تغيرت الطريقة التي تؤثر بها العلامات التجارية في المستهلكين جذرياً؛ إذ تلاشت مناهج التسويق التقليدية مثل المعاملات بين الشركات (B2B) ومباشرة إلى المستهلك (B2C)، وظهر مكانها التجارة بين عميل وآخر (C2C).

وأكَّد 76% من الأفراد في استطلاع حديث أنَّهم يثقون بالمحتوى الذي يشاركه الأشخاص "العاديون" أكثر من الذي تشاركه العلامات التجارية، وتستطيع العلامات التجارية استثمار هذا التوجُّه الجديد من خلال استخدام المحتوى الذي ينتجه المستخدم (UGC).

إنَّ فوائد المحتوى الذي ينتجه المستخدمون واضحة؛ إذ أشارت سيدة الأعمال "ماري ميكر" (Mary Meeker) في تقريرها الأخير عن التوجهات السائدة على الإنترنت، إلى أنَّ المحتوى الفعال الذي ينتجه المستخدمون على موقع "فيسبوك" (Facebook) يولِّد تفاعلاً أعلى بنحو 7 أضعاف من المحتوى الذي تنتجه العلامة التجارية.

كما أنَّ استخدام المحتوى الذي ينتجه المستخدمون أرخص بكثير من الحملات التسويقية الكبرى، وعندما تضع في الحسبان أنَّ 500 مليوناً من مستخدمي موقع "إنستغرام" (Instagram) البالغ عددهم 800 مليوناً يتفاعلون مع المنصة يومياً، ستدرك أنَّ هناك كمية كبرى من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وسيرتفع هذا الرقم مع الوقت؛ ولهذا يجب على العلامات التجارية أن تستثمره، ولحسن الحظ، باشرت بعض العلامات التجارية بذلك.

وفيما يأتي علامتان تجاريتان تطبِّقان التسويق الذي ينتجه المستهلك تطبيقاً جيداً، وفق التفاعلات العامة بين العلامة والمستهلكين عبر وسائل التواصل الاجتماعي:

1. شركة "آبل" (Apple)

"إذا نجحت خطتك فلا تغيرها"، ينطبق هذا القول المأثور على حملات "ملتقَطة بآيفون" (Shot on iPhone) من شركة "آبل" (Apple)؛ ففي الحملة الأولى "ملتقطة بآيفون 6" (Shot on iPhone 6)، التي أطلقتها في عام 2015، فازت شركة "آبل" (Apple) بعدد من جوائز "كانز ليونز" (Cannes Lions) المرموقة.

وأظهرت الحملة المبتكرة للزبائن المحتملين فوائد استخدام الهاتف المحمول "آيفون 6" (iPhone 6) عبر تحويل صور حقيقية التقطها المستخدمون إلى إعلانات تُعرَض في جميع أنحاء العالم.

وكانت آخر حملة لشركة "آبل" (Apple) صوراً التقطها المستخدمون باستخدام الهاتف المحمول "آيفون 7" (iPhone 7) لليلة واحدة من جميع أنحاء العالم، التي استعرضت قدرات الكاميرا في التقاط الصور في الإضاءة المنخفضة.

لقد أصبحت حملات "ملتقطة بآيفون" (Shot on iPhone) جزءاً أساسياً من استراتيجية التسويق للعلامة التجارية؛ فهي دليل على قوة المنتج، كما أنَّ استخدامها للمحتوى الذي ينتجه المستخدمون يُشعِر الزبائن بأنَّهم جزء من مجتمع شركة "آبل" (Apple) الكبير والمتحمس.

ليس مفاجئاً إذاً أنَّ شركة "آبل" (Apple) أنشأت حساباً رسمياً على موقع "إنستغرام" (Instagram)، وبوصفه مكمِّلاً على الإنترنت لحملة الإعلانات الناجحة، كل الصور المنشورة على الحساب أنتجها المستخدمون - مع ذكر كل مصور - وفي كثير من الحالات، تستفيد شركة "آبل" (Apple) من تنسيق معرض "إنستغرام" (Instagram) ومقاطع الفيديو لعرض صور متعددة.

