بدأت تشتكي الكثير من الشركات والعلامات التجارية في الآونة الأخيرة من انخفاض وصول منشوراتهم إلى المستخدمين على منصة فيسبوك (Facebook)؛ حيث يعود السبب في حدوث ذلك إلى خوارزمية فيسبوك (Facebook) الجديدة في عام 2021، والتي تتكون من أربعة مؤشرات أساسية تؤثِّر في ترتيب المحتوى في صفحة آخر الأخبار (newsfeed)، وهي: حداثة المنشورات، وشهرتها، ونوع المحتوى، والعلاقات بين المستخدمين.

انخفض متوسط وصول المنشورات المجانية في منصة فيسبوك (Facebook) إلى 5.2% في أواخر عام 2020؛ بعد أن بلغت نسبة وصولها إلى 5.5% في أواخر عام 2019 و7.7% في عام 2018، وعلى الجانب الآخر، وصل متوسط ​​معدل التفاعل مع المنشورات المجانية في منصة فيسبوك (Facebook) في عام 2020 إلى 0.25%؛ حيث تنخفض ​​هذه النسبة إلى 0.08% لمن لديهم أكثر من 100 ألف متابع.

ينبغي أن يتفاءل الجميع قليلاً بهذه الأرقام؛ فخوارزمية فيسبوك (Facebook) تضيق الخناق على نسبة وصول المحتوى المجاني الذي تنشره العلامات التجارية؛ بيد أنَّ كل استراتيجية تسويق عبر منصة فيسبوك (Facebook) تتطلب محتوى مجانياً ومدفوعاً على حد سواء؛ لذا آن الأوان لاكتشاف ما ينبغي أن يفعله مديرو وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص هذا الأمر.

لحسن الحظ، قدَّمت شركة فيسبوك (Facebook) مجموعةً من المعلومات الجديدة حول آلية عمل خوارزميتها، والتي سنطلعك على أحدث تفاصيلها في مقالتنا اليوم.

ما هي خوارزمية فيسبوك (Facebook)؟

تحدِّد خوارزمية فيسبوك (Facebook) المنشورات التي يراها المستخدمون والترتيب الذي يظهر وفقه المحتوى في كل مرة يتحققون بها من صفحة آخر الأخبار (newsfeed)؛ وبدورها، تذكِّرنا شركة فيسبوك (Facebook) بأنَّها لا تستخدم خوارزميةً واحدةً فحسب؛ وإنَّما "طبقات متعددة من نماذج التعلُّم الآلي والتصنيفات"، للتنبؤ بالمنشورات التي تُعدُّ "أكثر قيمةً وأهميَّةً بالنسبة إلى الفرد على الأمد الطويل".

بعبارة أخرى، تقيِّم خوارزمية فيسبوك (Facebook) المنشورات وتحتسب درجةً لكل منها، ثم ترتِّبها ترتيباً تنازلياً حسب اهتمام كل مستخدم على حدة، بدلاً من عرض كل منشور موجود على المنصة وفق ترتيبه الزمني، وتحدُث هذه العملية في كل مرة يحدِّثُ فيها المستخدمون - والذين يبلغ عددهم 2.7 مليار مستخدم - صفحات آخر الأخبار (newsfeed) الخاصة بهم.

ورغم أنَّنا لا نعرف جميع تفاصيل العملية التي تحدِّد من خلالها خوارزمية فيسبوك (Facebook) ما تظهره للناس (وما لا تظهره)، إلا أنَّنا نعلم أنَّ أحد أهدافها يتمثَّل في حث المستخدمين على التصفح كي يشاهدوا المزيد من الإعلانات.

ولكن عليك أن تعرف إن كان سيؤثِّر ذلك في العلامات التجارية؛ حيث يتعلق الأمر بإحراز المزيد من الوصول المجاني للمحتوى إلى جمهورك، ستكافئك خوارزمية فيسبوك (Facebook) عبر نشر المحتوى الذي يحصد تفاعل الناس.

