يتطوَّر التسويق الاجتماعي (Social marketing) باستمرار، وحالياً هناك ثغرة معرفية لدى المسوقين في هذا المجال، وإليك كيفية ترميمها.

إذا سألتَ مدير وسائل تواصل اجتماعي كيف عثر على وظيفته، فغالباً سيخبرك أنَّ ذلك حدث مصادفةً، وعلى الرغم من أنَّه بعد مرور أكثر من عقد على بدء استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي، يقرر بعض المسوقين اليوم دخول مجال العمل هذا منذ بداية حياتهم المهنية، لكنَّ معظمهم ما زالوا أشخاصاً من تخصُّصات متنوعة مثل الآداب أو العلوم السياسية والذين لم يخططوا للعمل كمسوقين ولم يتلقوا تعليماً رسمياً في التسويق الرقمي.

حتى المديرون الاجتماعيون الذين درسوا في برامج تسويق أو إدارة أعمال ليسوا مستعدين لفوضى عالم التواصل الاجتماعي، فالمناهج الجامعية معدَّة مسبقاً وحتى أفضلها وأكثرها تكيُّفاً مع التطورات غير قادر على مجاراة كل التغيرات الجديدة التي تطرأ على وسائل التواصل الاجتماعي.

على سبيل المثال: لم يحصل الأشخاص المتخرجون قبل عام 2019 على تدريب رسمي في استراتيجيات العمل على منصة "تيك توك" (TikTok)، والتي يمكن عَدُّها محط تركيز الإنترنت حالياً، ولهذا بدأ هؤلاء المسوقون جميعاً بمحاولة إدارة حساب شركتهم عليها دون أن يكون لديهم معرفة أو خبرة سابقة عن الموضوع.

ولهذا يمكن عَدُّ عالم التواصل الاجتماعي مجالاً جديداً غير منظم، يستطيع أي أحد الانضمام إليه ويتعلم كل مَن فيه في أثناء عملهم، ويرتكبون الأخطاء طوال الوقت، لكن في حين يمكن التغاضي عن الأخطاء البسيطة وحتى تحويلها إلى مصدر للفكاهة، إِلا أنَّ الأخطاء الفادحة قد تؤذي سمعة علامتك التجارية على الإنترنت.

يؤدي معظم المسوقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عملهم دون تعليم رسمي أو تدريب، ولا يمنعهم ذلك من النجاح في مجالهم، فكل ما يهم في عالم التواصل الاجتماعي هو الربح الصافي، لكن إذا لم تدعم علامتك التجارية تعلُّم فريقك الاجتماعي على الأمد الطويل، فسوف يسبقك المنافسون الأذكى.

إليك الحقائق التي يجب أن تعرفها عن سبب الثغرة في تعليم التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسبب أهميتها وما الذي يمكنك فعله لترميمها.

أوجه القصور في برامج التسويق

2% فقط من كليات التسويق فيها مقرّرات عن وسائل التواصل الاجتماعي، وبالطبع تعرف كليات التسويق أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وأنَّها أهم وسط للتسويق في العصر الحديث، ولهذا تقدِّم حوالي 73% منها مقررات عن التسويق الرقمي، لكنَّ هذه الدورات التعليمية الجامعية لا تتجاوز كونها تعريفية واختيارية في معظم الحالات.

علاوة على ذلك، تقدِّم 36% من تلك الكليات مقرراً واحداً عن التسويق الرقمي فقط، و15% من برامج التسويق فقط فيها مقرر عن التسويق الرقمي، ومن بين تلك النسبة أقل مقرر مطلوب شيوعاً هو وسائل التواصل الاجتماعي.

دراسة أساسيات وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من مقرر أكبر عن التسويق الرقمي مختلف جداً عن الحصول على تدريب متكامل وشامل في تقنيات التسويق الاجتماعي وإنشاء المحتوى والاستراتيجيات، ففي حين قد تتضمن أساسيات التخطيط لروزنامة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، إِلا أنَّها على الأغلب لن تتطرق إلى موضوع تقديم خدمة الزبائن عليها، أو الإمكانات والفرص التي تتطور باستمرار للتجارة الاجتماعية، ولا يقع اللوم في هذا النقص على كليات التسويق، فعالم التواصل الاجتماعي يتغير باستمرار وبسرعة تفوق قدرة معظمنا على مجاراته.

