إنَّ الأمر الوحيد الذي يجمع بين معظم المسوِّقين هو أنَّهم يرغبون بجذب المزيد من العملاء المحتمَلين؛ وصحيحٌ أنَّ العملاء المحتمَلين قد لا يكونون مؤهَّلين دائماً لأن يكونوا عملاء دائمين، إلا أنَّهم يُعدُّون عاملاً هاماً في دفع عجلة العمل؛ لذا يحمل الكثير من المسوقين على عاتقهم مَهمَّة جذب المزيد منهم.

ثمة استراتيجية واحدة فعالة للغاية من بين جميع استراتيجيات جذب العملاء المحتمَلين؛ ألا وهي دمج تحسين محركات البحث (SEO) وتحسين معدل التحويل (CRO) معاً، قد يبدو هذا الأمر واضحاً، إلا أنَّ عدد فِرَق التسويق الذين يتقنون هذا أو ذاك، ولكنَّهم يخفقون في إيجاد توازن بينهما سيدهشك.

سنوضِّح فيما يلي أسباب أهمية إيجاد توافق بين تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل، والطريقة المثلى للقيام بذلك بحيث تعمل المَهمَّتين معاً على جذب العملاء المحتمَلين المؤهَّلين إلى شركتك.

تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل: لماذا لا يمكنك استخدام أحدهما بمعزلٍ عن الآخر؟

يعدّ اكتشاف الناس لشركتك أكثر أهميةً من أي وقت مضى؛ فإذا لم يتمكَّن المشتري المحتمَل من العثور على شركتك عبر الإنترنت، فثمة فرصة كبيرة بأن تقدِّمه لمنافسيك على طبق من ذهب.

تدرك معظم الشركات حالياً أهمية الظهور في نتائج البحث المجانية؛ فتحسين محركات البحث هو أكثر من مجرد مصطلح شاع استخدامه؛ بل هو أمر بديهي ولا بد منه، كما أنَّه عاملٌ أساسي في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وزيادة حركة مرور البيانات في موقعك الإلكتروني.

إلا أنَّ ثمة مقابل لذلك؛ إذ لا تتحول حركة المرور إلى عملاء وأرباح بطريقة سحرية؛ لذا اسأل نفسك: حينما ينقر الزوار على رابط مجاني يظهر في نتائج البحث، ويَصِلون إلى موقعك الإلكتروني، ما نوع تجربة التصفُّح التي يحظون بها؟ فهل يسهل تصفُّح موقعك؟ وهل حسَّنتَ صفحات الويب الخاصة بك لتوجيه المستخدم نحو اتخاذ إجراء ما؟ إنَّ حركة مرور البيانات دون التحويل ما هي إلا معايير زائفة؛ حيث يعمل تحسين معدل التحويل على ربط جميع هذه الأمور معاً.

ببساطة، إنَّ تحسين معدل التحويل هو عملية تحسين صفحات الموقع الإلكتروني لتقود المستخدمين نحو تنفيذ الإجراء المطلوب؛ حيث يحوِّل هذا الإجراء الزوار إلى عملاء محتمَلين، ويمكن أن يتحقق ذلك  من خلال طلب نسخة تجريبية، أو الاشتراك في النشرات الإعلامية عبر البريد الإلكتروني، أو التسجيل في ندوة عبر الإنترنت، أو غيرها.

تكمن الفكرة هنا في حث المستخدم على التقدُّم في قمع التسويق ؛ حيث يجذب تحسين محركات البحث الناس إلى موقعك الإلكتروني، بينما يحوِّلهم تحسين معدل التحويل إلى عملاء، قد يبدو الأمر بسيطاً للغاية، ولكن غالباً ما يكون تحقيق ذلك التوافق أصعب من التحدُّث عنه؛ لذا إليك 4 خطوات لتسهيل هذه العملية:

1. إرساء قاعدة متينة لتحسين محركات البحث في موقعك

يتطلب إرساء قاعدة متينة لتحسين محركات البحث في موقعك جهداً كبيراً؛ ورغم أنَّ هذا الموضوع يُعدُّ خارج سياق مقالتنا هذه، إلا أنَّ أي نقاش يوضِّح العلاقة بين تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل لن يكتمل دون التطرق إليه.

لقد ذكرنا سابقاً أنَّه لا يمكنك استخدام تحسين محركات البحث بمعزل عن تحسين معدل التحويل، إلا أنَّ العكس صحيح أيضاً؛ فرغم أنَّ التحويلات هي معايير هادفة وقائمة بذاتها، إلا أنَّه لا يمكنك تحويل أحد إلى عميل محتمل ما لم يحظَ موقعك بزوار، كما أنَّ إجراء التجارب والاختبارات يُعدُّ جزءاً هاماً من فاعلية تحسين معدل التحويل؛ لذا قد يصعب إجراء الاختبارات إذا كان موقعك الإلكتروني لا يجذب مقداراً مناسباً من حركة مرور البيانات.

