في عام 2002، كتب "هنريك أستد سورنسن" (Henrik Aasted Sorensen) الشيفرة لبرمجيَّة "آدبلوك" (Adblock) لتصبح أول أداة حظر إعلانات مستعملة على نطاق واسع، وكل ذلك في أثناء محاولته تجنُّب الدراسة لأحد امتحاناته.

بحلول عام 2016، أصبح حظر الإعلانات أمراً شائعاً؛ إذ إنَّ نحو 25% من مستعملي الهواتف المحمولة لديهم برامج حظر الإعلانات مثبتة عليها، و63% من جيل الألفية في "الولايات المتحدة" يستعملون الآن أدوات حظر الإعلانات، ومن المتوقع أن تخسر صناعة الإعلانات 40 مليار دولار من عائداتها هذا العام كنتيجة مباشرة لذلك؛ إذ لا يقتصر الأمر على خسارة المواقع الإلكترونية والناشرين لعائدات الإعلانات بسبب خسارة صفقات الإعلانات، فالمعلنون أيضاً يدفعون مقابل إعلانات لا يراها قسم كبير من الزوار.

قد يعود سبب تراجع أداء حملاتك إلى حظر الإعلانات؛ وهذا يعني أنَّ أدوات حظر الإعلانات تُسبِّب خسارتك الأموال، فحتى لو حُظِرَت 5% فقط من الإعلانات التي تدفع مقابلها، يظل هذا جزءاً كبيراً من ميزانيتك الإعلانية. ولحماية نفسك بصفك مُعلناً، سنشرح في هذا المقال آلية عمل أدوات حظر الإعلانات وكل ما تحتاج إلى معرفته عنها.

آلية عمل أدوات حظر الإعلانات

تعمل أدوات حظر الإعلانات بالطريقة نفسها تقريباً على أجهزة الحاسوب المكتبية والهواتف المحمولة، ولكنَّ الاختلافات في كيفية استعمال المستهلكين للإنترنت على هذه الأجهزة، تعني أنَّ تأثير حظر الإعلانات يتضاءل في الحملات الإعلانية على الهواتف المحمولة.

في الحواسيب المكتبية، تفحص برامج حظر الإعلانات الصفحات الإلكترونية وتحظر أي شيء يبدو إعلاناً، وهذا يتضمَّن الملفات التي حُمِّلَت من خوادم الإعلانات الخارجية المعروفة أو شفرة "لغة توصيف النص الفائق" (HTML)، التي تشير إلى محتوى معين على أنَّه إعلان، مثل المقاطع التي تحمل عنوان "مروج له" (Promoted)؛ وهذا يعني أنَّ كل الإعلانات المصممة للحواسيب المكتبية معرَّضة للحظر.

موقع "نيو يورك تايمز" (New York Times) دون أدوات حظر الإعلانات (يسار)، ومع أدوات حظر الإعلانات (يمين).

الوضع ليس بهذا السوء على الهواتف المحمولة، وهذا يرجع إلى سلوكات مستعملي الهواتف؛ إذ إنَّهم يقضون وقتهم معظمه على تطبيقات مثل "فيسبوك" (Facebook)، و"يوتيوب" (YouTube)، و"واتسآب" (WhatsApp)، و"إنستغرام" (Instagram)، و"جي ميل" (Gmail)، و"تويتر" (Twitter)، وليس المتصفح.

ويُتوقَّع أن يقضي مستعملو الهواتف المحمولة في "الولايات المتحدة" أكثر من ثلاث ساعات يومياً في استعمال تطبيقات الأجهزة المحمولة هذا العام، مقارنةً بـ 51 دقيقة فقط باستعمال متصفِّحات الأجهزة المحمولة.

نظراً لأنَّ ملحقات المتصفح لحظر الإعلانات لا تؤثر في التطبيقات الأخرى، فإنَّ أدوات حظر الإعلانات المثبَّتة على الأجهزة المحمولة، يمكنها فقط حظر الإعلانات المعروضة على المواقع الإلكترونية، التي تُفتَح في متصفحات الهاتف، بينما تُعرَض جميع الإعلانات في التطبيقات الأخرى.

مع أنَّ الإعلانات قابلة للحظر على المواقع المستعملة في الهاتف المحمول، لكن بالنسبة إلى بعض المواقع مثل "فيسبوك" (Facebook)، و"يوتيوب" (YouTube)؛ حيث يُعرض جزء كبير من الإعلانات على الهاتف المحمول، ستظهر الإعلانات، ومع ذلك، فإنَّ المكان الوحيد الذي يمكنك ضمان عدم حظر الإعلانات فيه هو تطبيقات الهاتف المحمول.

كيف تتعامل مع أدوات حظر الإعلانات؟

هناك طرائق عدة لتجنب أدوات حظر الإعلانات، وهي إما الدفع مقابل الإعلان في الأماكن التي لا تعمل فيها أدوات حظر الإعلانات، أو صرف الميزانية على أمر آخر غير الإعلانات، أو الدفع مقابل الإعلانات وفق إجراءات المستعمل وليس التعرض، ومن هذه الطرائق ما يأتي:

1. استهداف تطبيقات الهواتف المحمولة بالإعلانات

نظراً لأنَّ تطبيقات الأجهزة المحمولة لا تتأثر بأدوات حظر الإعلانات، فإنَّ أي حملة تسمح لك باستهداف تطبيقات الأجهزة المحمولة هي خيار آمن، خاصة إذا كنت تدفع مقابلها على أساس التعرض.

