البحث عن المنافسين مهمة شائعة وضرورية في أي عمل تسويقي، وهي ممارسة هامة خاصة في التسويق الرقمي؛ وذلك لأنَّ طبيعة الوسط الرقمي تتغير بسرعة والعلامات التجارية في منافسة شرسة دائماً ضد بعضها بعضاً لجذب المستخدمين عبر منصات متعددة.

فيجب أن يبيِّن إجراء بحث عن محتوى المنافسين أين يفشل محتوى علامتك التجارية على الإنترنت مقارنة بالمنافسين، وباستخدام هذه المعلومات، يمكنك تقوية نقاط الضعف في استراتيجيتك التسويقية والتغلب على المنافسين بمحتوى أفضل، كما يجب أن تحسن النتائج موثوقية محتوى علامتك التجارية وتصنيفها في صفحات نتائج البحث عن الكلمات المفتاحية ووصولها في عمليات البحث المجانية.

لكنَّ عمليات البحث عن المنافسين نادراً ما تؤدي إلى نجاحات سريعة؛ فيجب أن تكون ماهراً في تطبيق أفضل الممارسات بما يكفي لاستخلاص المعلومات من مصادر متعددة تقدِّم أنواع محتوى بنوعيات متفاوتة، ويجب أن تفهم أي المحتوى هاماً، وفي النهاية، يجب أن تعرف سبب كون بعض الخيارات أفضل من غيرها.

وكل هذه العوامل تجعل عمليات البحث عن المنافسين صعبةً؛ وذلك لأنَّه إذا لم تفهم أي القرارات هي أفضل للمحتوى، فستكرر أخطاء غيرك وينتهي بك الأمر في حال أسوأ مما كنت عليه قبل إجراء البحث، وخاصةً إذا كنت تقلد منافسين يتبعون أسلوباً خاطئاً أو غير مناسب لمستخدميك المثاليين. ولتجنب تدمير سمعة علامتك التجارية، يجب أن تختار المنافسين الذين تبحث عنهم بعناية، وتحدد المشكلات التي يعالجونها وتهمك، وتحدد مدى فاعلية استراتيجيتهم التسويقية.

تحديد المنافسين:

عندما نفكر في المنافسين، غالباً ما نفكر في المنافسين المباشرين؛ أي العلامات التجارية التي تقدم منتجات أو حلولاً مماثلة وتتنافس على جذب المستخدمين نفسهم عبر الإنترنت وفي المتاجر التقليدية، مثل شركتي "باتاغونيا" (Patagonia) و"برانا" (Prana).

ويُعَدُّ تقييم محتوى المنافسين المباشرين نقطة انطلاق رائعة لبدء البحث التنافسي، ولكنَّ هذا لا يمثل سوى الخطوة الأولى، فيجب أن توسع نطاق بحثك وتحلل أداء محتواك مقارنة بمحتوى منافسيك على صفحات نتائج البحث أيضاً، ويُعَدُّ هذا التحليل الشامل أهم بالنسبة إلى الشركات الصغيرة التي تتنافس مع السلاسل الكبرى؛ مثل محل لبيع الكتب محلي مستقل ينافس سلسة متاجر "بارنز آند نوبل" (Barnes & Noble).

لسوء الحظ، تتجاهل العديد من الشركات قيمة تحليل تصنيفات صفحات نتائج البحث والوصول المجاني ضمن مجالها التخصصي، وفي بعض الأحيان، يكون السبب أنَّ العلامة التجارية لا تتنافس بشكل مباشر مع المواقع الإلكترونية التي تحتل المرتبة الأولى في التصنيف، في حالات أخرى، لا تمتلك الشركة الموارد اللازمة للتعامل مع كلا الجانبين في وقت واحد ويجب أن تركز إما على المنافسين المباشرين أو تصنيفات نتائج صفحات البحث.

وبصرف النظر عن السبب، فإنَّ استبعاد البحث عن المنافسين في صفحات نتائج البحث والتركيز على منافسيك المباشرين فقط يُعَدُّ خطأً فادحاً؛ على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تتسوق لشراء ملابس لتسلق الصخور ولا تبالي بالعلامة التجارية التي تشتري منها، فتبيع كل من شركتي "باتاغونيا" (Patagonia) و"برانا" (Prana) ملابس التسلق التي يمكنك شراؤها مباشرة من موقعيهما الإلكترونيين وتظهر كلتا العلامتين التجاريتين عند البحث عن "ملابس تسلق الصخور" في الصفحة الأولى، لكن لا تظهر أي منهما في الجزء المرئي من الصفحة؛ إذ تحتل "باتاغونيا" المرتبة السابعة و"برانا" الثامنة في التصنيف.

