يحتدم النقاش دائماً فيما يتعلق بعامل الصلة في سياق بناء الروابط، وفي الحقيقة، لا يستطيع أي شخص تقديم إجابة محددة عن هذا الأمر، فلا أحد منا يعرف بالضبط كيف يقيس "جوجل" (Google) عامل الصلة، وحتى الوصول إلى أشياء مثل واجهة برمجة التطبيقات من "جوجل" لا يعني أنَّنا نعرف كيف يقيس "جوجل" عامل الصلة؛ لأنَّ كثيراً من الأشياء لا تظهر إلى العلن.

حتى لو كنا نعرف بالضبط كيف يقيس "جوجل" عامل الصلة، فإنَّ مدى مكافأته أو عقابه لما يجده في أثناء تفتيش صفحات الويب ما يزال محل نقاش مثل أيَّة إشارة تصنيف، فنحن نعلم أنَّه يستخدم سرعة الصفحة بوصفها عامل تصنيف، ولكنَّه أيضاً يزيد من أهميتها أو ينقصها كما يشاء.

هذا هو السبب إلى حد ما في جاذبية تحسين محركات البحث، فنحن نُحسِّن شيئاً لا يمكننا رؤيته ونختبره ونطوره بناءً على النتائج التي نحصل عليها، ويمكننا التكهن بما قد يفعله "جوجل" أو ما نراه يفعله، ثم يرى شخص آخر عكس ما نراه، وقد يكون كلانا على صواب.

عندما يتعلق الأمر ببناء الروابط، وعلى وجه التحديد دور عامل الصلة، تزداد الأمور تعقيداً؛ لأنَّ الصلة ليست ثنائية؛ أي لا يمكننا أن نقول الرابط وثيق الصلة أم لا، وكذلك لا يمكننا أن نقول المحتوى وثيق الصلة أم لا، فالإجابات أدق من ذلك، ونحن بحاجة إلى مزيد من التفصيل حتى نفهم كيف ينظر "جوجل" إلى هذه المسألة، ومع أخذ ذلك في الحسبان، دعنا نُفصِّل صلة الرابط وصلة المحتوى.

صلة الرابط:

عندما نتحدث عن صلة الرابط، فإنَّنا نشير إلى موضوع الصفحة والنطاق الذي يحتوي على الرابط، وعند إنشاء الروابط، غالباً ما نبحث عن مواقع الويب المستهدفة للتواصل معها، ومن الجيد عموماً العثور على الروابط ذات الصلة، ولكنَّ تحديد عامل الصلة أمر صعب للغاية في الواقع؛ لذا إليك بعض الأمثلة تشرح سبب هذه الصعوبة:

1. صلة النطاق:

إذا أضاف موقع يُعنى بالتسويق الرقمي رابطاً يشير إلى موقعك، فعلى الأرجح يتناول هذا الموقع موضوعات من قبيل تحسين محركات البحث والتسويق الرقمي وتسويق المحتوى وما إلى ذلك، في حين أنَّ التسويق الرقمي في حد ذاته موضوع كبير، إلا أنَّه ليس من الصعب تحديد صلة هذا النطاق بمحتواك.

2. صلة الصفحة:

تزداد الأمور تعقيداً إذا فكرت في مواقع ويب، مثل "ذا نيويورك تايمز" (The New York Times) الذي يحتوي على عشرات الفئات ومئات الفئات الفرعية، وعموماً، يمكن تصنيفه على أنَّه موقع إخباري، لكن لديه فئات لكل موضوع يخطر على بالك تقريباً.

3. نص الرابط:

إضافة إلى ذلك، يمكننا إضافة عناصر أخرى إلى صلة الرابط مثل نص الرابط، فماذا لو حصلتَ على نص رابط فائق الصلة، ولكنَّ الصفحة التي يوضع فيها تدور حول موضوع مختلف تماماً وغير ذي صلة؟ وهل هذا يجعل الارتباط أكثر أو أقل صلة؟

في كثير من الحالات، قد لا تتحكم في نص الرابط المستخدم، وهذا يعني أنَّه قد يكون عشوائياً تماماً، فنحن نعرف أنَّ "جوجل" يستخدم نص الرابط لفهم الرابط، لكن إلى أي مدى يستخدمه؟ وهذه مجرد لمحة عامة عما تتضمنه صلة الرابط.

