في الوقت الحالي يُعَدُّ الجيل زد (Gen Z) هو الجمهور المُستهدَف الرئيس للعلامات التجارية التي تحاولُ الحفاظَ على شعبيتها وجذب مستهلكين جدد؛ وتسبَّبَ حبُّ الجيل زد لمنصاتٍ مثل تطبيق "تيك توك" (TikTok) وخدمة "تويتش" (Twitch) بتغييرِ العديد من الشركات لأساليبِها التسويقية، والانتقال إلى استراتيجيات مثل التسويق بالتعاون مع المؤثرين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يوجد جيل جديد من المُتوقَّع أن يغير مجال التسويق أكثر؛ وهو الجيل ألفا (Gen Alpha).
الجيل ألفا (Gen Alpha) هو أول جيل يُولَدُ بالكامل في القرن الحادي والعشرين؛ أي في عالم رقمي بالكامل، ومن المُتوقَّع أيضاً أن يكون أكبر جيل في التاريخ؛ إذ سيشمل أكثر من 2 مليار شخص بحلول عام 2025، ونظراً إلى هذا الرقم الضخم، ستكون لهذا الجيل قوة شرائية كبيرة؛ لذلك يجبُ على الشركات إعداد استراتيجياتها التسويقية وفقاً إلى ذلك.
إليك ما تحتاج العلامات التجارية والشركات إلى معرفته عن الجيلِ القادم من المستهلكين:
مَن هو الجيل ألفا؟
الجيل ألفا هو التركيبة السكانية التي تلَتْ الجيل زد، وتتكوَّن من أي شخص وُلِدَ في أثناء أو بعد عام 2010 وحتى عام 2025، وفي الوقت الحالي يتكونُ الجيل ألفا من أطفالٍ تقلُّ أعمارهم عن 12 عاماً؛ لذلك سيصبح الأكبر سناً في هذه الشريحة مراهقاً في عام 2023.
يُطلَق على أطفال جيل ألفا أحياناً اسم "جيل الألفية الأصغر"؛ وذلك لأنَّهم أبناء جيل الألفية، ويُعتقد أنَّ علاقتهم بوالديهم قوية جداً ومن المحتمل أن تكون لديهم عادات استهلاكية مماثلة.
ما هي خصائص جيل الألفا؟
وفقاً إلى هيذر دريتش (Heather Dretsch) الأستاذة المساعدة للتسويق في جامعة ولاية كارولينا الشمالية (North Carolina State University)؛ فمن المرجَّح أن يقلِّد أطفال الجيل ألفا آباءَهم عندما يتعلق الأمر بأنواع المنتجات التي يستهلكونها مع تقدُّمهم في السن؛ وذلك لأنَّ الآباء من جيل الألفية يدركون تماماً المنتجات التي يستخدمونها.
قالت دريتش: "يسعى الآباء من جيل الألفية كونهم واعين صحياً إلى الحصول على الكثير من المعلومات حول المنتجات التي يشترونها ويستخدمها أطفالهم؛ من الألعاب والطعام إلى الملابس ومنتجات العناية الشخصية، ويحبون أن يكونوا على دراية بأفضل العلامات التجارية لأطفالهم، ويختارون فقط أكثرها أماناً ونظافة والأعلى جودة".
نظراً إلى أنَّ أبناء جيل الألفية يختارون العلامات التجارية التي يثقون بها ويُدخلونها إلى منازلهم، فمن المُحتمل أن يختار الجيل ألفا العلامات التجارية والمنتجات نفسها لأنَّهم سيكونون معتادين عليها، ومع وضع ذلك في الحسبان، تقول دريتش إنَّ أطفال جيل ألفا يُدركون بالفعل وجود منتجات مقلدة رخيصة ويفضِّلون بالفعل المنتجات عالية الجودة والعلامات التجارية الرائدة في المجال.
كما أصبحَ الجيل ألفا أكثر اتصالاً بالإنترنت من أي وقت مضى بسبب نشأته في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت شركةُ أبحاث السوق "جي دبليو آي" (GWI) في استطلاع أجرتهُ عام 2022 أنَّ 38% من الأطفال قالوا إنَّهم يقضون معظم وقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بعد المدرسة، وقالت الشركة إنَّ الرقم يرتفع بنسبة 43% في عطلات نهاية الأسبوع.
يُظهِرُ الاستطلاع نفسه أنَّ 43% من الأطفال يفضلون التحدث إلى أصدقائهم عبر الإنترنت خلال عطلة نهاية الأسبوع بدلاً من مقابلتهم شخصياً.