تاريخ موجز لخوارزمية فيسبوك (Facebook)

ليست خوارزمية فيسبوك (Facebook) ثابتةً للغاية؛ إذ يعمل المهندسون على تعديلها باستمرار؛ وتستخدم الخوارزمية آلاف نقاط البيانات أو ما يُعرف باسم مؤشِّرات الترتيب لإجراء تنبؤاتها؛ فعلى مر السنين، أُضيفت وأُزيلت هذه المؤشرات وعُدِّلت أهميتها، وذلك وفقاً لما تعتقد شركة فيسبوك (Facebook) أنَّ المستخدمين يرغبون في رؤيته، إليك فيما يلي بعض التغييرات الهامة التي طرأت على الخوارزمية خلال السنين:

1. من عام 2003 إلى عام 2009

أطلق مارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg) موقع فيسبوك (Facebook) في عام 2004، إلا أنَّ صفحة آخر الأخبار (newsfeed) ظهرت لأول مرة في عام 2006، ليتبعها إطلاق زر "أعجبني" (Like) في عام 2007؛ وأما في عام 2009، فأطلقت المنصة لأول مرة ترتيباً اعتمد على عرض المنشورات التي كانت تحصد أكبر عدد من الإعجابات في أعلى صفحة آخر الأخبار (newsfeed).

2. عام 2015

وبعد مُضي سنواتٍ عدَّة، ولا سيما في عام 2015، ازداد اهتمام فيسبوك (Facebook) بتجربة المستخدم، وبدأ يخفِّض من مراتب الصفحات التي تنشر قدراً كبيراً من المحتوى الترويجي (كالمنشورات المجانية التي تتضمن محتوى شبيهاً بالإعلانات)؛ كما منحت المنصة للمستخدمين في العام ذاته القدرة على التأثير في الخوارزمية تأثيراً مباشراً، وذلك حينما أطلقت ميزة "شاهد أولاً" (See First) التي تتيح للمستخدمين تحديد الصفحات التي يرغبون في رؤية منشوراتها في أعلى صفحة آخر الأخبار (newsfeed).

3. عام 2016

في عام 2016، أضاف فيسبوك (Facebook) مؤشر تصنيف جديد يحدد قيمة المنشورات بناءً على الوقت الذي يقضيه المستخدمون في مشاهدتها، حتى لو لم يُعجَبوا بها أو لم يشاركوها؛ كما أُعطيت الأولوية لفيديوهات البث المباشر، والتي كان يشاهدها الناس أكثر بثلاث مرات من الفيديوهات العادية.

4. عام 2017

بدأ فيسبوك (Facebook) خلال هذا العام بمنح الأولوية للتفاعلات العاطفية، وذلك من خلال ترجيح التفاعلات (أي زر "أحببته" (love) أو "أغضبني" (anger)) على الإعجابات العادية؛ كما أُضيف مؤشر آخر خاص بترتيب ظهور الفيديوهات، وهو معدل إتمام مشاهدة الفيديو؛ أي عرض مقاطع الفيديو التي يشاهدها الناس حتى انتهائها لعدد أكبر من المستخدمين.

5. عام 2018

في شهر كانون الثاني من عام 2018، أعلن زوكربيرغ (Zuckerberg) أنَّ خوارزمية فيسبوك (Facebook) ستعطي الأولوية "للمنشورات التي تعزِّز المحادثات وتُقابَل بتفاعلات هادفة"، (جاء هذا على ما يبدو رداً على الانتقادات الواسعة التي تعرَّضت لها الشركة بشأن التأثيرات السلبية التي تُحدِثها على نسيج المجتمع بأكمله)، وكان الهدف من التغييرات تعزيز جودة الوقت الذي يقضيه الناس في استخدام فيسبوك (Facebook)، وتحمُّل مسؤولية الطريقة التي تؤثِّر من خلالها المنصة في صحة المستخدمين النفسية ورفاههم العام.

عبَّرت العلامات التجارية عن مخاوفها المبرَّرة بشأن هذه التغييرات؛ حيث حظيت منشورات الأصدقاء والعائلة والمجموعات بأهمية جديدة فاقت أهمية المحتوى المجاني الذي تنشره المنظمات والشركات؛ لذا ينبغي أن تسعى العلامات التجارية إلى كسب المزيد من التفاعلات التي تمنحها الخوارزمية قيمةً عالية (كالتعليقات والتفاعلات والردود على التعليقات ومشاركة المنشور مع صديق عبر تطبيق "ماسنجر" (Messenger)).