تزامن توقيت إنشاء شركة "آبل" (Apple) لحساب على موقع "إنستغرام" (Instagram) مع حدث "آبل إيفينت" (Apple Event) لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي أطلقت خلاله الهاتف المحمول "آيفون 8" (iPhone 8) والهاتف المحمول "آيفون إكس" (iPhone X).

قد تشير الميزات المحسَّنة للكاميرا في المنتجات الجديدة إلى زيادة التركيز على المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وهذا يشجع الزبائن على مشاركة محتوى الصور والفيديو الجديد والفريد.

2. شركة "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic)

بدأت شركة "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic)، المعروفة بمحتواها المرئي المذهل، بالاستفادة من المحتوى الذي ينتجه المستخدم، ومن قوة مجتمع الصور بنجاح.

لقد عزَّزت العلامة التجارية الشعور بالانتماء بين المستخدمين في حملة "لقطتك" (Your Shot)، التي ترحِّب بجميع رواة القصص المرئية إلى مجتمعها، سواء كانوا هواة أم محترفين؛ وذلك عبر إنشاء ملف شخصي تعرض فيه أفضل الصور الفوتوغرافية والصور المفضلة والإنجازات للمستخدم.

كما تتيح المهام المحدَّدة للمستخدمين المساهمة بأفضل صورهم، وبوصفه جزءاً من مجموعة "ديلي دوزن" (Daily Dozen) يختار فريق من المحررين بعناية أفضل مشاركات المستخدمين لتُنشر على الإنترنت وفي المجلة، ثم يصوِّت أعضاء المجتمع على اللقطات المفضلة لديهم، التي يُعلَن عنها على موقع "إنستغرام" (Instagram).

وتستضيف العلامة التجارية أيضاً مسابقات مثل "مُصوِّر الطبيعة للعام" (Nature Photographer of the Year)؛ إذ يعرض المحررون صورهم المفضلة من المشاركات كل أسبوع، ويحصل الفائز بالجائزة الكبرى على 7500 دولار، وتُنشَر صورته الفائزة على الإنترنت وفي المجلة، وبالطبع، هناك معايير مرتفعة جداً للمشاركة.

تمكَّنت شركة "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic) بفضل المهام والمسابقات، من الاستفادة من مجموعة ضخمة من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، ويلبِّي هذا الجانب من المجتمع رغبة الناس بأن يلاحظهم الآخرون ويقدروهم، ويقوي الترويج للعلامة التجارية.

وتشير إحصاءات شركة "إس بي آي" (SBI®) إلى أنَّ استراتيجية تسويق المحتوى الذي ينتجه المستخدمون من شركة "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic) تؤتي ثمارها؛ إذ تتلقى العلامة التجارية 3.4 مليون تفاعل مع المحتوى يومياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الخلاصة

من الواضح أنَّ تسويق المحتوى الذي ينتجه المستخدمون منتشر جداً؛ إذ غيَّرت علامات تجارية مثل شركة "آبل" (Apple) وشركة "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic) وشركة "بورش" (Porsche) أساليبها بعد أن أدركت أنَّ زبائنها يستهلكون المحتوى، وينتجونه ويقيِّمونه أيضاً.

لذا، سيكون اكتساب ثقة الجيل زد - وهو أصغر الفئات العمرية اليوم - أساسياً للعلامات التجارية في المستقبل؛ إذ ترى بنوك "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs) أنَّ الجيل زد هو أهم بالنسبة إلى العلامات التجارية من جيل الألفية؛ وذلك لسبب وجيه، فهم سيشكلون بحلول عام 2020 ثلث سكان الولايات المتحدة.

الجيل زد هو الجيل الأكثر ذكاءً وتنوعاً من الناحية التكنولوجية، وهم يتوقون إلى الصدق والتفرد ويريدون أن تكون العلامات التجارية مخلصة. ومع استخدام المحتوى الذي ينتجه المستخدم، يمكن للعلامات التجارية أن تثبت لهؤلاء المستهلكين أنَّها تهتم بهم.