صفحات "من نحن" الخاصة بالشركة قبل التعامل معها أو شراء منتجاتها، ولا سيما إذا كانت علامةً تجاريةً جديدةً لم أسمع بها من قبل، كما أنَّني أتجنب التعامل مع أي شركة تطلب مني خدمةً ما حينما تكون صفحاتهم رديئة؛ وذلك لأنَّها تعطي انطباعاً سلبياً عن القائمين على العمل.

وأما على الصعيد الشخصي، أتوجه إلى صفحات "من نحن" الخاصة بالعلامات التجارية حينما أرغب بمتابعتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أمَّا غياب صفحة دقيقة ومصممة بإتقان فيؤدي إلى انخفاض معدل التحويلات، وفقدان الروابط الخلفية أو المتابعات.

3. تُعدُّ أداة هامة من أدوات تحسين وحدة الموقع:

لا نعلم بالضبط كيف يقرر محرك البحث "غوغل" (Google) ما إذا كان الموقع يُعدُّ علامةً تجارية، ولكن ثمة نظريات متقَنة يمكن أن تساعده في اتخاذ هذا القرار؛ حيث تُعدُّ صفحة "من نحن" أحد الأدوات المثالية لتحسين وحدة الموقع.

أولاً، ذُكِرت صفحة "من نحن" في إرشادات التقييم البشري في محرك "غوغل" (Google) كإحدى الأساليب لتحديد "خبرة ومصداقية وموثوقية" أي صفحة، ولا يؤثِّر المقيِّمون من البشر تأثيراً مباشراً في نتائج البحث، ولكن تُستخدم تقييماتهم لبرمجة خوارزمية "غوغل" (Google) لتعرف الصفحات التي تحرز مرتبةً أعلى في محركات البحث؛ لذا إذا ظهرت صفحة "من نحن" ضمن الإرشادات، فمن المحتمل أنَّها تُستخدم كمؤشر لتحديد مرتبة المواقع.

وثانياً، تستخدم "غوغل" (Google) المعلومات التي تُدرِجها في صفحة "من نحن" الخاصة بك لإضافة شركتك إلى قاعدة المعرفة؛ لذا من الهام أن تُدرِج أكبر قدر ممكن من التفاصيل.

وبعد أن عرفت كل هذه المعلومات، كيف يمكنك إنشاء صفحة "من نحن" رائعة؟

1. البدء بطريقة جذابة:

لا يقتصر تطبيق هذه الخطوة على الصفحة هذه تحديداً، ولكنَّ ذلك لا يقلل من أهميتها؛ لذا تعامل مع صفحة "من نحن" وكأنَّها بطاقة أعمالك؛ أي ينبغي أن تثير فضول الناس لمعرفة المزيد عن موقعك بمجرد رؤيتها؛ إذ يجب أن تلفت النظر، وتبقى عالقةً في الذاكرة، وتجذب انتباه الزوار من الوهلة الأولى دون الحاجة إلى الاطلاع على بقية الموقع.

على سبيل المثال، تفتتح شركة "سيسكو" (Cisco) الأمريكية موقعها بصورة ورسالة قوية تقول: "ثمة جسر يصل بين الأمل والممكن، تعمل شركة "سيسكو" (Cisco) على إنشاء عالم يزخر بالإمكانات".

كما تبدأ شركة "نيكستيفا" (Nextiva) بشعارها الأساسي الذي يقول: "أنت تستحق أفضل مما نقدِّمه لك بكثير، وإنَّنا نعمل على بناء ذلك، ترتكز "نيكستيفا" (Nextiva) على فكرة مفادها أنَّ جميع الشركات تستحق الأفضل؛ نحن نبني مستقبلاً تتشارك فيه الشركات والتكنولوجيا العمل، في ظل منصة ومساحة عمل واحدة تخلو من أي فوضى".