6. عام 2019

تمحورت التحديثات التي أُجريت في عام 2019 حول إعطاء الأولوية "للفيديوهات الأصلية ذات الجودة العالية" التي يشاهدها الناس لأكثر من دقيقة واحدة، ولا سيما تلك التي تجذب انتباههم لما يزيد عن ثلاث دقائق، كما بدأت فيسبوك (Facebook) بتعزيز ظهور المحتوى الذي ينشره "الأصدقاء المقربون"؛ أي أولئك الذين يتفاعل معهم الناس كثيراً، سواء كان ذلك عبر الإشارة إلى بعضهم بعضاً في الصور أم تبادل الرسائل الفورية في تطبيق "ماسنجر" (Messenger).

على الجانب الآخر، واجهت الشركة موجةً من الانتقادات؛ فمن جهة، لعبت الخوارزمية دوراً في نشر المعلومات المضللة والخطيرة؛ فبحسب النقاد، أثار تغيير الخوارزمية في عام 2018 حالةً من الغضب والانقسام والاستقطاب السياسي وروَّج لمعلومات مضللة ومحتوىً لا ينتهك شروط وسياسات فيسبوك (Facebook) تماماً ولكن يقترب من ذلك؛ ومن جهة أخرى، لم تنل التقنيات أو كمية البيانات الشخصية التي كانت تجمعها شركة فيسبوك (Facebook) بحجة إنشاء الخوارزمية إعجاب النقاد.

7. عام 2020

أعلنت شركة فيسبوك (Facebook) أنَّها تساعد المستخدمين على فهم الخوارزمية، والتحكم في بياناتهم الخاصة لتأخذ بذلك الخوارزمية تغذيةً راجعةً أفضل؛ إلا أنَّ القلق كان يساور الناس مساورةً كبيرةً بشأن خصوصيتهم، ولم يعتقدوا أنَّ مجرد الحصول على "إعلانات تناسبهم" يستحق ذلك الثمن.

على الجانب الآخر، أعلنت الشركة في عام 2020 - فيما يخص اتهامات ترويج الأخبار المزيفة على المنصة - أنَّ الخوارزمية ستقيِّم مصداقية وجودة المقالات الإخبارية لتروِّج بذلك للأخبار الموثَّقة بدلاً من المعلومات المضللة.

كيفية إنشاء خوارزمية فيسبوك (Facebook) في 2021

في شهر كانون الثاني من عام 2021، نشرت فيسبوك (Facebook) تفاصيل جديدة حول خوارزميتها.

  1. تأخذ فيسبوك (Facebook) جميع المنشورات المتاحة في شبكة المستخدم (والتي تُعرف أيضاً باسم "المخزون")، وتحتسب درجةً لكل منها وفقاًَ لمؤشرات ترتيب محددة مسبقاً، مثل نوع المنشور وحداثته، وغيرها.
  2. وبعدها، تستبعد المنشورات التي يُرجَّح ألا يتفاعل معها المستخدم؛ وذلك بناءً على سلوكه السابق؛ كما أنِّه يخفض من ظهور المحتوى الذي لا يرغب المستخدمون في مشاهدته (كمنشورات جذب الانتباه (clickbait) أو المعلومات المضللة أو المحتوى الذي أشاروا إلى أنَّهم لا يحبون رؤيته).
  3. تُنشِئ بعدها "شبكة عصبونيةً ً أكثر فاعلية" على ما تبقى من المنشورات لتحتسب درجةً لكل منها بطريقة مخصصة، ثم ترتِّبها وفقاً لقيمتها؛ لنفترض أنَّك من المحتمل أن تشاهد مقاطع فيديو تعليمية من مجموعة شطرنج بنسبة 20%، ولكن يزيد احتمال أن تتفاعل بوضع "أحببته" على صورة جديدة نشرها أحد أفراد عائلتك بنسبة 95%.
  4. وأخيراً، تنظِّم شريحةً واسعةً من أنواع الوسائط والمصادر ليكون بذلك لدى المستخدم مجموعةٌ متنوعةٌ من المنشورات ليتصفحها.

