يمكن لـ "التحليلات التي تعتمد على بيانات حديثة" (Real-time analytics) حين تقترن بأساليب التسويق اللحظي (Real-time marketing) أن تغيِّر طريقة مشاركة العلامات التجارية في الأحداث الثقافية العالمية.
يعني التحول في الوسائط الناتج عن إتاحة الاتصال الاجتماعي في كل وقت ومكان أنَّ العلامة التجارية التي تتَّبع نهجاً إبداعياً ذكياً وتملك فهماً عميقاً للتسويق اللحظي يمكنها الآن استعمال تكتيكات جديدة تماماً لربط علامتها التجارية بالأحداث الكبرى. سنشرح في هذا المقال كيفية استعمال استراتيجية التسويق اللحظي للمشاركة في حدث.
التسويق اللحظي في أحداث مثل كأس العالم و"السوبر بول"
تدفع العلامات التجارية 4000000 دولار مقابل 30 ثانية من وقت عرض الإعلانات خلال مباريات "السوبر بول" (Super Bowl)، وعشرات الملايين من الدولارات لتمويل مباريات كأس العالم أو الألعاب الأولمبية، ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة للحصول على قيمة أكبر من تمويل الحدث، أو حتى لكي تصبح جزءاً من الحدث دون تمويله على الإطلاق؟
الرياضات والرياضيون العالميون اليوم في قمة شعبيتهم؛ ونتيجة لذلك تنفق العلامات التجارية مبالغ ضخمة لتكون جزءاً من الأحداث الثقافية الضخمة مثل "تصفيات الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية" (NFL Playoffs)، أو الألعاب الأولمبية، لكنَّ شد انتباه المستهلك لم يعد محصوراً بالبث التلفزيوني؛ بل يشمل أيضاً الهاشتاغات، ومقاطع الفيديو، والتعليقات، والروابط التي يتفاعل معها ملايين المشاهدين طوال الحدث.
وَفقاً لأحدث استطلاع أجرته شركة "نيلسن" (Nielsen) عن مالكي الأجهزة المتصلة بالإنترنت، قال 46% من مالكي الهواتف الذكية و43% من مالكي الأجهزة اللوحية إنَّهم يستعملون أجهزتهم على أنَّها شاشات ثانية في أثناء مشاهدة التلفزيون يومياً.
تلك فرصة للعلامات التجارية الذكية لتصبح جزءاً من الأحداث العالمية؛ وذلك من خلال استعمال أساليب التسويق الاجتماعي والرقمي في الوقت المناسب، التي يمكن أن تؤثر أو حتى تخطف أضواء النقاش المتعلق بالحدث الرياضي.
أمثلة عن علامات تجارية خطفت الأضواء
دعونا نتطرق إلى السؤال: "هل من الممكن إنشاء برنامج رقمي يربط علامتك التجارية بقوة بحدث كبير ربطاً هادفاً يفوق مجرد عرض شعار شركتك في الملعب، أو عرض إعلاناتك التجارية بين الفواصل في اللعبة؟ الإجابة هي نعم.
هناك أمثلة كثيرة لهذا بدءاً من شركة "نايكي" (Nike) في مباريات كأس العالم الأخيرة، إلى ما تفعله شركة "دوريتوس" (Doritos) كل عام في مباريات "السوبر بول"، وشركة "أوريو" (Oreo) في مباريات "السوبر بول" الأخيرة.
المفتاح هو الجمع بين المحتوى الرقمي الجذاب والتكتيكات المتكيفة باستمرار، وفي الوقت المناسب التي تستفيد من الأخبار العاجلة من الحدث.
● المحتوى الرقمي الجذاب: حملة شركة "نايكي" (Nike) الرقمية لكأس العالم عام 2010
كما حصل أول مرة في كأس العالم عام 2010، حين أطلقت شركة "نايكي" (Nike) حملات الفيديو الرقمية، ومرة أخرى بمحاولاتها المختلفة لتطبيق التسويق اللحظي خلال مباريات "السوبر بول" هذا العام، هناك فرصة لتصبح العلامات التجارية جزءاً من أجواء هذه الأحداث الكبرى دون إنفاق مبالغ ضخمة على تمويل الحدث والإعلان بالضرورة.
