تحتاج الشركات في العصر الرقمي اليوم إلى الإبداع في استراتيجياتها التسويقية لتظل قادرة على المنافسة وعلى تلبية طلبات المستهلكين في ظل التغيير المستمر، وأحد الجوانب الحاسمة للتسويق الرقمي هو البحث المدفوع الذي تغفل عنه الشركات في الغالب على الرغم من تأثيره المذهل في حال تطبيقه على نحو صحيح، ويعني البحث المدفوع استخدام المسوقين الإعلانات الدعائية في محركات البحث لاستقطاب الزوار إلى مواقعهم الإلكترونية.
ربما يرى بعض الناس أنَّه إنفاق غير ضروري، ولكنَّه صار في الواقع أداة أساسية لا يمكن للمسوقين تجاهلها، وفي هذا المقال سنناقش أهمية البحث المدفوع في التسويق الرقمي، وكيف يفيد عملك، وكيف تضع استراتيجية للبحث المدفوع.
ما هو البحث المدفوع؟
هو طريقة إعلانية عبر الإنترنت تسمح للشركات بالوصول إلى العملاء المحتمَلين عن طريق وضع إعلانات مموَّلة في محركات البحث لزيادة عدد الزيارات إلى مواقعها الإلكترونية؛ إذ يصل البحث المدفوع إلى جمهور واسع؛ لأنَّه يشمل جميع محركات البحث الرئيسة، مثل "جوجل" (Google)، و"بينغ" (Bing)، و"ياهو" (Yahoo)، وغيرها، فالإعلانات قصيرة وموجزة عموماً، وتظهر في أعلى نتائج البحث لتسهيل رؤيتها، وعادةً ما تحمل اسم "إعلان" أو "إعلان ممول" لتمييزها عن نتائج البحث المجاني.
تتحكم عوامل عدة في تحديد مكان وضع إعلانك في صفحات نتائج البحث في "جوجل"، مثل:
1. المزايدة:
يعتمد وضع الإعلانات على نظام قائم على المزاد يحصل فيه صاحب أعلى عرض سعر على أعلى موضع في نتائج البحث.
2. الكلمات المفتاحية:
تُستخدَم الكلمات المفتاحية لتحديد الإعلانات التي تظهر في نتائج البحث، فيجب على الشركات اختيار الكلمات المفتاحية ذات الصلة والموجَّهة على نحو صحيح إلى جمهورها.
3. الصلة:
يجب أن تكون الإعلانات ذات صلة بالاستعلام وإلا فلن تظهر في صفحات نتائج البحث، حتى لو كان لديها أعلى عرض سعر.
4. جودة صفحة الهبوط:
يجب أن يحرص المعلنون على تصميم صفحات هبوط تضمن بقاء المستخدمين الذين نقروا على إعلاناتهم في مواقعهم على الويب بدلاً من العودة إلى محرك البحث.
فوائد وضع استراتيجية للبحث المدفوع:
توجد فوائد عدة لوضع استراتيجية للبحث المدفوع بوصفها جزءاً من جهود التسويق الرقمي، وهذه بعضها:
1. زيادة الظهور والوعي بالعلامة التجارية:
مع ما يقرب من 4 مليارات عملية بحث يومياً، قد يكون من الصعب على الشركات زيادة ظهور مواقعها الإلكترونية في نتائج البحث، فقد يسمح البحث المدفوع للشركات بالظهور في الجزء العلوي من نتائج البحث؛ إذ تحدث معظم النقرات، ومن ثم يحصل موقعك الإلكتروني على عدد أكبر من الزيارات، وهذا يؤدي إلى زيادة ظهوره وزيادة الوعي بالعلامة التجارية، لذلك يُعَدُّ البحث المدفوع وسيلة رائعة للوصول إلى جمهور عريض قد لا يكون على علم بوجود علامتك التجارية.
2. الحصول على معلومات هامة:
يزود البحث المدفوع المسوقين بمعلومات هامة تساعدهم على رسم استراتيجية تسويق شاملة، مثل الكلمات المفتاحية ونص الإعلان اللذين يجذبان جمهورهم المستهدَف، وأفضل توقيت لعرض إعلاناتهم، وأكثر أيام الأسبوع التي ينقر فيها المستخدمون على إعلاناتهم؛ إذ تساعد هذه المعلومات المسوقين في النهاية على تعديل إعلاناتهم لتقديم إعلانات أكثر تخصيصاً بتكلفة أقل، وعلى تحسين استراتيجيتهم التسويقية الشاملة.