إذاً، كيف نعرف العوامل التي تؤثِّر في وصول المنشورات إلى أعلى صفحة آخر الأخبار؟ يعتمد الأمر برمته على المستخدِم بذاته؛ إذ تكشف الشركة أنَّها تستخدم الآلاف من المؤشرات لترتيب المنشورات؛ بدءاً من سرعة اتصال المستخدم بالإنترنت ووصولاً إلى الطريقة التي يفضِّلون التفاعل من خلالها سواء عبر تسجيل الإعجاب أم التعليق؛ ومع ذلك، تؤكِّد فيسبوك (Facebook) باستمرار على أهمية مؤشرات الترتيب الأربعة في ظهور المنشورات في أعلى صفحة آخر الأخبار.

مؤشرات الترتيب الأربعة التي تعتمدها خوارزمية فيسبوك (Facebook)

  • العلاقات بين المستخدمين: هل المنشور من شخص أو شركة أو مصدر إخباري أو شخصية عامة يتفاعل المستخدم معها باستمرار؟ (كإرسال الرسائل والإشارات والتفاعل والمتابعة وغيرها).
  • نوع المحتوى: ما هو نوع الوسائط الموجودة في المنشور، والتي يتفاعل معها المستخدم أكثر من غيرها؟ (أي هل هي فيديو أم صورة أم رابط).
  • شعبية المنشور: كيف يتفاعل الناس مع المنشورات التي شاهدوها بالفعل؟ (والأصدقاء خاصةً)؛ فهل يشاركونها أم يعلقون عليها أم يتجاهلونها أم يضعون التفاعلات؟
  • حداثة المنشور: متى نشرت المنشور؟ فالمنشورات الحديثة تظهر قبل غيرها في أعلى صفحة آخر الأخبار.

تتطلب معظم هذه المؤشرات أن تتعقَّب الشركة سلوك المستخدمين؛ حيث يتجلى النقاش المتعلق بالخصوصية مقابل إضفاء الطابع الشخصي، وفي عام 2021، تواصل منصة فيسبوك (Facebook) بذل جهدها لتوضِّح معلوماتها للمستخدمين؛ فمثلاً، من المفترض أن تساعد أداة "الوصول إلى معلوماتك" (Access Your Information) الناس على اكتشاف سبب استمرار رؤيتهم لإعلانات معينة.

لعلَّ نتيجة النقاش المتعلق بالخصوصية مقابل إضفاء الطابع الشخصي ستتكشَّف أكثر في المستقبل؛ وحتى وإن اختار معظم المستخدمون على المنصة العودة إلى ما كانت عليه الأمور في السابق، إلا أنَّ كلَّاً من المحتوى المجاني والمدفوع على فسبوك ينبغي أن يكونا جذابَين وغنيَّين بالمعلومات وممتعَين وملهِمَين؛ لذا دعنا نلقي نظرةً على الطرائق التي تستفيد العلامات التجارية من الخوارزمية من خلالها لتعزيز وصول منشوراتها المجاني.

11 استراتيجية للتعامل مع خوارزمية فيسبوك (Facebook)

1. الرد على جمهورك

لن يلقى المحتوى المرتبط بعلامتك التجارية التفاعل ذاته الذي يلقاه المحتوى الذي ينشره أصدقاء المستخدمين أو أفراد أُسَرِهم، ولكن من الهام للغاية إقامة روابط مع كل جمهورك؛ وذلك لأنَّ الخوارزمية تعطي الأولوية لمنشورات الصفحات التي تفاعل معها المستخدمون في الماضي؛ لذا يُعدُّ الرد على جمهورك أمراً أساسياً، سواء كان ذلك في تطبيق "ماسنجر" (Messenger) أم ضمن التعليقات.

ولا تفوِّت الفرصة إذا أخذ شخص ما بعضاً من وقته ليتحدث إلى علامتك التجارية؛ بل أصغِ إليه أو أضحكه أو ألهمه بطريقة تدفعه إلى تصوير المحادثة وإرسالها إلى محادثته الجماعية مع إضافة وجه تعبيري ينمُّ عن تأثُّره بما قلته