وتخبرنا شركة "سلاك" (Slack) بما تقدِّمه بالضبط، وتلخِّص أكثر إحصاءاتها المثيرة للإعجاب: "نحن نجعل الحياة المهنية أيسر وأكثر متعةً وإنتاجية، إنَّ موقع "سلاك" (Slack) هو منبر تعاوني يجمع بين الأشخاص المناسبين والمعلومات والأدوات لإنجاز العمل، يستخدم ملايين من الناس حول العالم موقع "سلاك" (Slack) لتعزيز التواصل بين فِرق العمل، وتوحيد أنظمتهم، والمضي بشركاتهم قدماً".

تُعدُّ مشاركة قصة تأسيس علامتك التجارية طريقةً رائعةً لتبقى صفحة "من نحن" الخاصة بك عالقةً في الذاكرة، وتمس حياة الناس، فقد قامت شركة "تيرمينوس" (Terminus) بعمل جيد للغاية حينما أدرجت في صفحتها تاريخ انطلاقها؛ مما يجعلك ترغب في معرفة المزيد عنها: "تأسست شركة "تيرمينوس" (Terminus) في عام 2014 بسبب الحاجة إلى منح فِرَق التسويق والمبيعات في الشركات التي تقدِّم خدماتها لشركات أخرى طريقةً أفضل لتدخل إلى سوق العمل، كانت الفكرة الأساسية بسيطةً للغاية: نظراً لأنَّ 1% فقط من العملاء المتوقعين يتحولون إلى عملاء دائمين، فقد انطلقنا لإيجاد حلول لمساعدة المسوِّقين في العثور على أفضل العملاء، ومنحهم كل ما يحتاجون إليه لإجراء محادثة معهم".

وتبدأ منصة "زوم" (Zoom) بعرض فيديو وقائمة تتضمن قيم الشركة:

لعلَّ بدء صفحتك بوضع فيديو قصير يجذب اهتمام الناس هو أفضل فكرة من بين هذه الأفكار؛ وذلك لأنَّه تبيَّن أنَّ الفيديو يقنع الزوار بتصفح الموقع لفترة أطول، والتفاعل مع الصفحة.

يمكنك إنشاء مقطع فيديو قصير واحترافي في غضون دقائق باستخدام محرر فيديو على الإنترنت، مثل: "إن فيديو" (InVideo) من خلال اتباع الخطوات الآتية:

• اختيار قالب.
• تحميل الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بك (أو استخدم تلك الموجودة في المنصة).
• تحرير عناوين النص لتخبر قصة علامتك التجارية.
• إضافة موسيقى أو تعليق صوتي.

سيستغرق الأمر 30 دقيقة فقط لإنشاء مقطع فيديو جذاب لوضعه على صفحة الهبوط الخاصة بك:

2. ربط علامتك التجارية بكيانات أخرى:

بعد كل الكلام غير المنطقي الذي تنشره "غوغل" (Google) حول الروابط الخارجية غير المتتبعة (nofollowing external links)، أو حتى الربط عموماً؛ يغفل المسوقون والمدونون عن أمر واحد هام، وهو أنَّ الرابط هو الطريقة الوحيدة كي تتصفح "غوغل" (Google) الصفحات في موقع إلكتروني معين، وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج "غوغل" (Google) إلى الروابط كي:

• تفهم مدى تداول الصفحة (وبالتالي موثوقيتها).
• تُنشِئ خريطةً للمواقع، والكيانات الكامنة وراءها، والمفاهيم التي تمثِّلها.

هنا تكمن أهمية الربط بـ "كيانات" أخرى، مثل: العلامات التجارية، أو الشركات، أو الأماكن، أو غيرها؛ حيث تساعد "غوغل" (Google) في تحديد رتبتك ضمن قاعدة المعرفة الخاصة بها؛ فمثلاً من الهام أن تضع روابط لـ:

• الجوائز المهنية التي نالتها شركتك.
• أبرز إشاراتك.
• المؤتمرات التي كنت أو مازلت تتحدث فيها.