يحتل التصنيف الأول موقعاً مجانياً للتسلق متخصصاً بتقييم ملابس التسلق المختلفة، ويتمتع بتصنيف "دومين أثورتي" (domain authority) يبلغ 50، بينما تمتلك شركة "برانا" (Prana) تقييم 73 وشركة "باتاغونيا" (Patagonia) تقييم 85.

نية المستخدم من البحث هي نفسها لكل نتائج الصفحة الأولى وهي شراء ملابس التسلق، لكن في هذا المثال، لم تركز شركتا "برانا" و"باتاغونيا" على المنافسين غير المباشرين لصفحات نتائج البحث، ولو فعلوا ذلك، سيدركون أنَّ المستخدمين غير المهتمين بعلامة تجارية محددة، مثل الأشخاص الذين يستخدمون عبارات بحث عامة، غالباً ما يشترون المنتجات بناءً على التقييمات والتوصيات، ويدرك محرك البحث "غوغل" (Google) رغبة المستخدم هذه؛ وهذا هو السبب في أنَّ مصطلح البحث يحتل تصنيفاً أفضل من صفحات المنتج.

نظراً لتصنيف كلا الشركتين ومواردهما الكبيرة مقارنةً بموقع الويب الصغير والمتخصص هذا، إذا استخدم أي منهما المؤثرين لإنشاء محتوى يركز على التقييمات عن الكلمة المفتاحية "ملابس تسلق الصخور"، فمن المحتمل أن ينتزعوا الترتيب الأول بسهولة منه، وبدلاً من ذلك، ينخفض تصنيف هاتين الشركتين في صفحة النتائج وتضطران إلى استخدام الإعلانات المدفوعة للتنافس على جذب انتباه المستخدمين.

في النهاية، ينتج تحليل المحتوى الدقيق عن جمع المعلومات من صفحات نتائج البحث والمنافسين المباشرين؛ على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تدير شركة برنامج مركز اتصال للمعاملات مع الشركات وتريد أن تحتل التصنيف الأول في نتائج البحث عن مصطلح "برنامج مركز الاتصال"، ولديك ثلاثة منافسين مباشرين بتقييم "دومين أثورتي" مشابه لك وكل منهم يحتل مرتبة في مكان ما في الصفحة الأولى، أما التصنيفات الأخرى فهي لقوائم "أفضل البرامج".

وتنشئ نية البحث المتفاوتة بيئة تصنيف حساسة ومنافسة شديدة، وللحصول على أي فرصة للظهور في الصفحة الأولى، ستحتاج إلى انتقاء واستخدام أفضل جوانب المحتوى بعناية بحيث تتناسب مع القوائم وتتفوق على المنافسين المباشرين؛ وهذا يتطلب معرفة كيفية تحديد المنافس المناسب لتحليله.

اختيار المنافسين:

بدلاً من محاولة الموازنة بين تحليل صفحات نتائج البحث والمنافسين المباشرين، ركز على المنافسين الذين يحاولون تحقيق الهدف نفسه ولديك فرصة في التفوق عليهم، وإذا كنت ترغب في تحسين محتوى موقعك، يجب أن يستوفي أي منافس تبحث عنه المعايير الآتية:

  • خدمات ومحتوى العلامة التجارية لها علاقة بما تقدمه أنت وتستهدف مجموعة مستخدميك المثالية.
  • تتبع العلامة التجارية استراتيجية المحتوى وأفضل ممارسات تحسين محركات البحث أو تبتكر بدائل فعالة.
  • تحتل العلامة التجارية تصنيفاً جيداً في صفحات نتائج البحث لكلماتك المفتاحية المستهدفة:
    • محتوى العلامة التجارية الذي يحتل التصنيف المرتفع له علاقة وثيقة بمستخدمي علامتك التجارية وأهدافك.
    • يُعَدُّ تصنيف "دومين أثورتي" لصفحة علامتك التجارية جيداً بشكل معقول مقارنة بالمنافسين؛ لذلك من المحتمل أن تؤدي التغييرات إلى ارتفاع تصنيفك في صفحات نتائج البحث عن الكلمات المفتاحية.
  • لديك الموارد اللازمة للتنافس بشكل مباشر مع تصنيف العلامة التجارية على الإنترنت وحضورها.