تعزز استراتيجية تحسين محركات البحث الناجحة حركة التسويق الداخلي لجذب عملاء محتمَلين جدد إلى موقعك بصورة دائمة؛ فبفضل تحسين محركات البحث، قد يكون فريق التسويق بأكمله في إجازة مدفوعة لمدة أسبوع، إلا أنَّ موقعك سيستمر في جذب حركة مرور البيانات من تلقاء نفسه.

2. إعارة اهتمامك للمحتوى

يرتبط المحتوى بتحسين محركات البحث ارتباطاً وثيقاً؛ حيث يلجأ العملاء إلى محرك البحث للعثور على المحتوى الذي يجيب عن تساؤلاتهم؛ لذا ينبغي على المسوِّقين إنشاء محتوى يتطابق وطلبات البحث التي يحددها العملاء، وذلك من خلال إجراء بحث شامل عن الكلمات المفتاحية وتحسين الصفحات الداخلية لتحرص على تعزيز احتمال ظهور كل جزء من المحتوى الذي نشرته في الصفحة الأولى من نتائج البحث.

ورغم أنَّ هذا المنهج المتَّبع في إنشاء المحتوى فعال في جذب حركة مرور البيانات المجانية، إلا أنَّنا ننسى أحياناً التفكير في التأثير الذي قد يحدثه ذلك المحتوى، والذي يتعدى مجرد إحراز الكلمات المفتاحية المرتبة الأولى في محركات البحث، ولا ينطبق تحسين معدل التحويل على صفحات الهبوط أو الصفحات التي تقدِّم حلولاً أساسيةً فحسب؛ بل ثمة عناصر منه تنطبق على المحتوى على الأمد البعيد أيضاً.

حينما تخطط للعثور على أفكار لموضوعاتك، وتبحث عن الكلمات المفتاحية، حدد هدفاً لكل جزء من المحتوى الذي تنشره، من خلال طرح السؤال الآتي على نفسك: "ما هو الإجراء الذي أود أن يتخذه القارئ عندما يصل إلى هذه الصفحة؟" أدرِج هذا الهدف ضمن تقويم تحرير المحتوى الخاص بك على شكل زر دعوة للعمل (CTA) في كل صفحة تنشرها.

كما عليك أن تعير انتباهك للقارئ ومرتبته في قمع التسويق بصورة دائمة؛ فلعلَّ الشخص الذي وصل إلى محتوى بعنوان "دليل المبتدئين لأتمتة التسويق" ليس جاهزاً للحصول على عرض تجريبي بعد؛ لذا وجِّه القارئ هذا نحو إجراء أخف وطأةً كالاشتراك في نشرتك الإعلامية عبر البريد الإلكتروني.

لا ينبغي أن يدفع زر الدعوة للعمل المتقَن القرَّاءَ إلى الشعور بأنَّه زر غير مرغوب فيه أو ترويجي بشكل مبالغ به؛ بل يجب أن يمنحهم قيمةً مضافةً، كما أنَّ اتباع هذه العملية لا يحصر تفكيرك ضمن نطاق حركة مرور البيانات فحسب؛ بل يجعلك تفكِّر في معدل التحويل حتى قبل أن تنشر المحتوى.

3. إجراء الاختبارات ثمَّ التحسينات، ثم تكرار العملية مجدداً

ترتبط تجربة المستخدم بتحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل ارتباطاً وثيقاً؛ فإذا كان موقعك الإلكتروني بطيئاً ويصعب تصفُّحه، فسيؤثر ذلك سلباً في حركة مرور البيانات ومعدَّلات التحويل؛ لذا ينبغي أن يكون هدفك هو تحسين موقعك الإلكتروني باستمرار لتحرص على أن يستمتع أي شخص يصل إليه بتجربة تصفُّح خالية من أي إشكالات؛ والذي سيعزز من احتمال ارتفاع معدلات التحويل.

إنَّ هذا هو السبب الكامن وراء أهمية اختبار التقسيم، أو اختبار أ / ب، والذي هو عملية اختبار متغيرات عديدة في صفحة من صفحات موقعك الإلكتروني لتحديد المتغيِّر الذي يتلقى معدل تحويل أعلى، ويُعدُّ هذا الاختبار من الممارسات الأساسية التي يستخدمها المسوقون المتخصصون في تحسين معدل التحويل، ويمكنك اختبار أنواع مختلفة من نماذج العملاء المحتمَلين وأزرار الدعوة للعمل والصِيَغ وحتى تصاميم الصفحات.