وأما بالنسبة إلى المدونات الشخصية، لا تتردد في أن تُدرِج إشارات إلى درجة تعليمك، والشركات التي سبق وعملت بها، وغيرها، وكي أُعطيك مثالاً سريعاً على مدى فائدة ذلك، إليك الرسم البياني المعرفي (Google Knowledge Graph) الخاص بي في "غوغل" (Google)؛ حيث أُدرِج ترشيحي لنيل جائزة "شورتي" (Shorty) للمدونين:

إنَّ "جوائز شورتي" (Shorty) هي كيان تعترف به "غوغل" (Google)، وحينما تلقَّيت الترشيح، نشرتُ رابط هذا الإعلان في مدونتي، وبالتالي ربطتني "غوغل" (Google) بالكيان، وأنشأت رسماً بيانياً معرفياً ذا علامة تجارية، ولا يُعدُّ هذا الترشيح إنجازي الوحيد - أو حتى الأبرز - ولكن هذا كل ما احتاجته منصة "غوغل" (Google) لتدرجني ضمن الخريطة.

قد تدرك "غوغل" (Google) وجودك، ولكنَّك لا تستطيع أن تتحول إلى كيان مالم تنشر رابط كيان معروف في موقعك؛ لذا أضِف هذه الروابط إلى صفحة "من نحن" الخاصة بك، ولمساعدة "غوغل" (Google) أكثر، استخدم التحليل الدلالي لإنشاء نسخة تتضمن المفاهيم والكيانات ذات الصلة، من خلال ما يلي:

• سجِّل في موقع "تيكست أوبتيمايزر" (Text Optimizer)، واكتب الكلمة المفتاحية الأساسية (كلمة تصف نموذج أو تخصُّص شركتك بأفضل طريقة ممكنة)
• انقر على خيار "غوغل" (Google)، ثم "نص جديد" (New Text).

سيفعِّل موقع "تيكست أوبتيمايزر" (Text Optimizer) طلبك في "غوغل" (Google)، ويجلب مقتطفات البحث، ويطبِّق التحليل الدلالي لإنشاء قائمة بالمفاهيم والكيانات ذات الصلة التي يجب أن تجربها وتدرجها في المحتوى الخاص بك؛ حيث سيسهِّل ذلك على "غوغل" (Google) فهم طبيعة شركتك، وأنواع الارتباطات التي ينبغي أن تبنيها:

كما يُعدُّ استخدام الترميز المنظم فكرةً جيدةً لمساعدة "غوغل" (Google) على وضع جميع النقاط على الحروف، ويمكنك أن توجِّه "غوغل" (Google) إلى تفاصيل شركتك، مثل: تاريخ تأسيسها، واسم المؤسس، ونوع الشركة، وما إلى ذلك، إلى جانب المزيد من التفاصيل كحساباتك الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والجوائز، والكتب التي ألَّفتها، وغيرها.

إليك فيما يلي بعض من مُنشئي مخططات سكيما المفيدة لإنشاء الرمز الخاص بك:

• موقع "تيكنيكال سيو" (com).
• موقع "هول أناليسيس" (com).

3. إضافة زر "الدعوة للعمل" (CTA):

ثمة مشكلة واحدة تشترك فيها جميع صفحات "من نحن" التي تعاملتُ معها حتى الآن: وهي أنَّه من غير الواضح ما يجب أن يفعله المستخدمون بمجرد وصولهم إليها؛ فنظراً إلى الدور الذي تلعبه الصفحة في رحلة الشراء التي يخوضها العميل (حيث قد يدخل العملاء إلى موقعك من خلالها، أو يستخدمونها كنقطة اتصال بحث نهائية)؛ فمن الهام أن تساعدهم في التقدم ضمن الموقع لتعزيز معدل التحويل.

أضِف زر "الدعوة للعمل" (CTA) وفق طبيعة شركتك لـ:

• طلب نسخة تجريبية خاصة.
• التواصل معك.
• الاطلاع على دليل الموقع.
• التحدث إلى روبوت الدردشة الموجود على الموقع.
• اختيار تلقِّي كتيب أو نشرة إخبارية قابلة للتحميل.