لا يمكن استهداف مستعملي تطبيق "فيسبوك" (Facebook) المحمول بالإعلانات حصرياً، ولكن هناك حل بديل؛ إذ يمكن إعداد حملة لاستهداف مستعملي أنظمة "آي أو إس" (IOS)، و"أندرويد" (Android) واستبعاد مستعملي متصفحات الجوال الرئيسة مثل "سافاري" (Safari)، و"كروم" (Chrome).

بالنسبة إلى تطبيقات مثل "إنستغرام" (Instagram) الذي لا يعرض إعلانات إلا على تطبيق الهاتف المحمول، و"سنابشات" (Snapchat) الذي لا يحتوي على إصدار ويب لسطح المكتب أو للمحمول، تُعرض الإعلانات فقط في تطبيقات الهاتف المحمول ومن ثمَّ لا يمكن حظرها.

لا تحتوي العديد من التطبيقات الأخرى مثل الألعاب أو تطبيقات المراسلة على إصدار أجهزة سطح مكتب؛ لذا إذا كنت ترغب في تجنُّب أدوات حظر الإعلانات، فيمكنك استهدافها بإعلاناتك كبداية.

تسمح شبكات إعلانات الهاتف المحمول، مثل "أوديانس نيتوورك" (Audience Network) من شركة "فيسبوك" (Facebook)، و"آدموب" (AdMob) من شركة "غوغل" (Google)، و"آي آد" (IAd) من شركة "آبل" (Apple)، للمعلنين باستهداف شبكة واسعة من تطبيقات الهاتف المحمول الآمنة من حظر الإعلانات.

2. التركيز على تسويق المحتوى ووسائل الإعلام المكتسبة

إذا كان حظر الإعلانات يمثِّل مشكلة حقيقية لشركتك، فقد يكون إنفاق الميزانية عوضاً عنه على تسويق المحتوى أحد الحلول الممكنة، وبالطبع لن يكون بديلاً للإعلانات تماماً، ولكن يمكن أن ينجح عند دمجه مع تكتيكات أخرى.

3. الاستهداف على أساس الإجراءات

لا يمكن فرض رسوم على الإعلانات المحظورة إلا عندما تدفع على أساس التعرض، لكن إذا كنت تدفع على أساس الإجراء فقط، فيمكنك ضمان أنَّك لن تخسر الأموال بسبب الإعلانات المحظورة؛ لذا إذا كنت تريد جذب عملاء متوقعين أو مبيعات أو اشتراكات أو مشاهدات فيديو، فهذا هو الخيار المناسب لك.

تضمن إعلانات "تروفيو" (TrueView) من شركة "غوغل" (Google) مشاهدة حقيقية من خلال عرض الإعلان أو المشاهدة مكتملة وفق إجراء يجب أن يُكمَل، مثل وصول المستعمل إلى نهاية الفيديو، ولا تتأثر أيضاً حملات إعلانات "تروفيو" (TrueView) التي تستهدف مستعملي أجهزة الحاسوب المكتبية بأدوات حظر الإعلانات.

بالطبع، ستتأثر الميزانية عند التبديل بين إعلانات التكلفة لكل ألف ظهور (CPM) إلى إعلانات تكلفة الاكتساب (CPA)، وقد لا يكون ذلك خياراً مناسباً لجميع العلامات التجارية أو الحملات، فإذا كنت تدير حملة علامة تجارية تتطلب أقصى قدر من التعرض، قد يكون من الأفضل اختيار إعلانات التكلفة لكل ألف ظهور التي تستهدف تطبيقات الأجهزة المحمولة.

4. استهداف المواقع الإلكترونية التي تستعمل "بوابات حظر الإعلانات" (adblock gates)

أنشأت بعض المواقع، مثل "فوربس" (Forbes)، بوابة حظر إعلانات تمنع أولئك الذين يستعملون برامج حظر الإعلانات من الدخول إلى الموقع إلا بعد تعطيل خاصية حظر الإعلانات، ثم تكافئ الذين يفعلون ذلك بعرض نسخة "خفيفة الإعلانات" من الموقع لمدة 30 يوماً، ومن ثمَّ فإنَّ أي حملة تستهدف مواقع أجهزة سطح المكتب التي تستعمل بوابة حظر الإعلانات ستكون محصَّنة ضد برامج حظر الإعلانات.

قد يكون الجمع بين بعض أو كل هذه الأساليب مناسباً لعلامتك التجارية، ولكنَّ الطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك هي تجريبها ومعرفة ما إذا كانت الاستراتيجية الجديدة تتفوق في الأداء على الحملات الحالية.

يُمثل حظر الإعلانات خطراً حقيقياً على المعلنين حالياً، وتكافح صناعة الإعلانات لمواكبة ذلك، وحتى المستقبل المنظور، يبدو أنَّ الإعلان ضمن التطبيق هو الطريقة الوحيدة لتجنُّب حظر الإعلانات تماماً، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تسريع التحول في الإعلان عبر الإنترنت لتجنُّب الحواسيب المكتبية واستهداف أجهزة الهاتف المحمول أكثر.