إليك فيما يلي مثالاً على اختبار التقسيم بين نموذج يتضمن خطوةً واحدةً، وآخر متعدد الخطوات:

قد تتردد بعض شركات تحسين محركات البحث في إجراء اختبارات التقسيم خشية أن يؤثر ذلك سلباً في المرتبة المجانية التي يحرزها موقعهم في محركات البحث، إلا أنَّ منصة "غوغل" (Google) لا تحثُّ على إجراء الاختبار فحسب؛ بل تمتلك أداةً تساعد المسوِّقين على إجرائها، وبما أنَّك تلتزم بإرشادات مشرفي المواقع من "غوغل" (Google)، فمن المفترض ألا تلاحظ أي تأثير سلبي كبير في حركة مرور البيانات المجانية بسبب الاختبار.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّه لا يمكنك الوصول إلى دلالة إحصائية في اختبارات التقسيم دون عينة كبيرة بما يكفي؛ أي بعبارة أخرى، تحتاج إلى حركة مرور البيانات للحصول على نتائج اختبار دقيقة، ولا توجد قاعدة تحدد ما يمكن عدَّه "مقداراً كافياً من حركة مرور البيانات" ولكن يجمع الناس على أن يصل عدد زوار الموقع إلى الآلاف على الأقل، ويُعدُّ هذا مثالاً آخر على مدى الارتباط الوثيق بين تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل.

ناقشنا سابقاً مدى أهمية إرساء قاعدة متينة لتحسين محركات البحث في موقعك، وبتَّ تعرف الآن كيف يتناسب ذلك مع الصورة الكبيرة للأمور؛ فالعامل المشترك هنا هو أنَّ ثمة علاقة ترابُط بين تحسين معدَّل التحويل وتحسين محركات البحث، وما يفيد أحدهما يفيد الآخر أيضاً، ويعمل كلاهما على تحقيق الهدف المشترك ذاته: وهو تعزيز الإيرادات.

4. تحديد الثغرات في قمع التسويق

حينما تنظر إلى الصورة الكبيرة لجهودك في مجال التسويق الداخلي، يمكن أن يساعدك تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل في تحديد وإصلاح أي ثغرات تجدها في قمع التسويق.

لنفترض أنَّك تمتلك صفحةً لمنتج تحتل المرتبة الأولى في نتائج محركات البحث بسبب استخدام كلمات مفتاحية مناسبة، وتجذب الكثير من حركة مرور البيانات؛ إلا أنَّك حينما تتعمق أكثر في بيانات التحويل، تلاحظ أنَّ نسبةً ضئيلةً فقط من المستخدمين الذين وصلوا إلى تلك الصفحة يتحولون إلى عملاء محتمَلين.

يُعدُّ هذا الأمر إشارةً تحذيريةً إلى أنَّ هناك خطباً ما بالصفحة؛ حيث يمكن أن تكون المشكلة في الرسائل أو العرض أو نموذج العميل المحتمل؛ فنجاح موقعك في محرك البحث "غوغل" (Google) لا يعني بالضرورة أن يجذب جمهورك؛ والذين يهمك رأيهم في نهاية المطاف.

على الجانب الآخر، لنفترض أنَّك تمتلك صفحةً لمنتج يتحول فيها نسبة كبيرة من الزوار إلى عملاء محتمَلين، ولكنَّك لاحظت أنَّها واحدة من أقل الصفحات التي تجذب حركة مرور البيانات إلى موقعك، يُعدُّ ذلك بمثابة تنبيه لكي تُعدِّل المحتوى الذي نشرته في تلك الصفحة، وتُحدِّد الفرص لإعادة تحسينه؛ وإذا لم تفعل ذلك، فقد تفقد المئات من التحويلات المحتملة.

الخلاصة

تشبه العلاقة بين تحسين محركات البحث وتحسين معدل التحويل إلى حد ما معضلة الدجاجة والبيضة في عالم التسويق؛ حيث لا يمكنك أن تتقن استخدام أحدهما دون الآخر.

من الناحية الواقعية، لا يهم أي منهما سبق الآخر؛ بل ما يهم هو تحقيق التوافق بين هذين الاستراتيجيتين الهامَّتين في التسويق، ومن خلال القيام بذلك، سيكون موقعك الإلكتروني عاملاً أساسياً في جذب العملاء المحتمَلين وتحقيق إيرادات عالية لشركتك.

إنَّ الفائدة الأساسية التي في إمكانك استخلاصها من هذه المقالة هي دمج قدراتك في تحسين محركات البحث وتحسين معدَّل التحويل على أنَّهما جزءٌ لا يتجزأ من استراتيجيتك في جذب العملاء المحتمَلين.