صلة المحتوى:

تتعلق صلة المحتوى أكثر بالصفحة الموجودة على موقعك على الويب التي تحصل على روابط لها، فقد تكون صفحة حالية أو صفحة جديدة تماماً أنشأتَها للمساعدة على بناء الروابط؛ إذ تُعَدُّ سمات المحتوى الموجود على موقعك على الويب تحت سيطرتك بدرجة أكبر بكثير، لذلك إذا أنشأتَ محتوى مصمَّماً للحصول على روابط، ثم خرجتَ عن الموضوع قليلاً، فمن الطبيعي أن تتوقع من "جوجل" اتخاذ موقف أكثر صرامة حول هذا الأمر وتحميلك مسؤوليته.

تتعقد الأمور أكثر حينما نتذكر أنَّه بصفتنا متخصصين في تحسين محركات البحث، غالباً ما يكون لدينا أهداف روابط نريد تحقيقها لمواكبة المنافسين أو التفوق عليهم؛ لذا يجب علينا الحصول على أكبر عدد ممكن من الروابط عالية الجودة من أجل زيادة عدد الزيارات التي نحصل عليها من البحث المجاني.

للحصول على مزيد من الروابط، يمكنك التوسع في الموضوعات التي تنتج محتوى عنها، ويعود كل هذا إلى تحقيق التوازن بين إنتاج جزء من المحتوى ذي صلة بعلامتك التجارية، مع الحصول على أكبر عدد ممكن من الروابط.

صلة الرابط أقل أهمية من صلة المحتوى

يبدو أنَّ صلة الرابط أقل أهمية من صلة المحتوى بالنسبة إلى "جوجل"، ومن ثم بالنسبة إلى قدرتك على احتلال ترتيب جيد في البحث المجاني، وإليك بعض الأسباب:

1. يمكن لأي شخص وضع رابط يشير إلى موقعك:

يمكن لأي شخص وضع رابط يشير إلى موقعك على الويب دون إرادتك، وهذا هو سبب صعوبة التعامل مع الروابط غير المرغوب فيها وسبب اختراع أداة التنصل، وبصرف النظر عن الروابط غير المرغوب فيها، يمكن لأي شخص وضع رابط يشير إلى موقعك لأي سبب يريده.

2. السلطة والثقة أهم من صلة الرابط:

يهتم "جوجل" كثيراً بمدى ثقته في موقع ويب معين والروابط من هذا الموقع، لذلك من المنطقي أن يجري "جوجل" تقييماً لموقع الويب الذي يحتوي على الرابط، ويستخدم هذا بوصفه مؤشراً قوياً للمساعدة على تحديد مقدار القيمة التي يجب تمريرها عبر الرابط؛ إذ يتيح هذا لـ "جوجل" الاستمرار في تمرير القيمة حتى في حالة عدم وجود صلة بالموضوع، ولكنَّه يثق في موقع الويب الذي يحتوي على الرابط، وهو ما يمكن أن يحدث بسهولة كما نرى.

3. يُعَدُّ المحتوى الذي ننشئه إشارة أقوى إلى "جوجل":

بخلاف فكرة أنَّه يمكن لأي شخص وضع رابط يشير إلى موقعك على الويب، فأنت تتحكم أكثر في المحتوى الذي تنشئه، وحتى إذا كان لديك موقع ويب يحتوي على الكثير من المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، فما يزال لديك تحكُّم بتحرير هذا المحتوى، وعموماً، يمكن أن تكون مسؤولاً عن المحتوى الذي تنشئه.

إذا كنتَ تدير متجراً للحيوانات الأليفة على الإنترنت وأنشأتَ جزءاً من المحتوى حول التمويل الشخصي، فقد يجادل القليلون بأنَّ هذا ليس ذا صلة، ولكنَّ الاختلاف الرئيس عند المقارنة بالحصول على رابط عشوائي من موقع تمويل شخصي هو أنَّك مسؤول عن المحتوى؛ لأنَّه موجود على موقع الويب الذي تديره، لذلك قد يحاسبك "جوجل" على هذا.

لذلك، حتى لو حصل هذا الجزء من المحتوى على 100 رابط، فإنَّ "جوجل" لن يقدِّر هذه الروابط بدرجة كبيرة؛ لأنَّها لا تتعلق بالموضوع.

4. لا يكافئ "جوجل" حملات المحتوى غير ذات الصلة:

دعنا نتخيل أنَّك تنشئ مجموعة من حملات بناء الروابط القائمة على المحتوى لمتجر الحيوانات الأليفة عبر الإنترنت، ولكنَّ الصلة بالموضوع مشكوك فيها، وجودة المحتوى رائعة؛ إذ إنَّه مصمَّم تصميماً رائعاً وفريداً ​​من نوعه وحتى يستشهد ببعض أراء الخبراء، وقد أنتج هذا المحتوى مئات الروابط بفضل جودته.

