لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عن تعريف السرد القصصي وأهميته ومكوناته وضربنا أمثلة عنه، وسنتحدث في هذا الجزء الثاني والأخير منه عن تأثيره في إدماج الجمهور، وكيفية قياس نجاحه، وفوائده، ومستقبله، وسنجيب عن بعض الأسئلة الشائعة.

تأثير السرد القصصي في إدماج الجمهور

لنبدأ بفهم التدابير التي تساعد في قياس نجاح المحتوى المبني على القصة.

قياس نجاح تسويق المحتوى المبني على القصة

إنَّ الجزء الحاسم من تنفيذ استراتيجية تسويق المحتوى المبني على القصة هو القدرة على قياس نجاحها. إحدى الطرائق الفاعلة للقيام بذلك هي مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs).

قد تتضمن مؤشرات الأداء الرئيسية لتسويق المحتوى المبني على القصة مقاييس تتعلق باندماج الجمهور، مثل وقت المكوث والمشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي والتعليقات والإعجابات وحتى الرسائل المباشرة. على سبيل المثال، إذا كانت حملات المحتوى المبنية على القصة تؤدي إلى زيادة ملحوظة في الوقت الذي يقضيه المستخدمون على موقعك الإلكتروني أو صفحتك على وسائل التواصل الاجتماعي (وقت المكوث)، فقد يشير هذا إلى أن تقنيات سرد القصص التي تستخدمها ناجحة في جذب جمهورك.

مؤشر الأداء الرئيسي الآخر الذي يجب مراعاته هو معدلات التحويل. يرتبط هذا المقياس مباشرة بهدفك النهائي: زيادة المبيعات. إذا كانت جهودك في سرد ​​القصص تؤدي إلى معدلات تحويل أعلى، فهذا مؤشر قوي على نجاح أسلوبك.

يتيح لك تتبع هذه المؤشرات فهم مدى فاعلية حملاتك المستندة إلى القصة وتعديل استراتيجيتك بحسب الحاجة لتحسين الأداء.

كيف يمكنك تتبع وتحليل مؤشرات الأداء الرئيسية هذه بنجاح؟

تحتوي معظم المنصات الرقمية على أدوات تحليلية مدمجة تمكنك من مراقبة هذه المقاييس، مثل جوجل أناليتيكس (Google Analytics) وفيسبوك إنسايتس (Facebook Insights) وإنستغرام إنسايتس (Instagram Insights). توفر المراجعة المنتظمة لهذه التحليلات بيانات مفيدة حول سلوك الجمهور وتفاعله مع محتواك.

ويمكن بعد ذلك تحليل هذه البيانات لتحديد التوجهات، ومعرفة نوع المحتوى الأنسب لجمهورك، والكشف عن فرص النمو والتحسين.

الفوائد طويلة الأمد لتسويق المحتوى المبني على القصة

إحدى الفوائد الهامة لتسويق المحتوى المبني على القصة هي إمكانية تعزيز اندماج الجمهور وولائه. تتمتع القصص بالقدرة على جذب انتباه الجماهير والتواصل معهم على مستوى عاطفي عميق. وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة اندماج الجمهور ويشجع سلوك المستهلك المخلص.

من الفوائد الأخرى إمكانية تحقيق معدلات تحويل أعلى. عند الاستثمار في قصة ما، من المرجح أن يتخذ المستخدم إجراء: الاشتراك في رسالة إخبارية، أو إجراء عملية شراء، أو مشاركة محتواك.

وأخيراً، يساعد تسويق المحتوى المبني على القصة في إنشاء صورة علامة تجارية أقوى وأكثر تميزاً. تساعد القصص المقنعة علامتك التجارية على تمييز نفسها في السوق، وجذب جمهورك المستهدف، وتعزيز الولاء للعلامة التجارية.

إذا لم تستفد بعد من تأثير السرد القصصي في التسويق، فكر في جعله جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتك. وبذلك، ستجني بلا شك هذه الفوائد طويلة الأمد.

السرد القصصي في تسويق المحتوى

مستقبل سرد القصص في تسويق المحتوى

مع التغير السريع لخيارات المستهلكين المفضلة والتقدم التكنولوجي الذي لا يمكن التنبؤ به، لم تكن أهمية نسج القصص الصادقة والمترابطة في تسويق المحتوى أوضح مما هي عليه الآن.

التوجهات الناشئة في تسويق المحتوى المبني على القصة

تتطور القصص في التسويق من أسلوب بيع تقليدي إلى وسيلة موثوقة لبدء تواصل حقيقي مع الجماهير. أصبح الصدق في المعاملات التجارية أهم من كل شيء في السنوات الأخيرة لأن العملاء لم يعودوا يشترون منتجاً أو خدمة فحسب، بل يتخذون قرارات الشراء بناءً على ما تمثله العلامة التجارية، وجذورها، وما إذا كانت قيمها تتوافق مع قيمهم.

