من المفاهيم الخاطئة الشائعة أنَّ الزبائن الذين يقدمون شكاوى يفعلون ذلك لأنَّهم أشخاص مزعجون، أو لأنَّهم يبحثون عن طريقة للحصول على منتجات وخدمات مجانية أو بأسعار مخفضة؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ معظمهم يفعلون ذلك لأنَّهم يريدون فقط حلاً لمشكلتهم.

يتوقَّع الزبائن اليوم من الشركات التي تعمل عبر الإنترنت أن يكون لها حضور على قناة اجتماعية واحدة على الأقل. ومن نتائج هذا الحضور ندرك أنَّ الاتصال وحيد الاتجاه لم يعد كافياً؛ إذ سيحاول الزبائن الحاليون والمتوقعون على حد سواء التواصل مباشرة مع الشركات على هذه القنوات من خلال الرد على رسائل العلامة التجارية أو بدء محادثات جديدة، وهذا ليس بالأمر الجديد.

ما تغير هو أنَّ هذا الاتصال المفتوح من الجهتين أصبح الآن معترفاً به من قِبل الشركات والجهات القانونية بوصفه قناة اتصال رسمية، تماماً مثل مكالمة هاتفية أو رسالة ورقية في السنوات الماضية، حتى إنَّنا نشهد على نحو متزايد كيف تتعرض الشركات للمساءلة، من قِبل الرأي العام، وأيضاً من قِبل الجهات القانونية، إذا اختارت تجاهُل المستهلك المتصل رقمياً.

على سبيل المثال: تتطلب الرقابة التنظيمية الناشئة التي تُطبَّق في أستراليا على قطاع الخدمات المصرفية والمالية وشركات التأمين باسم "التوجيه التنظيمي 271" (Regulatory Guidance 271)، التي تسعى إلى تحديث الطريقة التي تفرز بها الشركات المالية شكاوى المستهلكين والشركات الصغيرة وتتعامل معها، وتطلب من الشركات الاستجابة للشكاوى المقدَّمة على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الاتصالات الرقمية، وليس من الصعب توقع أنَّ هذا النوع من التحديثات على المتطلبات سيُطبَّق قريباً على مجالات عدة أخرى.

تخيل أنَّك تحاول إقناع كل زبون يقدِّم شكوى عن شركتك عبر قناة اجتماعية بإجراء محادثة أخرى معك؛ إنَّه طلب شبه مستحيل؛ لكنَّ هذا هو بالضبط نوع استراتيجية إدارة الشكاوى التي فرضتها العديد من العلامات التجارية على زبائنها حتى الآن.

استراتيجية رقمية لإدارة الشكاوى لخدمة العملاء المتصلين رقمياً

مع الوضع في الحسبان المسار الذي بدأ المنظمون في المجال بتحديده للتعامل مع الزبون المتصل رقمياً، تحتاج الشركات إلى القدرات التكنولوجية لضمان نجاحها. فيما يأتي بعض أكثر التحديات شيوعاً التي تواجه فِرق خدمة الزبائن الحديثة، التي غالباً ما تكون نتيجة اتباع حلول قديمة مثل النقاط غير المتصلة:

  • أوقات الاستجابة الطويلة عند التواصل مع الزبائن: غالباً ما يكون سببه الحاجة إلى التنسيق بين إدارات عدة لها أنظمة وعمليات مختلفة؛ وهذا يجعل التعاون عبر الفرق صعباً.
  • الوقت الضائع بسبب هدر الموارد عالية المهارة: من خلال عدم استعمال التعلم الآلي والأتمتة لإنجاز المهام البشرية المكررة مثل المعالجة المسبقة للشكوى، فأنت تعتمد على البشر ذوي المهارات العالية للعمل على المهام الروتينية؛ وهذا يزيد من التكلفة الإجمالية للتعامل مع الشكاوى.
  • إجبار الزبائن على تبديل القناة لتقديم الشكاوى وعدم الاستجابة حين يكون الزبون نشطاً: يتسبب ذلك في استجابة فرق عدة أهدافها مختلفة، بما في ذلك فريق التسويق لمعالجة مشكلات العلامة التجارية، وفريق خدمة العملاء لتوجيه الزبون إلى القنوات المناسبة.