مشكلات التعلم الموجَّه ذاتياً

بين غياب التسويق الاجتماعي عن التعليم الرسمي والتغير المستمر على المجال، يجب على مديري وسائل التواصل الاجتماعي تعليم أنفسهم وزملائهم أيضاً دوماً، وتعلُّم عشرات المهارات الجديدة التي يمكن أن تعادل كل واحدة منها وظيفةً بحد ذاتها، كل هذا بينما يستمرون بأداء مهامهم بحيث يرضون رب عملهم، وذلك ليس بالأمر السهل.

على سبيل المثال: في الغالب لن يكون لديك الوقت الكافي ولا الطاقة اللازمة لتتعلم عن خوارزمية موقع "تيك توك" (TikTok) أو أتمتة خدمة الزبائن بعد قضاء صباحك في إنشاء المحتوى وفترة الظهر في إعداد تقارير التحليلات لأصحاب المصلحة وبقية يومك في التعامل مع أزمة علاقات عامة على موقع "تويتر" (Twitter).

لأنَّ لا أحد لديه متسع من الوقت لتعلُّم كل شيء، يميل المديرون الاجتماعيون إلى تطوير مجالات خبراتهم بأنفسهم، على سبيل المثال: يركز أفراد من فريق وسائل التواصل الاجتماعي لدى شركات عملاقة مثل "إنتل" (Intel) و"سامسونغ" (Samsung) على تقديم خدمة الزبائن، بينما يتخصص مدير وسائل التواصل الاجتماعي لحساب شركة "سيفورا" (Sephora) على موقع "إنستغرام" (Instagram) في إدارة الجمهور، ويشتهر مدير وسائل التواصل الاجتماعي لحساب شركة اللحوم "ستيك أم" (Steak-Umm) على موقع "تويتر" (Twitter) بخبرته في نشر نكات عن اللحوم.

وحتى هؤلاء لديهم عيوبهم كما لديهم نقاط قوَّتهم، فمجال التسويق الاجتماعي واسع جداً ولا يمكن أن تختزله مهارات مديري التسويق الاجتماعي؛ أي لا يمكنهم ببساطة أن يواكبوا كل تقنية جديدة ويتعلموا كل المهارات المتوقعة منهم مهما حاولوا، فقد تكون نقطة ضعفهم التحليلات أو إنشاء المحتوى أو التخطيط للحملات.

والخلاصة هي أنَّ وجدود نقطة ضعف في كل فريق أمر أكيد وليس مُخجِلاً، لكنَّ وسائل التواصل الاجتماعي اليوم هي قناة تواصل رئيسة في المجالات كافةً، لذلك يحب أن يكون فريقك ماهراً بتطبيق العديد من الأساليب وليس مختصاً في بعضها.

بحلول عام 2026 ستنفق العلامات التجارية 24.5% من ميزانياتها المخصصة للتسويق على التسويق الاجتماعي، وذلك يعادل ضعف الإنفاق قبل الجائحة؛ بمعنى آخر، موارد فريقك تزداد كل عام، ومعها تزداد خطورة عواقب عدم تقديم التدريب الذي يحتاج فريقك إليه.

الثغرة في مهارات التخطيط

وضع استراتيجية لمواقع التواصل الاجتماعي والتخطيط للحملات مهمتان صعبتان، وهما المجالان اللذان يواجه المسوقون أكبر صعوبة فيهما، فوفقاً لتقرير من معهد "ديجيتال ماركيتينغ إنستيتوت" (Digital Marketing Institute) يواجه 63% من المسوقين الاجتماعيين في الولايات المتحدة صعوبةً في مهارات وضع الاستراتيجيات والتخطيط، وكذلك الأمر في حالة مهارات التسويق الاجتماعي الأخرى.

وكشف التقرير أنَّ 38% فقط من المسوقين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيرلندا يتمتعون بالمهارات الأساسية في المجال، ولفهم معنى هذه الإحصاءات، حاول الإجابة عن أسئلة الاستراتيجية والتخطيط التالية:

  • ما هي الشبكات التي يستخدمها جمهورك المستهدف؟
  • من يتفاعل مع منشوراتك؟
  • هل يجب أن تركز حملات القصص على موقع "إنستغرام" (Instagram) على المشاهدات أم الردود أم الزيارات؟
  • كم ستدوم حملتك الاجتماعية التالية؟ ولماذا؟

إذا لم تعرف الإجابة عن تلك الأسئلة، فأنت لستَ الوحيد، خاصةً إذا كنتَ بالكاد تجد الوقت لإنشاء المحتوى وإدارة الجمهور، لكنَّ معرفة تلك الأجوبة ضرورية، فهي تقدِّم لك نظرةً شاملة تساعدك على التوفيق بين كل منشور ينشئه فريق وسائل التواصل الاجتماعي مع الأهداف التسويقية النهائية لعلامتك التجارية.

