بالنسبة إلى العديد من الشركات، لا تُعَدُّ نتائج رضى الزبائن (CSAT) مجرد مقياس لمستوى أدائهم؛ بل هي نظام تحذير، فعندما تكون منخفضة، تكون بمنزلة إنذار لوجود مشكلة ما في تجربة الزبون يجب على الشركة اتخاذ إجراءات فورية لعلاجها. والأداة الأكثر استعمالاً لقياس هذه النتائج هي استطلاعات رضى الزبائن، لكن مع أنَّ استطلاعات رضى الزبائن مفيدة، إلا أنَّ لها بعض أوجه القصور الواضحة:
- إجراء الاستطلاعات غالباً بعد محادثة مع العميل أو تصعيد.
- انخفاض معدلات الاستجابة للاستطلاعات، بنسبة 36% تقريباً.
- يملأ معظم الاستطلاعات زبائن غير راضين، وهذا يؤثر في النتائج.
- تأثير إجهاد الاستطلاع في حجم وجودة النتائج.
النتيجة هي أنَّه بحلول الوقت الذي تقيس به رضى الزبائن، تكون المشكلة قد وقعت، وعندما تقيسه لا تكون النتائج بالضرورة موثوقة أو يمكن الاستفادة منها لاتخاذ إجراء. وهذا يدفعك إلى التساؤل: كم من العلاقات مع الزبائن يمكنك إنقاذها إذا توقَّعت رضاهم مسبقاً؟
الذكاء الاصطناعي: نتائج فورية
إذا سبق لك أن عرضت محادثة نصية على صديق وطلبت منه رأيه فيها، فعلى الأغلب اختتم بقوله: "من الصعب معرفة نبرة الخطاب من رسالة نصية"، وينطبق الشيء نفسه على تفاعلات الزبائن عبر قنوات خدمة الزبائن الرقمية، ولكن يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل الأمر.
يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي الذي يفحص مشاعر الزبائن في ملايين المحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بمستوى سعادة الزبون الذي كتب الرسالة، وهي خاصية تدعى "رضا الزبون التنبؤية" (predictive CSAT)؛ إذ تجمع بيانات من رسائل الزبائن مع ملاحظة عدد من الأمور، ومن ذلك:
1. المشاعر:
تحلِّل مواقف أو آراء الزبون إلى ثلاث فئات أساسية، هي سلبية أو إيجابية أو محايدة.
2. النية:
ما هو الهدف من الرسالة التي أرسلها الزبون؟ هل يشكو من منتج فيه خلل؟ أم يطلب المساعدة؟ أم يقدِّم تغذية راجعة؟
3. العاطفة:
كيف يشعر الزبون؟ هل هو غاضب أم سعيد أم متفاجئ أم حزين أم خائف أم غيرها؟
4. الحدة:
ما هو مقدار إيجابية أو سلبية المشاعر؟ هل هذه محادثة طبيعية، أم أنَّ العميل غاضب جداً؟
5. وقت الرد:
ما هي المدة التي استغرقها الموظف للرد على رسالة؟ يمكن أن تؤثر أوقات الاستجابة المتأخِّرة في درجة رضى الزبائن.
يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي بعد ذلك أن يستخلص من هذه السمات درجة رضى الزبون التنبؤية في كل لحظة، وحين يحصل الموظفون على معلومات فورية عن الأداء، سيكون لديهم الفرصة لتحسين رضى الزبائن في الوقت المناسب، أو إذا لزم الأمر، توكيل الأمر إلى موظفين أو مديرين أكثر خبرة.
خاصية التنبيه قبل خسارة الزبون
إذاً ماذا يحدث إذا ساءت المشكلة؟ على سبيل المثال، لنفترض أنَّ مقياس الرضى من 0 إلى 100، وإذا انخفضت درجة رضا الزبون التنبؤية إلى ما دون حد معين، الذي سنفترض أنَّه 30، يتلقى المشرف تنبيهاً، يمكن بعد ذلك أن يقرر إما تقديم الكوتشينغ للموظف على حل المشكلة، أو التدخُّل مباشرة بنفسه.
التدخُّل الهادف من هذا النوع له فوائد عدة؛ إذ سيكون فرصة لإنقاذ العلاقة بين الزبون والشركة، وأيضاً لحصول الموظف على تدريب واقعي فردي. ونظراً لأنَّ ميزة رضى الزبون التنبؤية تدير استباقياً خدمة الزبائن، فإنَّ عديداً من الحالات لا تصل أبداً إلى هذا المستوى من التصعيد؛ وهذا يعني أنَّه يُنبَّه المشرفون فقط عندما يكون ذلك ضرورياً.
هناك عدد من حالات الاستعمال الأخرى لنتائج رضى الزبون التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي غير حالات التصعيد، على سبيل المثال:
- تحديد أولويات الحالة والتعيين
رتِّب الحالات الواردة حسب الأهمية والإلحاح، وعيِّن تلقائياً الحالات الحساسة إلى الموظفين الذين يتمتعون بخبرة جيدة.
- الإجراءات المقترحة
إعداد الموظفين لتحقيق النجاح من خلال توفير إجراءات موحَّدة يمكنها تحسين درجات رضى الزبائن، مثل الخصومات أو العروض الخاصة.
- قياس أداء الموظف
استعمل مقياس رضى الزبائن بوصفه مؤشر أداء للموظفين، وتدخَّل مبكراً لتقديم الدعم والتدريب عند ملاحظة حاجتهم إليه.
- تقليل نسبة خسائر الزبائن المحتملة
تحديد مخاطر خسارة الزبائن في أثناء تفاعلاتهم.
تكمن قوة الذكاء الاصطناعي في قدرته على تعرُّف الأنماط التي يغفل عنها الإنسان، فضلاً عن معالجة حجم هائل من البيانات التي لا يستطيع البشر التعامل معها يدوياً. تحوِّل ميزة رضى الزبون التنبؤية ذلك إلى قوة لمصلحة العلامة التجارية تؤثر مباشرة في سعادة الزبائن.