التسويق الرقمي فئة واسعة تشمل مجموعة كبيرة من القنوات والاستراتيجيات المصممة لزيادة ظهور العلامة التجارية في محركات البحث، وتعزيز سمعة الشركة، وفي النهاية تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء دائمين ومن ثم الاحتفاظ بهم.

يرغب عديد من أرباب العمل في فهم عائد الاستثمار (ROI) عندما يتعلق الأمر بالإنفاق على التسويق الرقمي. ومع ذلك، في بعض الحالات، يصعب قياس عائد الاستثمار، وفي حالات أخرى لا طائل منه.

ما التسويق الرقمي؟

التسويق الرقمي هو تتويج لجهود ترويج العلامة التجارية والتسويق للشركة عبر جميع القنوات الرقمية، منها محركات البحث وموقع ويب الشركة والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والتسويق عبر الرسائل النصية القصيرة ومواقع الويب التابعة.

تتضمن حملة التسويق الرقمي عادةً قنوات متعددة. وقد تشمل أيضاً تقنيات مدفوعة ومجانية لتعزيز ظهور العلامة التجارية وتحويل زوار موقع الويب إلى مشترين.

تحوي حملات التسويق الرقمي على عديد من المكونات المتغيرة، بعضها بطبيعته عبارة عن استراتيجيات طويلة الأمد. ونتيجة لذلك، قد يكون من الصعب تحديد ما إذا كانت حملة التسويق الرقمي تحقق عائداً أم لا.

كيف تحدد عائد الاستثمار من حملات التسويق الرقمي؟

لسوء الحظ، نادراً ما يكون إدخال بعض المعلومات الأساسية في حاسبة عائد الاستثمار عبر الإنترنت كافياً لفهم فاعلية حملاتك التسويقية الرقمية فهماً كاملاً. قد يكون من المغري محاولة ربط نموذج عائد استثمار بسيط بجهود التسويق الرقمي، ولكن طبيعة بعض أساليب التسويق تعني أنَّ استثمارك التسويقي الإجمالي قد لا يحقق عائداً ملموساً بعض الوقت. علاوة على ذلك، تستخدم حملة التسويق الرقمي قنوات وأساليب متعددة، ما يُصعِّب تحديد صافي الدخل المرتبط بتكتيك تسويق رقمي واحد.

يتعلق تحديد عائد الاستثمار في التسويق الرقمي بتتبع القنوات المختلفة التي تشكل استراتيجيات التسويق الرقمي الشاملة. وبالطبع، استثمارك الأولي هام. ومع ذلك، قد يكون قبول خسارة قصيرة الأمد مفيداً في بعض الأحيان لتحقيق النجاح على الأمد الطويل. كما يمكن القيام بذلك بعدة طرائق اعتماداً على الطبيعة الدقيقة لحملتك.

كيف تحسب عائد الاستثمار؟

قبل التعمق في نماذج عائد الاستثمار المعقدة، من الأفضل أن نفهم حالة بسيطة. إنّ حساب عائد الاستثمار الأساسي واضح ومباشر: تأخذ قيمة استثمارك، وتطرح تكلفته ثم تقسِّم على تكلفة الاستثمار.

بعبارة أبسط، تأخذ التغيير في إيراداتك بعد إطلاق حملتك التسويقية، وتطرح المبلغ الذي أنفقته عليها ثم تقسِّم على تلك التكلفة. يُظهر لك هذا العائد من كل دولار تنفقه.

(الزيادة في الإيرادات – تكلفة التسويق) / تكلفة التسويق

لنلقي نظرة على مثال:

لنفترض أنَّك استثمرت 100 دولار في برنامج إعلان الدفع مقابل النقر. يجب أن تقارن إيراداتك قبل تنفيذ البرنامج بإيراداتك بعد تنفيذه، ثم اطرح المبلغ الذي أنفقته على الإعلانات. لنفترض أنَّ النتيجة هي زيادة في الإيرادات قدرها 1000 دولار.

