قد يكون إنشاء علامة تجارية شخصية مهمَّة شاقَّة ومخيفة، ومن الوارد جداً الضياع في هذه العملية عندما لا تعرف من أين تبدأ. حتى أيقونة، مثل أوبرا وينفري (Oprah Winfrey)، بدأت رحلتها بعدة تجارب على برنامج محلي صغير قبل أن يتحوَّل صوتها إلى واحدة من أقوى العلامات التجارية الشخصية تأثيراً في العالم.
في ظلِّ التحول الثقافي الحالي الذي يطالب بالتميُّز، وفي ظلِّ تطوُّر سوق العمل، أصبح من الضروري أن تكون بارزاً ومميَّزاً عند التقدُّم لوظيفة أو بدء مشروعك الخاص، فالعلامة التجارية الشخصية مفيدة للجميع.
10 قواعد عليك اتباعها لإنشاء علامة تجارية شخصية ناجحة
لبناء علامة تجارية شخصية ناجحة هناك مجموعة من القواعد التي ينبغي اتباعها، وهي:
1. التركيز على تخصُّص معيَّن
تقول "كوبر هاريس" (Cooper Harris)، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كليكلي (Klickly): "يحاول كثير من الأشخاص أن يكونوا "كل شيء لكلِّ الناس" عندما يتعلق الأمر بالصحافة والتغطية الإعلامية، وهو ما يفقدهم التركيز؛ لذا قرِّرْ ما هي رسالتك الأساسية والتزمها". مرَّت علامتها التجارية الشخصية بتحول كبير، من ممثلة عاملة إلى رائدة أعمال تقنية محترمة، وقد تعامَلت مع هذا التحول من خلال التركيز على رسالة واحدة لكلِّ مشروع.
إنَّ إبقاء رسالتك مركِّزة على الشريحة المستهدفة، سيسهِّل عليك إنشاء محتوى حول علامتك التجارية الشخصية، ويسهِّل على الآخرين تحديد هويتك.
اختَرْ تخصُّصاً لنفسك، ثمَّ اختر تخصصاً أدق في مجال ذلك التخصص، فأفضل العلامات التجارية الشخصية هي تلك الدقيقة والواضحة، واحرُص على أن تكون رسالتك ومحتواك متوافقَين مع تخصصك لكي تبرز بين جمهورك المستهدف. كلَّما كانت علامتك التجارية أكثر تخصصاً وتركيزاً، كان من الأسهل على الناس تذكرك، وعندما يحين وقت اختيار متحدِّث أو موظف جديد، ستكون علامتك التجارية المتخصصة في أذهان عملائك.
2. المصداقية
هناك طريقة بسيطة لبناء علامة تجارية شخصية أصلية، وهي أن تكون صادقاً مع نفسك ومع الآخرين، فالمصداقية أمر ضروري. يمكن للجمهور اكتشاف أي تزييف أو كذب بسهولة، وعندما تكون العلامة التجارية نسخة عن علامة أخرى، فإنَّ الجمهور سيلاحظ ذلك بكل تأكيد؛ لذا فإنَّ التواصل الحقيقي والعميق مع الجمهور هو ما سيجعل علامتك التجارية تنمو وتزدهر.
ستكون إدارة علامتك التجارية الشخصية أسهل بكثير عندما تكون صادقاً مع نفسك، فعلامتك التجارية هي الموجِّه لإنشاء المحتوى والتواصل مع جمهورك. من الضروري أيضاً أن تكون خبيراً في مجال عملك قبل أن تبدأ في بناء علامتك التجارية الشخصية، فهذا سيجعل محتواك يعزز صوتك وسمعتك وشعبيتك.
3. رواية القصص
إذا لم تكن علامتك التجارية الشخصية تروي قصة ما، فأنت تخاطر بفقدان نصف جمهورك المحتمل على الأقل. بناء قصة حقيقية ومؤثِّرة هو أكثر استراتيجيات العلامات التجارية الشخصية نجاحاً في الوقت الحالي، فقد أصبح الترويج التقليدي مملَّاً لا سيما في عالم العلامات التجارية. لا أحد يريد أن يراك تروِّج علامتك التجارية بالأسلوب المعتاد الذي يركِّز على ميِّزات المنتج وحسب؛ إذ عليك إنشاء قصة حقيقية عن علامتك التجارية يمكن لجمهورك التفاعل معها؛ لذا تواصَلْ مع جمهورك على أرض الواقع لتعزيز علامتك التجارية وجعلها أقرب إلى قلوب الناس.
