لطالما كان سرد القصص عنصراً جوهرياً في التواصل البشري منذ فجر التاريخ. فبدءاً من الأيام الأولى للتسويق الشفوي وحتى العصر الحديث للتسويق الرقمي، يتمتع فن السرد القصصي بقدرته على أسر الجمهور واستثارة العواطف وتكوين ذكريات دائمة. وفي عالم تسويق المحتوى، لا يمثل سرد القصص أداة لجذب الانتباه فحسب، بل هو وسيلة لبناء علاقة مع جمهورك المستهدف ونقل رسالة علامتك التجارية إليه بكفاءة.

سواء كنت تُعد مقالة أو فيديو أو حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تجعل القصة المناسبة محتواك فريداً وراسخاً في الذاكرة. وفي هذه المقالة، نستكشف فن السرد القصصي في تسويق المحتوى ونناقش كيف يمكنك توظيفه لتحقيق أهدافك التسويقية.

ما هو السرد القصصي في تسويق المحتوى؟

يشير السرد القصصي في تسويق المحتوى إلى استخدام تقنيات السرد لشرح رسالة علامتك التجارية والتواصل مع جمهورك المستهدف. فعندما تضيف قصة إلى محتواك التسويقي، فإنك لا تجذب الانتباه فحسب، بل تبني أيضاً صلة عاطفية أقوى مع جمهورك.

يساعدك سرد القصص على إحياء علامتك التجارية، مما يجعلها أكثر جاذبية وتأثيراً ورسوخاً في ذاكرة جمهورك. وسواءً كنت تُعد مقالةً أو فيديو أو حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أو أي شكل آخر من أشكال المحتوى، فإن سرد القصص أداة قوية تمكِّنك من التميز في المشهد الرقمي المزدحم وتحقيق أهدافك التسويقية.

أهمية السرد القصصي في تسويق المحتوى:

تكمن أهمية السرد القصصي في تسويق المحتوى في قدرته على إنشاء صلة مع جمهورك المستهدف وشرح رسالة علامتك التجارية بكفاءة. وفي عالم اليوم الرقمي سريع الخطى، يتعرض الناس لكم هائل من المعلومات يومياً. وللتميز وسط هذا الزحام وجذب انتباههم، عليك إنشاء محتوى مميز وذو صلة بهم. وهنا تبرز أهمية السرد القصصي.

من خلال سرد القصص، يمكنك إحياء علامتك التجارية وإثارة العواطف وبناء صلة أعمق مع جمهورك. فعندما تفعل ذلك بطريقة صحيحة، يساعدك سرد القصص على تمييز علامتك التجارية عن المنافسين، وإنشاء صوت وشخصية فريدة لعلامتك التجارية، وزيادة التفاعل مع جمهورك المستهدف. وعلاوة على ذلك، قد يساعدك سرد القصص أيضاً في إنشاء محتوى أكثر تأثيراً وقابلية للتذكر والمشاركة، مما يؤدي إلى تعزيز شعبية العلامة التجارية والولاء، وفي النهاية، زيادة التحويلات.

كيفية اختيار القصة المناسبة للمحتوى:

اختيار القصة المناسبة لمحتواك هام لنجاحك في السرد القصصي. حيث لا ينبغي للقصة الجيدة أن تأسر جمهورك فحسب، بل يجب أن تتماشى أيضاً مع رسالة علامتك التجارية وأهدافك التسويقية. عند اختيار القصة، ضع في اعتبارك ما يلي:

1. جمهورك المستهدف:

  • ما اهتماماتهم ومشكلاتهم وخياراتهم المفضلة؟
  • ما نوع القصص التي من المحتمل أن يتفاعلوا معها؟

2. رسالة علامتك التجارية:

  • ما الرسالة التي تريد نقلها عبر محتواك؟
  • ما قيم علامتك التجارية وكيف يمكن توظيفها في قصتك؟

3. أهدافك التسويقية:

  • ما الإجراء الذي تريد أن يتخذه جمهورك بعد قراءة محتواك أو مشاهدته؟
  • كيف يمكن أن تدعم قصتك تلك الأهداف؟

4. الصلة:

احرص على أن تكون قصتك ذات صلة بجمهورك المستهدف وبالوقت والسياق الحاليين.

5. العاطفة:

يجب أن تثير القصة الجيدة عواطف، مثل الفرح والإلهام والحزن. حاول أن تختار قصة من المرجح أن تثير العواطف التي تريد نقلها.

بعد تحديد القصة التي تتوافق مع جمهورك المستهدف ورسالة علامتك التجارية وأهدافك التسويقية، يمكنك البدء في إنشاء محتواك بالاستناد إليها. وتذكر أن مفتاح القصة الناجحة لا يكمن في اختيار القصة المناسبة فحسب، بل أيضاً في سردها بطريقة جذابة ومؤثرة.