في هذه المرحلة، يمكنك بالفعل معرفة مقدار الإيرادات الأولية التي اكتسبتها من الحملة الإعلانية. ولمعرفة العائد من كل دولار تنفقه، ما عليك سوى تقسيم الزيادة في إيراداتك على تكلفة الحملة. يوضح لك ذلك القيمة الحقيقية من كل دولار تنفقه على إعلانات الدفع مقابل النقر.

في هذا المثال، عائد الاستثمار هو 10 إلى 1، أي أنَّك حققت إيرادات إضافية بقيمة 10 دولارات مقابل كل دولار أنفقته على التسويق. وبطبيعة الحال، هذا الحساب البسيط له حدود كونه لا يتنبأ بعائد الاستثمار الطويل الأمد للحملة، كما أنَّه لا يقيس الفوائد غير المباشرة للتسويق، مثل العائد الاجتماعي على استثمارك. يمكننا الآن الانتقال إلى قياسات عائد الاستثمار الأكثر تقدماً.

إليك ثلاثة أساليب شائعة لقياس عائد الاستثمار:

1. وسم الروابط باستخدام معلمات يو تي إم (UTM):

إذا سبق لك أن رأيت رابطاً طويلاً مع علامة استفهام ملحقة به، فهذا رابط وحدة تتبع أورشين (Urchin Tracking Module). تساعد هذه الروابط في تتبع حملات التسويق الرقمي في جوجل أناليتيكس (Google Analytics). عندما ينقر المستخدم على رابط موسوم برمز يو تي إم، يتتبع جوجل أناليتيكس المكان الذي نقر فيه المستخدم على الرابط بالإضافة إلى الحملة التي أدت إلى اكتساب العميل المحتمل.

عليك التوثق من أنَّ الروابط التي تروِّجها عبر كل قناة موسومة على وجه صحيح بمعلمات يو تي إم. هذه خطوة أساسية لتوليد العملاء المحتملين والتجارة الإلكترونية.

2. إعداد بكسلات التتبع الرقمية:

يمكن إضافة بكسلات التتبع الرقمي إلى موقعك على الويب لتتبع مصدر الزوار وكيف يمكنك استهدافهم لاحقاً كجزء من استراتيجية تجديد النشاط التسويقي. هذه الأدوات مفيدة لتتبع الزيارات والمعاملات على موقعك على الويب.

3. استخدم أداة إدارة علاقات العملاء (CRM):

يساعدك استخدام برنامج عالي الجودة لإدارة علاقات العملاء في تتبع العملاء المحتملين من أول اتصال معك حتى إتمام عملية الشراء. يعد استخدام برنامج إدارة علاقات العملاء لتتبع العملاء المحتملين الذين اكتسبتهم من حملة التسويق الرقمي، ووسمهم بما يشير إلى ذلك، طريقة فعالة لمعرفة عدد العملاء المحتملين الذين تكسبهم من إنفاقك على التسويق الرقمي لشركتك.

إذا كانت المعاملات لا تجري على موقعك على الويب، وكنت تستخدمه فقط لتوليد عملاء محتملين، فعليك استخدام نظام إدارة علاقات العملاء مثل هاب سبوت (HubSpot) لتتبع العملاء المحتملين من البداية حتى إتمام الصفقة معهم، وتصدير بيانات يو تي إم إلى برنامج إدارة علاقات العملاء من موقعك على الويب. وبهذه الطريقة، عندما تعقد صفقة مع عميل محتمل معين، يمكنك تتبع القناة التي جاء منها هذا العميل.

باستخدام البيانات المستمدة من هذه الطرائق، يمكنك حساب قيمة حملاتك التسويقية الرقمية المختلفة، سواء كان مؤشر الأداء الرئيسي المفضل لديك (KPI) هو زيادة معدل التحويل أم تحسين ظهور العلامة التجارية أم نسبة النقر إلى الظهور. وبذلك، يمكنك ببساطة معرفة الفرق بين تلك القيمة وإجمالي إنفاقك على التسويق الرقمي.