إنشاء المحتوى هام، لكنَّه غير كافٍ وحده، فحضور علامتك التجارية الاجتماعية لن يترك أثراً قوياً دون وضع استراتيجيات مُحكَمة والتخطيط، ولا تُدرَّس هذه المهارات في الكليات والمعاهد، ومن الصعب تعلُّمها واحترافها وحدك.

كيف ترمِّم الثغرة المعرفية؟

1. توفير الهيكلية والبيئة المناسبة للتعليم الموجه ذاتياً

لن يتوقف عالم وسائل التواصل الاجتماعي عن التغيُّر؛ ولذا من المنطقي ألا يتوقف فريقك عن التعلم، ولا نقترح هنا إرسالهم إلى كلية تسويق، فكما ذكرنا آنفاً المناهج التعليمية غير قادرة على مجاراة التطور الدائم في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، ولا نقترح أن يتعلم المديرون الاجتماعيون وحدهم وخلال وقتهم الشخصي، فهم بالفعل يعملون لمدة أطول من 8 ساعات يومياً.

عوضاً عن ذلك، يجب أن تخصص جزءاً من ساعات العمل بوضوح للتعلم والتطوير، وتُوفِّر فرصاً لفريق وسائل التواصل الاجتماعي ليتعلم من الخبيرين في المجال، وباتباع هذا الأسلوب التعليمي يبقى فريقك على اطلاع بأحدث استراتيجيات وتقنيات التسويق الاجتماعي، وتظهر شركتك التزامها بتعلُّمهم وتحول دون إرهاقهم.

بدأَت العلامات التجارية للتو إدراك أهمية مديري وسائل التواصل الاجتماعي، وبذل المزيد من الجهد نحو تعليمهم وتدريبهم، وهنالك حالياً فرصة كبيرة أمام العلامات التجارية لزيادة مهارة فِرق وسائل التواصل الاجتماعي لديها والتفوق على المنافسين؛ حيث تُوفِّر 18% فقط من الشركات في الولايات المتحدة تدريباً في أساسيات التسويق الاجتماعي، وإذا استثنيتَ الشركات العملاقة، تتقلص هذه النسبة أكثر، علاوة على ذلك، تجني العلامات التجارية التي تُدرِّب فريقها أرباحاً أكثر بنسبة 218% من كل موظف.

2. تقديم الدعم الاستراتيجي الذي يحتاج إليه فريقك الاجتماعي كي ينجح

توفير الأدوات المناسبة لفريقك هي إحدى الخطوات نحو النجاح، فكما ذكرنا، هناك ثغرة كبيرة في المهارات فيما يتعلق بالاستراتيجية والتخطيط في التسويق، وينطبق ذلك على التسويق الاجتماعي أيضاً، فلا نعني أن تقدِّم لهم أداة إدارة حسابات تواصل اجتماعية وتترك لهم أمر اكتشاف كيفية استخدامها، عوضاً عن ذلك قدِّم لهم شريكاً متخصصاً يستطيع أن يضمن أنَّ كل شيء يفعلونه يتوافق مع أهداف شركتك الأوسع، وأنَّهم يستفيدون من استثمارك إلى أقصى حد.

3. أخذ الاستراتيجية الاجتماعية في الحسبان في أثناء اتخاذ القرارات القيادية

دون تعليم وتدريب رسمي، يمكن في كثير من الأحيان عزل التسويق الاجتماعي عن بقية الشركة أو التعامل معه على أنَّه منصة إضافية لإعادة نشر الرسائل الترويجية، بينما يجب التعامل معه كوظيفة جوهرية في أيَّة شركة حديثة؛ مما يعني مشاركة كبار أعضاء فريق وسائل التواصل الاجتماعي في عملية وضع الاستراتيجية والتخطيط في أعلى المستويات، بحيث توافق بين استراتيجيتك الاجتماعية وأهداف شركتك، ومساعدة فريق وسائل التواصل الاجتماعي على فهم دور عملهم في تقدُّم الشركة عموماً.

إضافةً إلى ذلك سيحصل حينها فريق وسائل التواصل الاجتماعي على المزيد من المعلومات لمشاركتها مع عملائك عبر الإنترنت.