3. زيادة عدد الزيارات والتحويلات:
لا يسهم البحث المدفوع في زيادة الظهور والوعي بالعلامة التجارية وحسب؛ بل يزيد من عدد الزيارات والتحويلات على موقع الويب؛ إذ يؤدي البحث المدفوع عند تنفيذه بطريقة صحيحة إلى الحصول على عملاء محتملين مرموقين، وزيادة عدد الزيارات إلى موقع الويب، ومزيد من المشترين، كما يزيد البحث المدفوع أرباح الشركة عن طريق الاستهداف الصحيح والعبارات القوية التي تحث المستخدم على اتخاذ إجراء وصفحات الهبوط المصمَّمة تصميماً جيداً.
كيفية رسم استراتيجية للبحث المدفوع:
قد يبدو إعداد حملة بحث مدفوع أمراً شاقاً، ولكنَّه في الواقع بسيط جداً عند تقسيمه إلى مكوناته الفردية، وفيما يأتي الخطوات التي يجب اتباعها عند إعداد حملة بحث مدفوع:
1. تحديد الأهداف:
قبل أن تبدأ، من الهام تحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق لحملتك، فاسأل نفسك عما تريد تحقيقه من الحملة وكيف ستقيس النجاح.
2. تحديد الكلمات المفتاحية:
بعد تحديد أهدافك، يجب عليك استهداف الكلمات المفتاحية المناسبة، فاستخدم أدوات البحث عن الكلمات المفتاحية لإنشاء قائمة بالكلمات المفتاحية ذات الصلة والموجَّهة، وتأكد من تحديد كل من الكلمات المفتاحية قصيرة وطويلة الذيل.
3. اختيار المنصة المناسبة:
بمجرد أن تصبح كلماتك المفتاحية جاهزة، حان الوقت لاختيار المنصة التي تريد الإعلان فيها، وأشهر منصات محركات البحث هي "جوجل آدز" (Google Ads) و"مايكروسوفت أدفيرتايزينغ" (Microsoft Advertising)، لكن يمكنك اختيار منصات أخرى حسب ميزانيتك والجمهور المستهدف.
4. تحديد الميزانية:
يجب عليك الآن اتخاذ قرار بشأن مقدار الاستثمار في حملتك، ويعتمد قرارك على مدى استعدادك للمخاطرة للحصول على النتائج المرجوة؛ لذا ضع ميزانية إعلانات مدفوعة واقعية، وتتبَّع إنفاقك عن كثب.
5. إنشاء الإعلانات:
حان الوقت لإنشاء إعلاناتك، فاكتب نسخاً إعلانية مختلفة مقنعة وغنية بالمعلومات، وصغ عبارات قوية تحث المستخدم على اتخاذ إجراء، وأجرِ اختبار أ/ب لمعرفة النسخة الأفضل تحويلاً.
6. المراقبة والتحسين:
بعد إطلاق حملتك، من الهام مراقبتها وتحسينها بانتظام؛ لذا حلِّل أداء إعلاناتك، وأجرِ تعديلات عند الضرورة لضمان حصولك على أفضل عائد استثمار ممكن.
باتباع هذه الخطوات، يمكنك بسهولة إطلاق حملة بحث مدفوع وإدارتها بنجاح، فقد يكون البحث المدفوع أداة قوية لزيادة الظهور والزيارات والتحويلات، شريطة أن تستخدمه بطريقة صحيحة، فإذا كنت تتطلع إلى التقدم على منافسيك، فأنشئ حملة بحث مدفوع مدروسة، وشاهد نمو شركتك.
في الختام:
لا شك أنَّ البحث المدفوع يمثل أحد جوانب التسويق الرقمي التي يجب على الشركات الاستفادة منه؛ إذ يؤدي البحث المدفوع دوراً أساسياً في زيادة ظهور الشركة عبر الإنترنت، وزيادة عدد الزيارات إلى موقعها على الويب، وزيادة أرباحها في نهاية المطاف، كما تستطيع الشركات التي تستثمر في إعلانات البحث المدفوع تحقيق أهدافها التسويقية مع الحفاظ على قدرتها التنافسية في هذا العصر الرقمي.