هناك دائماً استثناءات لهذه القواعد؛ مثل العلامات التجارية التي لا تحتاج إلى وجود قوي على الإنترنت؛ وذلك لأنَّها تعتمد على عقود مع الجهات الخارجية والتسويق الشفهي، مثل المتعاقدين الحكوميين، لكن بالنسبة إلى شركات التسويق للمستهلكين ولمعاملات الشركات المتوسطة، فإنَّ اختيار المنافسين مع أخذ هذه الإرشادات في الحسبان سيبقيك مركزاً على المنافسين الجديرين باهتمامك.

تحديد نقاط ضعفك:

بعد أن تعرف من هم منافسوك، يجب عليك معرفة المحتوى الذي يجب تحليله وكيفية تحديد سبب تفوق محتواهم الإعلاني على محتواك، ويتطلب كل هذا معرفة نقاط ضعف علامتك التجارية.

يُعَدُّ عدم فهم نقاط ضعفك أو البحث عنها قبل إجراء بحث تنافسي خطأً فادحاً؛ وذلك لأنَّها تسمح لك بتضييق نطاق تحليلك التنافسي، لكن دون معرفة المشكلة، لن تعرف ما تستهدفه عندما تبحث في محتوى المنافس، أو قد تقلد الأفكار التي يجب عليك تجنبها أو تحاول التنافس مع موقع لا يتوافق مع أهدافك أو تصنيفك.

نقاط الضعف التي يجب أن تركز عليها:

يجب أن تحدد أهداف شركتك ومؤشرات أداء محتواك الرئيسة نقاط الضعف التي ستركز عليها؛ مثل معدل التحويلات المنخفض أو عمليات الاشتراك في الرسائل الإخبارية المتدنية أو مقاييس أداء الموقع الضعيفة.

لنفترض أنَّك تدير خدمة بث أفلام وثائقية وتواجه صعوبة في حث المستخدمين على الاشتراك في فترة تجريبية بعد قراءتهم منشورات المدونة أو أوراق بحثية تتعلق بالموضوع، وتعلم أنَّ أحد منافسيك لا يواجه هذه المشكلة؛ لذلك تخطط لقراءة محتواه لمعرفة بما تتفوق التجربة التي يقدمها عن تجربتك.

قبل أن تبدأ البحث في خدمة المنافس ومعرفة سبب اكتسابه الزبائن، تحتاج إلى معرفة سبب رفض المستخدمين للانضمام إليك، وفي هذا السيناريو سيكون أفضل خيار لك هو إجراء أبحاث المستخدم، مثل:

  • مقابلات المستخدم.
  • اختبارات أ/ ب.
  • الاستطلاعات.
  • اختبارات سهولة الاستخدام.
  • تتبع المواقع الجغرافية.
  • تحليل مقياس صافي نقاط الترويج (Net Promoter Score).

بعد تحديد سبب فشل علامتك التجارية، يمكنك عندئذٍ التفكير في كيفية حل خصمك المشكلات التي يواجهها المستخدمون مع خدمة علامتك التجارية، والحيلة لمعرفة ما إذا كان الحل الذي طبقه المنافس سيناسب علامتك التجارية هو فهم سبب نجاحه، وهناك الكثير من الطرائق لفعل هذا، بما في ذلك معرفة أفضل الممارسات، وإخضاع فكرة المنافس لنموذج بحث مُستخدِم، ومقارنة الخيارات.

تعتمد جميع هذه الأفكار على عنصر واحد مشترك، وهو معرفة ما إذا يتبع المنافسون أفضل الممارسات ويفعلون كل شيء كما يجب، ولكنَّ المنافسين يرتكبون الأخطاء وغالباً لا يقدمون للمستخدمين تجربة مثالية أو محتوى مثالياً.

ماذا يحدث عندما يخطئ المنافسون؟

حتى إذا اجتاز أحد المنافسين الاختبار الأولي ويبدو أنَّه علامة تجارية رائعة يمكنك من خلالها اكتشاف نقاط ضعفك، فقد تكون الانطباعات الأولى خادعة، وهناك الكثير من ممارسات التسويق الملتوية التي يمكن للشركات تطبيقها والتي لن تلاحظها للوهلة الأولى؛ مثل سيو القبعة السوداء أو الدفع للمستخدمين مقابل ترك تقييمات إيجابية، وهناك العديد من الأخطاء غير المتعمدة التي قد يرتكبها منافسوك والتي ستضر موقعك إذا طبقتها؛ مثل معايير إمكانية الوصول المنخفضة.