من خلال عدم توفير برنامج إدارة شكاوى رقمي يشمل القنوات التي يستعملها زبائنك، فإنَّك تخاطر بشعورهم بأنَّك لا تستمع لهم، وأنَّك لا تهتم لأمرهم. ويؤدي إجبار الزبائن على الانتقال إلى قناة مختلفة لتقديم الشكاوى إلى شعورهم بالإحباط وإنتاج تجارب سلبية لكل من الزبون ومقدِّم الخدمة، وهذا يضر في النهاية بسمعة علامتك التجارية وإيراداتك.

بالتأكيد سيكون هناك دائماً بعض الزبائن الذين لا يشعرون بالرضى أبداً، وقد يكون الوقت قد فات بالفعل لإنقاذ علاقتك بهم، ولكن عند عدم الاستجابة لهم، أنت تخاطر بترك انطباع سيئ عن علامتك التجارية لدى الزبائن الآخرين والمحتملين، وتخاطر بالخضوع للعقوبات في حالة عدم الامتثال.

أهمية تقنية إدارة الشكاوى لتقديم تجربة زبائن موحدة عبر الإنترنت

الخبر السار هو أنَّ هناك تقنية يمكنها مساعدتك، وفي حين أنَّها ليست حلاً مثالياً يسمح لك بتقديم خدمة زبائن رائعة لمنتجات مذهلة، لكن يمكن أن تساعد التكنولوجيا المناسبة الشركات على تحديد الشكاوى الحقيقية، وأتمتة الاتصال بالطرف الصحيح لحل المشكلة، سواء كان موظفاً بشرياً أم محتوى يحتوي الإجابة عن الاستفسار.

من الهام إيجاد حل لإدارة الشكاوى مُصمم خصوصاً لمساعدتك على الامتثال لأحدث التوجيهات والسياسات الداخلية، والأهم من ذلك، توقعات الزبائن. فيما يأتي بعض العناصر التي يجب البحث عنها عند تقييم واختيار نظام إدارة الشكاوى:

  • هل يوحِّد قنواتك الرقمية الحالية والمستقبلية؟
  • هل يشمل نماذج التعلم الآلي المخصصة التي لم تُصمَّم فقط لمجال عملك، ولكن يمكن تخصيصها لشركتك؟
  • هل يمكنه العمل مع الأنظمة والعمليات الحالية لديك لتحسين عمليات إدارة تصعيد المشكلات إلى مستويات أعلى من الإدارة؟
  • هل هو مصمم لتجربة رقمية تصميماً أساسياً، أم أنَّ التجربة الرقمية هي إضافة لاحقة؟

باستعمال التكنولوجيا المناسبة في كامل الشركة، يمكن لفرق الخدمة التركيز على الزبائن في عملياتهم، ومن خلال القدرة على توجيه مشكلات خدمة العملاء وحلها وقياسها في حل مدمج متعدد القنوات، يمكن لفرق الخدمة تجنُّب إحباط الزبائن عبر تقديم توجيهات إيجابية في الوقت المناسب، والتحكم بالتكلفة من خلال الأتمتة التي تتحقق من جميع الرسائل وتحدد الإجراءات المناسبة للتفاعلات وتخصص لها الموارد التنظيمية المناسبة.

إذا تحققتَ من أنظمة إدارة الامتثال والتصعيد الحالية عند إعادة تصورها من المنظور الرقمي، ستجد أنَّها تختلف جوهرياً عن حلول "مركز الاتصال كخدمة" (Contact Center as a Service) النموذجية في السوق اليوم؛ وذلك لأنَّ التقدم التكنولوجي قد أتاح للناس اليوم خيارات أكثر من أي وقت مضى عن متى وأين يتفاعلون مع شركتك.