هل يكافئك "جوجل" بتقدير هذه الروابط تقديراً عالياً ونتيجة لذلك يُحسِّن ظهور موقعك في نتائج البحث المجاني؟ لا، لا يفعل ذلك.

الحقيقة هي أنَّه في مثل هذه المواقف، من الواضح جداً أنَّ هدف المحتوى هو بناء الروابط، فلا يمثل هذا في حد ذاته مشكلة بالضرورة، لكن إذا فعلتَ ذلك مراراً وتكراراً، وكان واضحاً أنَّ المحتوى لا يخدم أي غرض آخر، فإنَّه ليس إشارة بالضرورة إلى أنَّ موقعك على الويب يستحق الروابط بحق.

اعلم، عندما يتعلق الأمر بالروابط، يبحث "جوجل" عن دليل على أنَّك تستحق الروابط التي تحصل عليها، وإذا كانت غالبية الروابط التي تحصل عليها تأتي من حملات خارج الموضوع، فهذا دليل قوي على أنَّك لا تستحقها.

متى يهتم "جوجل" بالمحتوى غير ذي الصلة؟

لا توجد إجابة جازمة عن هذا السؤال، لكن من غير المحتمل أن يتسبب إطلاق بعض أجزاء المحتوى التي تخرج عن الموضوع وتحصل على بعض الروابط في حدوث مشكلات، ففي النهاية، يفعل الجميع أشياء عشوائية من وقت لآخر، وفي بعض الأحيان، قد تقرر علامة تجارية إنشاء محتوى أو إطلاق حملة بهدف المتعة والتسلية فقط؛ لذا يجب على "جوجل" البحث عن دليل على أنَّ الهدف من المحتوى هو بناء الروابط فقط عن طريق النظر في بعض الإشارات الآتية:

1. نسبة الروابط إلى محتوى خارج الموضوع مقارنة بباقي الموقع:

إذا كانت غالبية الروابط التي تشير إلى نطاق تؤدي إلى صفحات محتوى لا صلة لها بالموضوع عند مقارنتها ببقية النطاق، فيجب على "جوجل" إلقاء نظرة فاحصة على السبب، فلا يجوز له فرض عقوبة؛ وإنَّما يجب عليه تكليف أحد موظفيه لفحص الموقع يدوياً لمعرفة ما يحدث.

2. المحتوى يفتقر إلى الروابط الداخلية:

مع وجود بعض حملات بناء الروابط التي تركز على المحتوى، فإنَّها تُنشَر في مكان ما على موقع الويب يكون مخفياً قليلاً عن صفحات النتائج، فقد يقف وراء هذا مجموعة من الأسباب، ولكنَّه يعني أنَّ التصميم يشبه الشكل التالي مع كون الصفحة البرتقالية هي حملتك:

الحملة غير متوافقة مع بقية النطاق، وهي قائمة بذاتها، والآن تخيل أنَّ الكثير من الروابط الواردة تبدأ بالظهور وتشير إلى هذه الصفحة المعزولة، ألا يبدو ذلك غريباً بعض الشيء؟ من غير المحتمل أن يكون لهذا أهمية كبيرة، لكن إذا حدث ذلك مراراً وتكراراً، فقد يبدو الأمر غير طبيعي.

3. المحتوى لا يرتبط بصفحات أخرى لمواصلة رحلة المستخدم:

إذا كان جزء من المحتوى غير ذي صلة ببقية موقع الويب، فمن الصعب جداً إضافة روابط داخلية أو عبارات تحث المستخدم على اتخاذ إجراء تكون منطقية؛ لذا فإنَّ الإشارة الواضحة للمحتوى غير ذي الصلة هي عدم وجود روابط من المحتوى إلى الصفحات الأخرى.

أساساً، لا يقتصر الأمر على جزء من المحتوى معزول من حيث بنية الموقع فحسب؛ بل معزول أيضاً من حيث الارتباط بتلك البنية، فقد يكون هذا شائعاً أيضاً حين إنشاء جزء من المحتوى لغرض بناء الروابط فقط؛ إذ لا يوجد حافز لدى صانع المحتوى للربط بصفحات المنتج أو الفئة.