لم تكن شركة "نايكي" (Nike) مموِّلاً رسمياً لكأس العالم عام 2010، لكنَّ فاعلية أساليبها في التسويق الرقمي جعلتها تبدو كذلك، فإذا نظرت إلى تغطية الحدث، ستلاحظ على الفور المكانة القوية التي تمكَّنت الشركة من اتخاذها في الحدث من خلال عمليات رقمية تكتيكية، مثل تمويل الرياضيين ونشر مقاطع الفيديو الرقمية.
● التفاعل المستمر: حملات شركة "دوريتوس" (Doritos) خلال مباريات "السوبر بول"
تعرض العلامات التجارية كل عام مقاطع قصيرة من إعلاناتها التجارية بمناسبة مباريات "السوبر بول" في الأيام التي تسبق الحدث، لكنَّ شركة "دوريتوس" (Doritos) فقط هي التي تصممها لتكون على شكل حدث طويل الأمد؛ إذ تُبقي الجمهور مهتماً ويتفاعل بمسابقتها، مثل جولات التصويت، والتغييرات المستمرة طوال مدة الحدث.
محاولة جذب الاهتمام بمحتوى يتعلق بما يحصل في كل لحظة، تفيد في توسيع نطاق الجاذبية لتتعدى نطاق الجمهور الذي يشاهد الحدث الكبير نفسه، كما تُولِّد مزيداً من الفرص للعلامات التجارية؛ وذلك لاستثمار التوجهات السائدة في الوقت المناسب، مع إطالة النافذة الزمنية لفعل ذلك.
من الأسهل بكثير إجراء التسويق في الوقت المناسب خلال جدول زمني مدته 48 ساعة، مقارنةً بالتسويق اللحظي وفق جدول زمني مدته 4 دقائق.
● التوقيت المناسب: الحملة المثيرة للجدل لشركة "مينيز برغر" (Mini’s Burger)
استعملت شركة "مينيز برغر" (Mini’s Burger) المحتوى في الوقت المناسب في سياق الفضائح التي انكشفت عن لحم البرغر في "المملكة المتحدة"، فأطلقوا جزءاً من المحتوى الرقمي في الوقت المناسب في غضون أيام من انتشار الأخبار، ثم وسَّعوا الحملة وحسَّنوها عبر القنوات عندما أثارت اهتمام جمهورهم المستهدف.
يعني هذا في المستقبل أنَّه يمكن للعلامات التجارية التي ترغب في خطف أضواء النقاش الرقمي، الذي يختص بالأحداث الكبرى تصميمَ برامج مناسبة لدخول النقاشات في الوقت المناسب أو على الفور.
تُعَدُّ الأحداث الثقافية التي تستمر أياماً عدة، مثل مباريات دوري كرة القدم الأمريكية، المكان المثالي لتسريع العلامات التجارية لتسويقها في الوقت المناسب؛ إذ من السهل نسبياً تحديد التوجهات السائدة والأخبار الهامة باستعمال التكنولوجيا الحالية، كما أنَّ النافذة الزمنية التي يمكن للعلامة التجارية خلالها دخول النقاش أطول بكثير من مدة اللعبة الواحدة؛ لذلك يمكن للعلامات التجارية أن تتصرف بسرعة، ولكن ليس بالضرورة على الفور، وتنجح مع ذلك.
في المستقبل، ستطبق العلامات التجارية الذكية استراتيجية شركة "نايكي" (Nike) للتسويق الرقمي، مع استراتيجية شركة "فريتو" (Frito) للتطبيق الرقمي متعدد الطبقات، وستضيف إليها لمسة أخيرة، وهي المحتوى سريع الاستجابة، لتصبح محطَّ الأضواء في سياق الأحداث الكبرى.
التسويق اللحظي للأحداث متعددة الأيام
للتسويق الفوري للأحداث الكبرى، يجب على العلامات التجارية البدء باستعمال بعض التقنيات والعمليات الجديدة، ولكن يمكن القيام بقسم كبير من هذا باستعمال الموارد والقدرات الحالية الموجودة بالفعل.
