تحدثنا في الجزء الأول عن تعريف التسويق الرقمي وكيفية تحديد عائد الاستثمار من حملات التسويق الرقمي وكيفية حسابه وعن عائد الاستثمار الجيد. وسنتحدث في هذا الجزء عن متى يجب قياس عائد الاستثمار وكيف يرتبط مسار التحويل به وكيفية تحسينه ومقاييس التسويق الرقمي الأخرى.
متى يجب قياس عائد الاستثمار لحملات التسويق الرقمي؟
لفهم متى يكون قياس عائد الاستثمار مفيداً لحملات التسويق الرقمي، عليك أولاً فهم مفهوم مسار التحويل. حيث يشرح مسار التحويل مكان وجود عميل محتمل معين في رحلة الشراء. وعموماً، يوجد ثلاثة عناصر لمسار التحويل:
1. أعلى المسار:
لدى العميل المحتمل في هذا المسار اهتمام عام بموضوع يتعلق بعملك. فمن غير المرجح أن يشتري على المدى القريب كونه مهتماً في المقام الأول بجمع المعلومات والمواد التعليمية.
2. منتصف المسار:
يدرك العميل المحتمل في هذه المرحلة أنَّه من المحتمل أن يستفيد من منتجك أو خدمتك ولكنَّه غير مستعد لإجراء عملية شراء بعد. وقد يحتاج إلى معلومات إضافية، أو ربما يقارن بينك وبين منافسيك. حيث يتجه العميل المحتمل في منتصف مسار التحويل نحو الشراء، لكنَّه لم يتخذ قراراً بعد.
3. أدنى المسار:
العميل المحتمل في هذه المرحلة مستعد لشراء منتج أو خدمة؛ غالباً ما يُشار إلى استفساراته عبر الإنترنت باسم "نية الشراء" لأنَّ لديه نية واضحة لإجراء عملية شراء. وبالمثل، من المرجح أن ينقر على إعلانات محددة للمنتجات أو الخدمات التي يحتاج إليها، بدلاً من الاستعلام عن معلومات عامة. وبعد الانتهاء من بحثه، يصبح مستعداً للتحول من عميل محتمل إلى عميل دائم.
كيف يرتبط مسار التحويل بعائد الاستثمار في التسويق الرقمي؟
يساعدك فهم مسار التحويل في تصميم حملات التسويق الرقمي على وجه أفضل للوصول إلى العميل المحتمل المناسب في المرحلة التي يمر بها من رحلة الشراء. كما يساعدك أيضاً على فهم متى يكون قياس عائد الاستثمار مناسباً.
عائد الاستثمار هام عند التركيز على التسويق في مرحلة أدنى المسار. وعلى الرغم من ذلك، لا يفكر العملاء المحتملون بالشراء في أدنى مسار التحويل فحسب. بل إنَّهم بحاجة إلى معرفة عملك والثقة به قبل اتخاذ قرار الشراء. كما يجب أن يكون عائد الاستثمار دائماً في ذهنك عند الاستثمار في أي تسويق، لكنَّه ليس واضحاً جداً في التسويق في أعلى مسار التحويل.
قد يكون من المناسب قياس عائد الاستثمار على الفور عند استهداف العملاء في أدنى المسار عن طريق إطلاق إعلان مدعوم عبر قنوات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال. ومع ذلك، عند تسويق المحتوى لتعزيز ظهور علامتك التجارية وتعزيز صوتها وتحسين تصنيف موقع الويب في صفحات نتائج محرك البحث، قد يكون قياس الزيارات والتفاعل على الأمد القصير أكثر فاعلية.
لا ينبغي أن يكون عائد الاستثمار هو المقياس الأساسي عندما يكون من الصعب حساب التأثير الدقيق لبعض القنوات أو الأنشطة في النتيجة. فعلى سبيل المثال، يؤدي تحسين محركات البحث وتسويق المحتوى إلى تحقيق نتائج على الأمد الطويل؛ ولذلك، فإنَّ محاولة قياس عائد الاستثمار فقط بعد شهر أو نحو ذلك لن يكون منطقياً. وبالمثل، من الصعب قياس تأثير موقع الويب نظراً لوجود قنوات أخرى.