لا يقتصر الأمر على اتصال أطفال الجيل ألفا بأقرانهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ بل هم أيضاً واعونَ اجتماعياً ويبقون على اطِّلاع على آخر الأخبار العالمية مثل تغيُّر المناخ.
على سبيل المثال تحدثت الكاتبة داينا وينتر (Dayna Winter) من شركة "شوبيفاي" (Shopify) إلى ثلاثة أطفال صغار وسألتهم ما هو الاختراع الذي قد يصنعونه إذا استطاعوا، أجابتها فتاة بالغة من العمر عشر سنوات بأنَّها ستبتكر جهازاً يسهِّل الحصول على اللقاحات، بينما عبَّر الطفلان الآخران البالغان من العمر 11 عاماً عن القلق بشأن تغيُّر المناخ؛ لذا قرَّر الأول اختراع آلة تلتقط القمامة من المحيط، بينما وصفَ الثاني تغيُّر المناخ بأنَّه "كرة ثلجية" تتدحرج وتزداد حجماً مع مرور الوقت ولكنَّها ما تزال صغيرة بما يكفي، ونستطيع أن نوقفها قبل فوات الأوان.
إنَّ الأطفال الثلاثة جزء من برنامج يُقدَّم عبر الإنترنت يسمى "أب ستاندر أكاديمي" (Upstander Academy)؛ إذ يتعلمون عن العدالة الاجتماعية ويتفاعلون بانتظام مع المتحدثين الضيوف الذين يشملون سياسيين ونشطاء ورجال أعمال، وأطلقَت ليندسي بار (Lindsey Barr) البرنامج؛ وهي مؤسِّسة منظمة "وورلد تشينجينغ كيدز" (World-Changing Kids).
أخبرَتْ بار - وهي أم أيضاً - وينتر أنَّها أطلقت البرنامج لأنَّها لاحظَت أنَّ الأطفال مهتمون بالفعلِ بالعدالة الاجتماعية، وتقول: "يريدُ الأطفال التحدث عن القضايا الاجتماعية، هم مهتمون بالتشرُّد ويهتمون باللاجئين".
إنَّ اهتمام الجيل ألفا بقضايا العالم له علاقة كبيرة بالتعرُّض المستمر إلى الشاشة والوصول الدائم إلى الإنترنت عبر الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، كما ازدادَ الوقتُ الذي يقضونه أمام الشاشات في أثناء الجائحة؛ مما جعلَ الأطفال يقضون الكثير من الوقت في المنزل مع أجهزتهم.
تختلفُ طريقة تفاعل الجيل ألفا مع العالم الرقمي أيضاً عن الأجيال السابقة، وبفضل منصاتٍ مثل تطبيق "تيك توك" (TikTok) وموقع "يوتيوب" (YouTube) ولعبة "ماينكرافت" (Minecraft) ومنصة "روبلوكس" (Roblox) اعتادَ أطفالُ الجيلِ ألفا على المحتوى الذي يوفر الفرصَ للتفاعل وليس فقط للاستهلاك.
على سبيل المثال تقول الطفلة فيا وينتر (Fia Winter) إنَّها تستمتع باللعب بأداة "روبلوكس ستوديو" (Roblox Studio)؛ وذلك لأنَّها تسمح للمستخدمين بتعلم البرمجة وإنشاء ألعاب.
كيف يمكن للمسوقين في المستقبل الاستعداد للجيل ألفا؟
نعرف حتى الآن ما يلي عن جيل ألفا:
- يوجد لديهم ذوق رفيع عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التي يستهلكونها.
- يكونون قلقين للغاية بشأن قضايا مثل العدالة الاجتماعية وتغيُّر المناخ.
- يستمتعون بالتكنولوجيا والمحتوى الذي يُبقيهم على اطِّلاع على آخر المستجدات ومتصلين بالإنترنت، ويمنحهم الفرصَ للمساهمة بدلاً من مجرد الاستهلاك.
مع وضع ذلك في الحسبان، إليك 3 نصائح يجب على المسوقين اتِّباعها للوصول إلى الجيل ألفا:
1. كُنْ صادقاً وصريحاً:
جيل ألفا واعٍ اجتماعياً جداً؛ مما يعني أنَّ أبناء هذا الجيل يدركون أيضاً تأثير بعض المنتجات والخدمات والصناعات على الأمد الطويل في البيئة والمجتمع، ومع وضع ذلك في الحسبان، يجب على العلامات التجارية أن تكون صادقة وصريحة بشأن رسالتها وتأثيرها وما تفعله لتقديم الحلول.