يجب أن يرتبط مقدار بحثك بالمخاطرة التي تتحملها لتطبيق فكرة أو استراتيجية، وبالنسبة إلى الأفكار الآمنة نسبياً، مثل إعادة كتابة منشور مدونة منافس، يمكن أن يكون البحث الواجب بسيطاً للغاية، مثل التحقق من مصادر المنشور وأهداف الكلمات المفتاحية والروابط الخلفية، بينما تتطلب الأفكار عالية الخطورة، مثل إعادة تصميم صفحات المنتج أو رحلة العميل فحصاً دقيقاً وشاملاً.

فيما يأتي عدد قليل من المؤشرات لتجنب المنافسين أو على الأقل إجراء عملية بحث أعمق في مواقعهم الإلكترونية:

  • أتمتة المحتوى مثل مدونات مكررة المحتوى (Scraper blogs) أو إشارات مماثلة لكون المحتوى رديء الجودة.
  • حجب الروابط (Link cloaking).
  • شبكات استضافة المقالات (Guest posting network) أو الأنظمة الأخرى لمشاركة المحتوى.
  • مزارع الروابط (Link farms) أو شبكات المدونات الخاصة أو أنواع التلاعب المماثلة.
  • الروابط المتعددة للمحتوى نفسه.
  • تقييمات المستخدمين المدفوعة.
  • التلاعب عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • التعليقات غير المرغوبة.
  • ملفات تعريف الارتباط الاحتيالية.
  • النص المخفي.

كيف تكتشف أخطاء المنافسين؟

لتجنب تطبيق أفكار خاطئة يجب أن تسأل نفسك دائماً الأسئلة الأربعة الآتية:

  1. هل يلتزم محتوى العلامة التجارية باستراتيجية المحتوى وأفضل ممارسات تحسين محركات البحث وتجربة المستخدم؟
  2. هل المحتوى هادف؟ وكيف تصل قيمته إلى المستخدمين؟
  3. لماذا تعتقد أنَّ العلامة التجارية أنشأت هذا المحتوى؟
  4. إذا طبقت فكرة مشابهة، كيف يمكن لموقعك المحدث ومحتواه تحسين تجربة المستخدم؟

تعمل هذه الأسئلة الأربعة بوصفها نظاماً للتحقق من سلامة الأفكار الجديدة؛ وذلك لأنَّها تجبرك على التفكير في مبررات اتخاذ أحد المنافسين لقراراته، وكيفية استجابة المستخدمين، وعواقب تطبيق هذه الاختيارات، وعلى الرغم من أنَّ هذه العملية ليست ضرورية لكل معلومة قد تحصل عليها من أحد المنافسين، إلا أنَّها تستحق العناء عندما تريد إجراء تغييرات هامة يمكن أن تسبب النجاح أو الفشل.

في الختام:

يُعَدُّ البحث التنافسي استراتيجية تسويقية ضرورية، وقيمته كبيرة إذا أخذت الوقت الكافي للتأكد من أنَّك تقيِّم منافساً جديراً بالتقييم، في حين أنَّه من السهل التقاعس في البحث وافتراض أنَّ منافسيك يعرفون ما يفعلونه، وبناءً على تصنيفات البحث أو الرأي العام، قد لا يكونون فعلاً مسوقين ماهرين وقد تهدر الوقت والموارد والمستخدمين على فكرة خاطئة حصلت عليها منهم.

إليك تذكير سريع بما يجب عليك فعله لتحضير نفسك للبحث التنافسي وتجنب تنفيذ الأفكار السيئة:

  • حدد مزيجاً من المنافسين المباشرين وصفحات نتائج البحث الذين لديهم محتوى مشابه لمحتواك ويحاولون تحقيق الهدف نفسه واستهداف المستخدمين ذاتهم.
  • حدد نقاط ضعف علامتك التجارية وحلل كيفية حل المنافسين لمشكلات مماثلة.
  • أجرِ بحثاً عن منافسيك وخياراتهم للمحتوى للتأكد من أنَّهم يتبعون استراتيجية المحتوى وأفضل ممارسات تحسين محركات البحث وتجربة المستخدم.