خذ على سبيل المثال شركة الملابس باتاغونيا (Patagonia)، وهي شركة تُعنى بالنشاط البيئي. مع حملة "لا تشتري هذه السترة" (Don’t Buy This Jacket)، أعادت باتاغونيا توجيه السرد الشائع للاستهلاك من خلال نهج علم النفس العكسي المفاجئ والمؤثر. فقد حثت العملاء على ألا يشتروا إلا ما يحتاجون إليه، وهو ما يتوافق تماماً مع مبادئها بشأن الاستدامة. وهذا مثال رئيسي على سرد العلامة التجارية التي لا ترغب في بيع المنتجات فحسب، بل في الدفاع عن القيم التي يتبناها جمهورها المستهدف.

وفي نفس السياق، ألقت التكنولوجيا المتطورة باستمرار الضوء على أشكال مبتكرة من سرد القصص، مما مكن العلامات التجارية من توفير تجارب تفاعلية لجمهورها. ولم تعد قصص العلامات التجارية تقتصر على الصفحات الثابتة، بل امتدت إلى مقاطع الفيديو والمدونات الصوتية والواقع الافتراضي والواقع المعزز، وكلها تسعى للحفاظ على اندماج العملاء وقدرتهم على تذكر العلامة التجارية.

اعتماد سرد القصص في استراتيجية تسويق المحتوى

لم يعد سرد القصص اليوم مجرد خيار للعلامات التجارية، بل صار أمراً ضرورياً لأي علامة تجارية ترغب في التواصل الهادف مع جمهورها. ومن الأمثلة على ذلك شركة إر بي إن بي، التي يشهد نجاحها على تأثير القصص. بتمكين المضيفين من مشاركة القصص الحقيقية عن منازلهم وأحيائهم، وفرت إر بي إن بي لجمهورها رحلة افتراضية، مما أدى إلى إنشاء تجربة فريدة وشخصية للعلامة التجارية يصعب تقليدها.

يقدم سرد القصص مكافآت محتملة تعد بفوائد على الأمد الطويل. قد يساعد السرد القوي علامتك التجارية على التميز، وإثارة مشاعر قوية لدى جمهورك وبناء الألفة معه، مما يؤدي إلى زيادة ولاء العملاء ومعدلات التحويل.

القصة المحبوكة بإحكام أداة قوية لدى العلامة التجارية، كما أثبتت نايكي مراراً وتكراراً. غالباً ما يُبرز تسويق المحتوى لديهم الرياضيين المؤثرين والمقنعين، ليس للإعلان عن منتجاتهم مباشرة، بل لسرد رحلتهم، وإثارة العزيمة والمرونة، ومن ثم ربط هوية علامتها التجارية بهذه القصص الملهمة.

باختصار، سرد القصة بهذه الطريقة يجعلها تعلق في أذهان العملاء. ويمكن للتكنولوجيا أن تزيد من تعزيز هذا التأثير، حيث يجعل سرد القصص التفاعلي قصصك لا تُنسى أبداً.

مع ظهور سرد القصص كأداة ضرورية للتواصل، فإن العلامات التجارية التي تستثمر السرد القصصي في استراتيجيتها ستحصد مكافآت كبيرة تتمثل في تعزيز الولاء للعلامة التجارية وزيادة معدلات التحويل. ومن المتوقع أن يصل سرد القصص في تسويق المحتوى إلى آفاق جديدة، والعلامات التجارية التي ترتقي به ستسيطر على السوق في السنوات القادمة.

الأسئلة الشائعة

1. ما أهمية سرد القصص في تسويق المحتوى؟

يتمتع سرد القصص في تسويق المحتوى بأهمية لأنه يدمج الجمهور ويثير عاطفته. ومن خلال الارتباط بالعملاء على مستوى شخصي عميق، يمكن للشركات بناء علاقات قوية ودائمة معهم.

2. كيف يسهِّل سرد القصص إدماج الجمهور؟

يساعد سرد القصص في إدماج الجمهور من خلال تسهيل فهم الرسائل المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن سرد القصص يحفز الدماغ مما يجعل العميل أقدر على تذكر رسالة العلامة التجارية.

3. ما دور العاطفة في رواية القصص ضمن تسويق المحتوى؟

تؤدي العاطفة دوراً أساسياً في رواية القصص لأنها تساعد في بناء الألفة مع الجمهور. القصص العاطفية أحب إلى العملاء من أساليب البيع التقليدية، مما يعزز ولاءهم وثقتهم بالعلامة التجارية.

4. كيف يسهم سرد القصص في عملية اتخاذ القرار لدى العميل؟

يؤثر سرد القصص تأثيراً كبيراً في عمليات اتخاذ القرار لدى العملاء. عندما يرتبط العملاء عاطفياً بقصة ما، فإنهم يميلون إلى اتخاذ قرارات الشراء التي تتماشى مع قصة العلامة التجارية.

5. هل يساعد سرد القصص في تسويق المحتوى في تعزيز شعبية العلامة التجارية؟

نعم، يساعد سرد القصص على تعزيز شعبية العلامة التجارية. تجعل القصص الجذابة العلامات التجارية تعلق في الذاكرة، مما يساعدها على التميز في سوق العمل التنافسي.

6. هل ثمة أنواع معينة من القصص أكثر فاعلية في تسويق المحتوى؟

نعم، أثبتت القصص التي تثير العواطف وتحكي عن رحلة العلامة التجارية أنها أكثر فاعلية في تسويق المحتوى. وأبرزها القصص التي تسلط الضوء على قيم الشركة وقصص نجاح العملاء.