إلى جانب زر "الدعوة للعمل" (CTA)، توجد طرائق مفيدة لتسهِّل عملية الانتقال من صفحة "من نحن" ومنها:

• ممر تصفح.
• روابط التصفُّح "تخطي" (والتي تعدُّ ضروريةً لإمكانية الوصول أيضاً).

بغض النظر عما تختاره، تعامل مع صفحة "من نحن" وكأنَّها صفحة هبوط تجارية، وليست مجرد مصدر يقدِّم معلومات حول شركتك؛ بل حوِّلها إلى مسار لتعزيز معدل التحويل، ومراقبة ذلك المسار.

يمكنك على نظام "ووردبريس" (Wordpress) إعداد كل رابط أو زر في صفحة "من نحن" الخاصة بك كحدث لتتبعه باستخدام برنامج مساعد يقدِّمه موقع "فينتيزا" (Finteza)؛ حيث ستتمكن بهذه الطريقة من تحديد زر "الدعوة للعمل" (CTA) الذي يجلب المزيد من العملاء، وذاك الذي يخفِّض معدل التحويلات.

يتيح لك موقع "فينتيزا" (Finteza) مراقبة مسار التحويل في موقعك عن كثب، وتحليل أدائه بناءً على مصدر حركة مرور البيانات، وموقع المستخدم، وغيرها.

على سبيل المثال، يظهر في الصورة التالية تتبع جميع أنواع أزرار "التحميل المجاني" في موقعنا الإلكتروني؛ فعلى الرغم من أنَّ الصفحة الرئيسة تحتوي على العديد من المدخلات، إلا أنَّ صفحة "من نحن" تفيد أكثر في حث الزوار على التحويل، كما أنَّ الصفحة الرئيسة تفقد نقرات أكثر من صفحة "من نحن".

يمكنك استخدام "تحليلات غوغل" (Google Analytics) لتحليل مسار التحويل، ومسارات المستخدمين بمجرد وصولهم إلى صفحة "من نحن" الخاصة بك، ولكنَّها تتطلب قليلاً من الإعداد، كما يمكنك تدعيم زر "الدعوة للعمل" (CTA) باستخدام العوامل المؤثِّرة اجتماعيَّاً (كمراجعات وشهادات الناس، ودراسات الحالة المميزة، وغيرها).

الخلاصة

يُعدُّ إنشاء وتحسين صفحة "من نحن" خطوةً لا تتطلَّب إلا القليل من المجهود، لا سيما إذا قارنتها بمهمات تسويقية أخرى، إلا أنَّها يمكن أن تُحدِث العديد من التغييرات الإيجابية، مثل تعزيز الثقة في علامتك التجارية، وتحسين معدلات التحويل.

ينبغي أن تتعامل مع هذه الصفحة كبطاقة عمل؛ أي يجب أن تخلق انطباعاً جيداً منذ الوهلة الأولى، وذلك من خلال وضع محتوى يثير انتباه وتفاعل الزوار في الجزء العلوي من الصفحة، مثل: مقطع فيديو قصير، أو شعار، أو صورة.

فكِّر في استخدام الروابط، والتحليل الدلالي، والترميز المنظم لمساعدة "غوغل" (Google) في ربط علامتك التجارية بالكيانات المتخصصة الأخرى، ثم إدراجها في قاعدتها المعرفية.

أضِف زر "الدعوة للعمل" (CTA)، وجرب أنواعاً مختلفة منه؛ لحث الزوار على اتباع مسار التحويل الخاص بك؛ حيث يقلل الناس عادةً من أهمية صفحة "من نحن"، ولكنَّها تُعدُّ جزءاً هاماً للغاية من رحلة المشتري؛ لذا احرص على أن يكون المسار الذي ترغب أن يتَّبعوه واضحاً.