من أفضل الطرائق لرواية قصتك هي من خلال المحتوى المكتوب أو الفيديو، فاستخدام الفيديو، على وجه الخصوص، لأنه طريقة مؤثِّرة للغاية للتواصل عبر الإنترنت. يمكنك ببساطة استخدام هاتفك الذكي لتصوير مقاطع الفيديو وإرسالها إلى عملائك، والتواصل مع زملاء العمل، فهو في متناول يدك دائماً، ممَّا يجعله أداة قوية وفعالة لبناء علامتك التجارية الشخصية وتعزيزها.
4. الاتِّساق
يشبه الحفاظ على الاتساق التركيز على تخصُّص دقيق وواضح، فمن الأسهل بكثير التعرف عليك عندما تصنع محتوى يتَّسق ويتمحور حول هذا التخصص. من الضروري أيضاً الحفاظ على وعد علامتك التجارية واتِّساقها، سواء عبر الإنترنت أم في العالم الحقيقي. يجب أن يظهر الاتساق في تواصلك ومضمون رسالتك ومظهرك أيضاً، فالتناقضات الصغيرة تؤثِّر سلباً في فعالية علامتك التجارية وجاذبيتها.
من الناحية الإبداعية، يمكنك إضافة عنصر بصري مميَّز أو جانب شخصي فريد لعلامتك التجارية، شيء يمكن للناس أن يربطوه بعلامتك التجارية ويعرفون أنَّه خاص بك فقط. مثلاً، يمكنك ترديد عبارة لافتة في نهاية كل مقطع فيديو أو استخدام شعار مميَّز أو أي عنصر آخر يمكن للناس أن يقعوا في حبه ويرتبطوا به، فهذه العناصر الفريدة تجعل علامتك التجارية أكثر جاذبية وتميُّزاً؛ لذا سواء كنت تصنع علامة تجارية ترفيهية أم علامة تجارية مهنية، فإنَّ الاتِّساق هو المفتاح لنجاحها وتميُّزها.
5. الاستعداد للفشل
الفشل أمر صعب، وغريزتنا البشرية تدفعنا عادةً لتجنُّبه، ولكن إذا أردت أن تمتلك علامة تجارية شخصية مميَّزة ومتفوِّقة، فعليك أن تواجه الفشل وتتعلم منه. تحدَّثَ رجل الأعمال "والت ديزني" (Walt Disney) عن هذا الأمر في كثير من الأحيان، متذكِّراً محاولاته الأولى الفاشلة في إنشاء علامة تجارية للرسوم المتحركة، فقال: "لا بدَّ من أن تواجه فشلاً ذريعاً عندما تكون شاباً، لتتعلَّم منه دروساً قيِّمة، فهذا يجعلك مدركاً لما قد يحدث، ويجعلك أكثر استعداداً". فعدم المحاولة مخيف أكثر مما قد يحدث.
لن تستطيع بناء علامة تجارية ناجحة إلَّا بعد مواجهة الفشل عدة مرات في أثناء تجاوز حدود منطقة راحتك، ويعتمد نجاح العلامات التجارية على التجربة وتكرار الأخطاء والفشل، لا على التفوق الفوري.
6. إحداث تأثير إيجابي
بعد تطوير علامتك التجارية الشخصية على مدى فترة من الزمن، هناك طريقتان أساسيتان لمواصلة بناء علامتك التجارية: إمَّا أن تتجاهل الآخرين وتفقد فرص التعاون، وإمَّا أن تنمو نمواً مطَّرداً من خلال بناء مجتمع يدعم علامتك التجارية. اعلم أنَّك أنت علامتك التجارية، بصرف النظر عن وظيفتك أو مشروعك أو أولوياتك الحالية، واحرُصْ دائماً على إحداث تأثير إيجابي في الآخرين، واعلم أنَّ سمعتك هي انعكاس لعلامتك التجارية.