من ناحية أخرى، بالنسبة لبعض الشركات، فإنَّ هدفها الرئيسي هو تحسين صورة العلامة التجارية وترويجها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق بالفيديو. وفي هذه الحالة، يكاد يكون من المستحيل قياس عائد الاستثمار.
كيف يمكنك تحسين عائد الاستثمار؟
الآن بعد أن صار لديك فكرة عن أهداف عائد الاستثمار، قد تحتاج إلى تقنيات ونصائح لتحسين عائد الاستثمار. ومرة أخرى، الخطوة الأولى في تعزيز عائد الاستثمار هي تحديد أهداف معينة لعائد الاستثمار. حيث يجب أن تكون مصمَّمة خصيصاً لكل جانب من جوانب استراتيجيتك التسويقية (على سبيل المثال، ينبغي ألا يكون لإعلانات الدفع مقابل النقر نفس هدف استثمارات تحسين محركات البحث).
بمجرد تحديد أهدافك، يمكنك تقسيم كل مكون من مكونات حملتك التسويقية إلى تفاصيل أصغر. فانظر إلى توليد العملاء المحتملين ونسب التحويل وقيم التحويل. حيث يتيح لك هذا معرفة عدد المرات التي يجلب فيها مكون التسويق عميلاً جديداً، ومن ثم يمكنك معرفة المبلغ الذي ينفقه هذا المكون في المتوسط. وهذا يساعدك ذلك في توجيه إنفاقك التسويقي إلى القنوات الأكثر كفاءة وفاعلية.
في نهاية المطاف، يوفر الاستثمار في التحليلات عالية المستوى تحليلاً متقدماً لإنفاقك وعوائدك. كما يمكن أن يوفر نماذج تنبؤية تساعدك على ضبط وقت إنفاقك على وجه أفضل ويمكِّنك في النهاية من الاستفادة من كل مكون من استثماراتك التسويقية.
ما مقاييس التسويق الرقمي الأخرى التي يمكن استخدامها كمؤشرات أداء رئيسية؟
قد تحقق الاستراتيجيات التي تستهدف العملاء في أعلى مسار التحويل، أو تلك الموجهة نحو تعزيز سلطة العلامة التجارية، عائد استثمار سلبي أولي. فتقبَّل حقيقة أنَّ عائد الاستثمار للأنشطة التسويقية سيكون سلبياً في البداية، ولكن مع بدء نمو الأعمال، عليك التوثق من أنَّ عائد الاستثمار في التسويق الرقمي إيجابي ويساعد على توسيع نطاق عملك.
الاعتماد على عائد الاستثمار باعتباره المقياس الوحيد لنجاح التسويق الرقمي هو وجهة نظر ضيقة للغاية. فبدلاً من ذلك، فكر في أهداف كل مكون من استراتيجية التسويق الرقمي الشاملة، وامنح كل منها الوقت اللازم للنضج قبل أن تتوقع رؤية عائد استثمار إيجابي.
لا يمكن أن يكون عائد الاستثمار هو المؤشر الوحيد للنجاح. حيث تتحول مرات الظهور إلى تفاعل ويتحول التفاعل إلى نقرات، وتتحول النقرات إلى مبيعات. فالمقاييس التي تُظهر أنَّ الحملة تتجه في الاتجاه الصحيح قد تكون مؤشراً أقوى للنجاح من عائد الاستثمار.
وتشمل المقاييس إلى جانب عائد الاستثمار التي يمكن استخدامها لقياس نجاح جهود التسويق الرقمي في المراحل المبكرة ما يلي:
1. التكلفة لكل عميل محتمل:
تدرس التكلفة لكل عميل محتمل تكلفة توليد عميل محتمل واحد، أي جلب فرد إلى مسار التحويل. وتُحسب عن طريق قسمة إجمالي تكلفة حملة التسويق الرقمي على عدد العملاء المحتملين الذين تولدهم بمرور الوقت. التكلفة المنخفضة لكل عميل محتمل مفيدة.