دور العواطف في السرد القصصي لتسويق المحتوى:

للعواطف دور حاسم في السرد القصصي لتسويق المحتوى. حيث يؤدي سرد القصص بكفاءة إلى استحضار عواطف عميقة تبني صلة أقوى مع جمهورك المستهدف، مما يجعل محتواك أكثر تأثيراً وجاذبية. وعندما تستثير العواطف، فإنك لا تلفت انتباه جمهورك فحسب، بل تؤثر في سلوكاته وتحفزه على اتخاذ الإجراءات التي تريدها.

فكر في الأمر بهذه الطريقة، القصص التي تثير عواطفنا بقوة هي تلك التي تبقى في ذاكرتنا مدة أطول. وسواءً كانت قصة مؤثرة ودافئة أو قصة تشويق مثيرة، فإن القصص التي تجعلنا نشعر بشيء ما هي تلك التي من المرجح أن تعلق في ذاكرتنا ونشاركها. وبالمثل، عندما تثير العواطف في تسويق المحتوى، يمكنك إنشاء صلة أعمق مع جمهورك المستهدف، مما يشجعهم على مشاركة محتواك مع الآخرين.

عندما يتعلق الأمر بالعواطف لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع، فكل شخص يتأثر بعاطفة معينة بطريقة مختلفة، لذا من الهام أن تفهم جمهورك المستهدف وتختار قصة من المرجح أن تثير العواطف التي تتوافق مع أهدافك التسويقية. وسواءً كان الأمر يتعلق بالإلهام أو الفرح أو التعاطف، اختر قصة من شأنها أن تثير العواطف التي تتماشى مع علامتك التجارية وجمهورك المستهدف.

باختصار، للعواطف دور حاسم في السرد القصصي لتسويق المحتوى. وباستثارة العواطف، يمكنك إنشاء محتوى مقنع وذو تأثير وجاذبية.

الأنواع المختلفة للسرد القصصي في تسويق المحتوى:

للسرد القصصي في تسويق المحتوى أشكال عديدة، ويعتمد اختيار النوع المناسب من سرد القصص على علامتك التجارية وجمهورك المستهدف وأهدافك التسويقية. وفيما يلي بعض أكثر أنواع سرد القصص شيوعاً في تسويق المحتوى:

1. سرد القصص المرتبطة بالعلامة التجارية:

يقوم هذا النوع من سرد القصص على إنشاء قصة مرتبطة بعلامتك التجارية، بما في ذلك تاريخها وقيمها وشخصيتها. ويمكن القيام بذلك من خلال مدونات الشركة وصفحات "نبذة عنا" وأي محتوى آخر يسلط الضوء على شخصية علامتك التجارية.

2. سرد قصص العملاء:

يركز هذا النوع من سرد القصص على تجارب عملائك، وكيف ساعدتهم علامتك التجارية. ويمكن القيام بذلك من خلال تزكيات العملاء وقصص النجاح ودراسات الحالة.

3. سرد قصص المنتج:

يركز هذا النوع من سرد القصص على فوائد منتجك وكيف يساعد جمهورك المستهدف على حل مشكلة ما أو تلبية حاجة معينة. حيث يمكن القيام بذلك من خلال أوصاف المنتج ومقاطع الفيديو التوضيحية وأنواع أخرى من المحتوى الذي يركز على المنتج.

4. سرد القصص المرتبطة بمجال العمل:

يركز هذا النوع من سرد القصص على مجال العمل عموماً ومكانة علامتك التجارية فيه. ويمكن تحقيق ذلك من خلال طرح مقالات الريادة الفكرية وعرض المستجدات في مجال العمل وأي محتوى آخر يُبرز علامتك التجارية باعتبارها مرجع في مجالك.

5. الرواية:

هو النوع التقليدي لسرد القصص ويتطلب إنشاء قصة كاملة لها بداية ووسط ونهاية. حيث يمكن القيام بذلك من خلال مقاطع الفيديو ومنشورات المدونات وحملات وسائل التواصل الاجتماعي وأنواع المحتوى الأخرى التي تستخدم بنية سردية لشرح الرسالة.

لكل نوع من أنواع سرد القصص نقاط قوة وضعف، ويعتمد اختيار النوع المناسب على علامتك التجارية وجمهورك المستهدف وأهدافك التسويقية. وبصرف النظر عن نوع سرد القصص الذي تختاره، يكمن المفتاح في إنشاء محتوى مقنع وذو جاذبية وتأثير.

في الختام:

لقد تحدثنا في هذا الجزء عن تعريف السرد القصصي وأهميته وأنواعه، وسنتحدث في الجزء الثاني والأخير عن قياس تأثيره ونقدم نصائح وأمثلة عنه.