يُنمِّي الحفاظ على موقف إيجابي ومساعدة الآخرين علامتك التجارية ويُعزِّزها على الأمد الطويل.
7. اتباع قدوة ناجحة
يقول "جيسون وونغ" (Jason Wong)، الرئيس التنفيذي لشركة وونغهاوس فينتشرز (Wonghaus Ventures): "على الأشخاص المهتمين بالعلامات التجارية الشخصية أن يبدؤوا في تسويق أنفسهم، مثل المشاهير والشخصيات المؤثِّرة التي يتطلعون إليها كل يوم". لقد حقَّقَت علامته التجارية الشخصية انتشاراً واسعاً عدة مرات، حول موضوعات، مثل الآيس كريم في اليابان، وألعاب حمَّام السباحة القابلة للنفخ، والصور والفيديوهات واسعة الانتشار، ممَّا أكسبه لقب ملك الميم (Meme).
كان من أسباب نجاحه دراسة التوجهات والشخصيات الشهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ثمَّ تطبيقها مع إضافة لمسته الإبداعية. يمكنك أنت أيضاً أن تتعلم كيف تفسِّر التحليلات على وسائل التواصل الاجتماعي تفسيراً إبداعياً وتحدِّد التوجُّه الكبير التالي، إذا ركَّزت انتباهك على جميع المنصات، بدلاً من التركيز على واحدة منها فقط.
8. تجسيد علامتك التجارية
من الصعب بناء علامة تجارية شخصية عندما تفصل علامتك التجارية عن حياتك الشخصية. على الرغم من أنَّ هذا الأمر ممكن، إلَّا أنَّه من الأسهل، عند إنشاء علامة تجارية شخصية، أن يكون أسلوب حياتك الشخصي متوافقاً مع علامتك التجارية.
يجب أن تعكس علامتك التجارية شخصيتك وقِيَمك، وأن ترافقك أينما ذهبت، ما يعني أنَّ علامتك التجارية لا تمثِّل وظيفتك أو مجال عملك فحسب؛ بل تمثِّل قِيَمك ومبادئك أيضاً، مثل رد الجميل والقيادة الحكيمة والمنتورينغ.
9. تشجيع الآخرين على رواية قصتك
أفضل العلاقات العامة هي تلك التي تنتقل على ألسُنِ الناس، والعلامة التجارية الشخصية في المجال العام لا تشذُّ عن هذه القاعدة. يروي "آرون أوريندورف" (Aaron Orendorff)، رئيس تحرير منصة شوبيفاي بلس (Shopify Plus) قصته الشخصية من خلال مقاطع فيديو حيوية ومقدِّمي البرامج المساعدين من حين لآخر، ويتذكَّر جمهوره ذلك جيداً، فهُم قادرون على تذكُّر أزيائه المشرقة وصداقاته مع الحيوانات وربط هذه العناصر من القصة بتفسيرهم لعلامته التجارية، وكما يقول ببلاغة: "العلامة التجارية الشخصية هي القصة التي يرويها الناس عنك عندما لا تكون معهم".
10. ترك إرث للأجيال القادمة
بعد الانتهاء من بناء علامة تجارية شخصية حسنة السمعة يدعمها جمهورك، فإنَّ الخطوة التالية هي التفكير في الإرث الذي ستتركه خلفك. ركِّزْ على الكلمات والأفعال التي تريد أن تُعرَف بها، واجعل أسمى غاياتك ترك إرث للأجيال القادمة.
في الختام
العلامة التجارية الشخصية هي مشروع طويل الأمد يتطوَّر ويتغيَّر باستمرار. حتى الخبراء الذين يبنون أكبر العلامات التجارية في مجال الأعمال يعرفون أنَّه لا توجد قواعد ثابتة لإنشاء علامة تجارية شخصية، ولكنَّ هذه القواعد العامة توفِّر الخطوات الأولى، خاصة إذا كنت تطلق علامة تجارية جديدة أو تغيِّر علامتك التجارية.
لن يساعدك إنشاء علامة تجارية شخصية ناجحة على اكتساب الشهرة في مجالك والحصول على فرص العمل باستمرار فحسب؛ بل سيجعل منك أيضاً شخصية مؤثِّرة يُقدِّر الناس وجودها وتأثيرها في حياتهم.