2. تكلفة الاكتساب:
مثل التكلفة لكل عميل محتمل، تقيس تكلفة الاكتساب تكلفة تأمين عميل واحد يدفع. وتُحسب عن طريق قسمة إجمالي تكلفة الحملة على عدد التحويلات المنسوبة إلى تلك الحملة.
3. عدد مرات الظهور:
تشير مرات الظهور إلى عدد مرات مشاهدة إعلان أو عبارة تحث المستخدم على اتخاذ إجراء (CTA). حيث تمنح مرات الظهور معلومات مفيدة عن عدد المستخدمين الذين يشاهدون موقعك على الويب. وكلما زاد عدد مرات الظهور، زادت مشاهدة إعلانك أو العبارات التي تحث على اتخاذ إجراء.
4. نسبة النقر إلى الظهور:
تشير نسبة النقر إلى الظهور (CTR) إلى المعدل الذي يقرر به المستخدمون الذين يشاهدون إعلاناً أو دعوة إلى اتخاذ إجراء (CTA) النقر للوصول إلى صفحة الهبوط . حيث تُحسب نسبة النقر إلى الظهور بقسمة عدد مرات الظهور الناتجة عن الإعلان أو الدعوة لاتخاذ إجراء على عدد مرات النقر عليهما. وتعني نسبة النقر إلى الظهور المرتفعة أنَّ المستخدمين لا يشاهدون إعلانك أو عبارة الدعوة لاتخاذ إجراء فحسب، بل ينقرون عليهما أيضاً.
5. معدل التفاعل:
هو مقياس يُستخدم في تسويق المحتوى يوضح مقدار تفاعل الجمهور مع المحتوى. حيث تؤثر عوامل مثل التعليقات أو المشاركات أو الإعجابات في معدل التفاعل. ويعني ارتفاع معدل التفاعل أنَّ جمهورك يتعامل بنشاط مع محتواك ويدعم التعرف على العلامة التجارية وسلطتها.
6. القيمة الدائمة للعميل:
هي مقياس يصف القيمة طويلة الأمد للعميل المحتمل الذي صار عميلاً دائماً. فعلى سبيل المثال، يحصل العميل الذي يجري أكثر من عملية شراء على قيمة دائمة أعلى بكثير من المتسوق لمرة واحدة. ويكشف قياس القيمة الدائمة للعملاء المكتسبين من خلال حملة التسويق الرقمي عن عائد استثمار طويل الأمد مرتبط باستراتيجيات التسويق الرقمي.
في الختام:
يعني تحقيق النجاح عن طريق استراتيجية التسويق الرقمي الشاملة استثمار المال والوقت. مثل حديقة الخضروات، يبدأ التسويق الرقمي بزراعة البذور؛ تنمو بعض البذور في تربة خصبة وتزدهر، في حين أنَّ بعضها الآخر لا ينمو بسرعة.
ومع ذلك، مع القدر المناسب من الوقت والاهتمام والصبر، يمكن رعاية العديد من العملاء المحتملين إلى أن يتحولوا إلى عملاء دائمين، تماماً كما يمكن رعاية النباتات لتؤتي ثمارها. ولهذا السبب، يساعدك اتباع نهج أدق في تحليل عائد الاستثمار على فهم قيمة استثمارك الأولي في حملة تسويقية فهماً أفضل.
يجب أن يكون أرباب الأعمال الصغيرة على استعداد لتقديم التزام واقعي بالتسويق الرقمي إذا كانوا يريدون تحقيق النتائج. فعليك الإنفاق أولاً، ثم الاستثمار والصبر لتحقيق النتائج.
اعتماداً على الحملة، قد تستغرق النتائج عدة أشهر. فيجب على أرباب الأعمال الصغيرة أن يبدؤوا مع وضع النتيجة نصب أعينهم، وأن يكون لديهم استراتيجية تسويق رقمية قوية، وأن يستثمروا ويثابروا مدة كافية لتحقيق المبيعات والإيرادات. وفي أثناء ذلك، يجب عليهم تتبع مدى تقدم الحملة نحو أهدافها المرجوة.