على سبيل المثال يجبُ ألَّا تتهربَ العلامات التجارية للأزياء من مناقشة الآثار السلبية للموضة السريعة في البيئة، وبدلاً من ذلك يجب أن تستثمر هذه العلامات التجارية في إنشاء منتجات صديقة للبيئة وعالية الجودة، ويجب أن توضِّح لمستهلكي الجيل ألفا أنَّها تعمل لتقليل تأثيرها في البيئة.
تعني الصراحةُ أيضاً الاعتراف بالدور الذي ربما أدَّتهُ شركتك في قضايا مثل العدالة الاجتماعية وتغيُّر المناخ سواء كان جيداً أم سيئاً؛ على سبيل المثال لنفترض أنَّ علامتك التجارية للأزياء كانت في السابق تتسبَّب بتوليد انبعاثات كبيرة من الكربون خلال عملية التصنيع، إذاً توجد طريقة رائعة لجذب انتباهِ جيل ألفا وكسب ثقتهم من خلالِ مشاركة المواد التسويقية التي تثبت أنَّ الشركة تتصدى إلى المشكلة بنشاط من خلال تغيير ممارسات التصنيع والتعاون مع المنظمات التي تواجه تغيُّر المناخ، ويدلُّ هذا على أنَّها تتحلى بالصدق والمسؤولية الاجتماعية وتُوفر الحلول.
2. أنشِئ تجارب وليس مجرد منتجات:
يكبرُ أطفال الجيل ألفا في ظل ازدياد هائل في أعداد صانعي المحتوى؛ إذ يحصل الجميع على فرصة للتعبير عن جانبهم الإبداعي على منصات مثل تطبيق "تيك توك" (TikTok)؛ لذا من الهام أن تكتشفَ العلامات التجارية والشركات طرائقَ لمنحِ هذا الجيل فُرصاً للمساهمة وليس مجرد الشراء.
تتمثل إحدى طرائق القيام بذلك في الاستفادة من أساليب التسويق التفاعلي؛ مثل المحتوى الذي ينشِئه المستخدم؛ والذي يسمح للجمهور بأن يكون جزءاً من التجربة؛ على سبيل المثال تمتلك فرقة (Glass Animals) التي تتَّخذ من إنجلترا مقراً لها موقعاً إلكترونياً يتيح للمعجبين إنشاء أعمال فنيَّة وموسيقى لاستخدامها في مشاريع الفرقة المستقبلية.
يحبُّ الجيلُ ألفا أيضاً التعلُّم، وخاصةً فيما يتعلق بأحدث التقنيات؛ لذلك إذا كنتَ شركة أو علامة تجارية تستخدم التكنولوجيا، فإنَّ عقد ورش عمل تفاعلية تعرض الميِّزات المختلفة لمنتجاتك يمكن أن يثير اهتمامهم أيضاً.
3. أنشِئ محتوى يقوم على اهتمامات جيل ألفا:
تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الافتراضية دوراً كبيراً في حياة الجيل ألفا؛ لذلك ستحتاج العلامات التجارية في المستقبل إلى الاستفادة من حملات وسائل التواصل الاجتماعي التفاعلية التي تقوم على الأشياء التي يُبدي الجيل ألفا اهتماماً بها؛ على سبيل المثال حملة "#العب_مع_برينجلز" (#PlayWithPringles) من شركة "برينجلز" (Pringles).
بدأت الحملة بعد أن لاحظَتْ الشركة أنَّ المستهلكين كانوا يصنعون بالفعل على تطبيق "تيك توك" (TikTok) محتوى يستخدمون فيه علب برينجلز؛ لذلك قررت الشركة الانضمام إليهم من خلال إطلاق تحدٍ كحملةٍ تجارية؛ إذ تعاونت الشركة مع صانعي المحتوى على تطبيق "تيك توك" (TikTok) والمؤثرين لتحدي المستخدمين لإنشاء مقاطع فيديو إبداعية باستخدام علب برينجلز، وبعد خمسة أشهر حققت الحملة أكثر من مليار مشاهدة ونتج عنها أكثر من 278 مليونَ مقطعِ فيديو.
من المُتوقع أن يكون الجيل ألفا هو الجيل الأكثر وعياً اجتماعياً والأذكى رقمياً حتى الآن؛ لذلك ستحتاج العلامات التجارية إلى أن تكون ذكية بشأن كيفية التواصل معه، وبينما ما تزال المعلومات حول هذا الجيل الشاب قليلة، يمكن للمعلومات المذكورة أعلاه أن تساعد علامتك التجارية على الاستعداد لإسعادهم في المستقبل.