ومع ذلك، فإنَّ حساب عائد الاستثمار ليس دائماً أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كانت استراتيجية التسويق الرقمي ناجحة أم لا. بدلاً من ذلك، من الأفضل أن تفهم أهداف كل جزء من استراتيجيتك الشاملة؛ بالنسبة لبعض الأهداف، يجب أن يكون عائد الاستثمار واضحاً منذ البداية، وبالنسبة لأهداف أخرى، قد يستغرق الأمر بعض الوقت لرؤية عائد إيجابي.

ما عائد الاستثمار الجيد للتسويق الرقمي؟

لا توجد إجابة واحدة عن هذا السؤال. تعتمد كلمة "جيد" على أهدافك وتوقعاتك واستراتيجياتك، ولكن قد تساعدك بعض الأمثلة في تحديد المجال المناسب لعائد الاستثمار الجيد.

لنفترض أنَّك أنفقت 100 دولار على تحسين وصولك للعملاء على فيسبوك. تؤدي هذه الـ 100 دولار إلى زيادة إجمالية في المبيعات قدرها 200 دولار. وحققت عائد استثمار بنسبة 100 بالمائة. هل هذا جيد؟ ذلك يعتمد على نفقاتك العامة. يمكنك تحقيق التعادل إذا بعت البضائع بهامش ربح قدره 50 بالمائة. أنت تنفق 100 دولار لتبيع ما قيمته 200 دولار، لكن التكلفة الحقيقية لتحقيق هذه المبيعات تبلغ 100 دولار. تحتاج إلى نسبة عائد استثمار أعلى من 2 إلى 1 حتى يكون تسويقك مربحاً.

ولذلك، فإنَّ أحد العوامل الهامة في تحديد عائد الاستثمار الجيد هو معرفة النفقات العامة. يجب أن تكون عوائدك التسويقية مرتفعة بما يكفي لتغطية التكاليف التشغيلية بالإيرادات الجديدة التي تجلبها. في المتوسط، نسبة عائد الاستثمار 5 إلى 1 كافية لتكون مربحة وتعد جيدة.

ومع ذلك، هناك أوقات يكون فيها عائد الاستثمار المنخفض جيداً، لأنَّه يحقق هدفاً مختلفاً. خير مثال على ذلك هو توليد العملاء المحتملين.

لنأخذ مثال عن مستثمر عقاري:

الغرض من تسويقه الرقمي هو شراء العقارات. حيث لن يؤدي تسويقه الرقمي إلى توليد أي عائد مباشر على الاستثمار. وبدلاً من ذلك، فإنَّه يولد عملاء محتملين لاقتناء العقارات (وهذا قد يحقق ربحاً لاحقاً).

في هذه الحالة، يكون عائد الاستثمار السلبي مقبولاً إذا كانت التكلفة لكل عميل محتمل تولد ما يكفي من عمليات الاقتناء للحفاظ على الأعمال.

بهذه الطريقة، يجب دائماً مراعاة الأهداف عند حساب عائد الاستثمار. إذا كان الهدف هو زيادة الإيرادات المباشرة من التسويق، فإنَّ نسبة 5 إلى 1 هي هدف أساسي، بشرط أن تغطي النفقات العامة في هذه العملية.

في الختام

تحدثنا في هذا الجزء عن تعريف التسويق الرقمي وكيفية تحديد عائد الاستثمار من حملات التسويق الرقمي وكيفية حسابه وعن عائد الاستثمار الجيد. وسنتحدث في الجزء الثاني عن متى يجب قياس عائد الاستثمار وكيف يرتبط مسار التحويل به وكيفية تحسينه ومقاييس التسويق الرقمي الأخرى.