كيفية ضمان المزيد من صلة المحتوى:

يجب أن نقبل أنَّ صلة المحتوى أمر هام وأنَّه أمر يمكن لـ "جوجل" تحميلنا المسؤولية عنه، إذاً كيف يمكننا التأكد من أنَّ عامل الصلة يؤدي دوراً في إنتاج أفكار لحملات بناء الروابط، وأنَّنا لا ننشغل في البحث عن عدد كبير من الروابط؟ إليك بعض النصائح:

1. ابدأ بعملائك:

ابدأ تحديداً برحلة العملاء عندما يحاولون العثور على منتجك أو خدمتك، فعندما نتوصل إلى أفكار للمحتوى، يمكن أن نقع في فخ التفكير كثيراً فيمن نحاول الحصول على روابط منه: المدونون والصحفيون والكتَّاب وما إلى ذلك، فنحن نخدع أنفسنا عندما نظن أنَّنا إذا كنا علامة تجارية للسفر، فإنَّ العمل مع مدون يتناول موضوعات السفر يعني الوصول إلى جمهورنا المستهدف.

لسوء الحظ، قد لا يكون هذا هو الحال بالضرورة، فإذا كنتَ ترغب في إنتاج أفكار محتوى ذات صلة بحملات بناء الروابط، فيجب عليك أن تبدأ بفهم رحلة العميل ورسم خريطة لها.

2. استخدم البحث عن الكلمات المفتاحية لتوليد الأفكار:

عندما ننتج أفكاراً للمحتوى لبناء الروابط، غالباً لا نفكر في الكلمات المفتاحية؛ لأنَّ الهدف من المحتوى ليس الترتيب؛ بل الحصول على الروابط، لذلك ليس لدينا دافع لإجراء مزيد من البحث عن شيء لا يجري تقييمنا بناءً عليه.

مع ذلك، قد يكون القيام بذلك طريقة رائعة لزيادة الصلة؛ لأنَّ الكلمات المفتاحية المستهدفة لعلامتك التجارية ستكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشكلات العملاء، إلى جانب الحلول التي تقدمها العلامة التجارية لتلك المشكلات، فمن خلال دمج هذه الكلمات المفتاحية في عملية توليد الأفكار، لا يمكنك إلا أن تنتج أفكاراً تقترب من العملاء المستهدفين.

3. قلِّل التركيز على عدد الروابط:

إذا كان هدفك هو الحصول على عدد كبير من الروابط، فمن المرجح أن تنتج أفكار محتوى غير ذات صلة بعلامتك التجارية؛ هذا لأنَّه من أجل تحقيق هدف الروابط، فأنت تعلم أنَّك بحاجة إلى مستوى جيد من فرص الروابط التي يمكنك الوصول إليها، وحتى إذا كان لديك معدل تحويل جيد للروابط، على سبيل المثال 25%، فهذا يعني أنَّك ما تزال بحاجة إلى 100 فرصة للروابط لكل 25 رابط ترغب في إنشائه.

كيف تحصل على المزيد من فرص الروابط؟ من خلال توسيع الموضوعات بحيث يمكنك استهداف قطاعات مختلفة من المدونين والصحفيين، وبدلاً من ذلك، يجب أن يكون التركيز على فرص الروابط التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنتجاتك وخدماتك وعملائك.

يؤدي هذا بطبيعة الحال إلى الحد من عدد الروابط التي من المحتمل أن تحققها، ولكنَّك ستكون أكثر ثقة في إنتاج محتوى ذي صلة عالية؛ لأنَّك تخلصت من رغبتك في الحصول على عدد كبير من الروابط.

في الختام:

اعلم أنَّ عامل الصلة ليس ثنائياً؛ أي لا يمكنك الجزم بسهولة ما يَعُدُّه "جوجل" ذا صلة وما يَعُدُّه غير ذي صلة، فالأمر أكثر تعقيداً من ذلك، فعندما تفكر في الصلة، ركز انتباهك على صلة المحتوى وتأكد أنَّ المحتوى الذي تنتجه وثيق الصلة بعملائك وعلامتك التجارية.

باتباع هذا النهج، يجب أن تدرك أنَّه قد يؤدي إلى حصولك على عدد أقل من الروابط، ولكنَّه في الوقت نفسه من المحتمل أن يضعك في موقف لا تقلق فيه بشأن تحديثات "جوجل" التي قد تستهدف عامل الصلة في بناء الروابط، إضافة إلى المراجعات اليدوية من قِبل موظفي "جوجل".

المكافأة الإضافية هنا هي أنَّك لن تُنشئ محتوى للحصول على الروابط وحسب؛ بل ستنشئ محتوى أكثر فائدة لعملائك أيضاً، وهذا يضيف قيمة إلى عملك.