1. إنشاء منصة إبداعية مرنة ووضع مبادئ توجيهية
ستكون هذه المنصة أساساً لجميع تكتيكاتك المتعلقة بالحدث، سواء المُخطط لها أم التي تعتمد على قرارات سريعة والتسويق في الوقت المناسب. ويُعَدُّ هذا أمراً هاماً جداً؛ وذلك لأنَّ الإرشادات المتعلقة بالنقاشات والتوجهات السائدة التي يجب عليك الانضمام إليها، بالإضافة إلى كيفية الانضمام إليها ستكون امتداداً لقيم العلامة التجارية والمنصة الإبداعية التي أنشأتها بالفعل، وسيؤدي الالتزام بهذه القواعد إلى تسريع تطبيق استراتيجيتك؛ لذا تأكد أنَّه يمكنك الإجابة بسرعة عن أسئلة مثل:
- هل هذا توجُّه يجب أن ننضم إليه؟
- ما هي النبرة التي يجب أن نتحدَّث بها؟
- ما هي المواد التي نملكها؟
- ما هي الدعوة لاتخاذ إجراء التي يجب أن نركز عليها؟
- هل هو قانوني؟
- ما هي الأدوار والمسؤوليات المحددة لتطوير الإبداع والموافقة والنشر والتقييم؟
- كيف سنعمل على مواءمة ميزانيات وسائل الإعلام المدفوعة مع هذه التكتيكات؟
وغيرها من الأسئلة المشابهة.
2. تجهيز التكنولوجيا والفريق والعمليات لتكييف المنصة الإبداعية في الوقت المناسب مع مجريات الحدث
ينقسم ذلك إلى ثلاث مراحل: أولاً يجب عليك تحديد التوجهات السائدة، ثانياً الانضمام إليها، وثالثاً تقييم أداء جهودك وتحسينها. بعض هذه الأمور مدعوم تقنياً، وبعضها عبارة عن إدارة مشاريع تقليدية مُسرَّعة جداً:
1. تحديد التوجهات السائدة
استعمل مزيجاً من البرامج وإرشادات المنصة الإبداعية لتحديد النقاشات والمحتوى الرائج من الحدث بين جمهورك المستهدَف، وبهذا ستعرف كيف يجب أن تتصرف لتستثمر الاتجاه السائد.
2. الانضمام إلى التوجهات السائدة
بعد تحديد التوجه السائد، يجب عليك إنشاء محتوى بسرعة والحصول على الموافقة عليه ضمن شركتك ونشره والترويج له. ستقع هذه المسؤولية عادة على أعضاء فريق العلامة التجارية الذين سيعملون معاً للوصول إلى الأفكار، واختيار أفضلها، ثم إنتاج المواد الإبداعية اللازمة للنشر.
نظراً لأنَّ هذا الجهد سيحدث في الوقت المناسب، حتى لو لم يكن فورياً، فلن تحتاج إلى فريق ضخم يعمل من غرفة واحدة مثل الذي كان يعمل لدى شركة "أوريو" (Oreo) لنشر تغريدتها الشهيرة خلال مباريات "السوبر بول"؛ بل ستحتاج إلى عمليات تسليم سلسة وسريعة بين عدد من الأطراف؛ لذا يُفضَّل أن تتدرَّب عليها مُسبقاً.
3. تقييم وتحسين المشاركة
تدوم معظم الأحداث التي قد تنضم إليها لفترة طويلة، وتحصل على دفعات طوال أسابيع، على سبيل المثال، تتم تصفيات دوري كرة القدم الأمريكية طوال أكثر من شهر، ويوفر هذا للعلامات التجارية فرصة فريدة لتجربة التكتيكات وتتبُّع فاعليتها وتحسينها قبل نشر المحتوى مجدداً.
تُعَدُّ التحليلات الفورية التي تتعقب ردود فعل الجمهور بدقة وأداء المحتوى وأداء الوسائط المكتسبة، ضروريةً لضمان اتباع برنامج محسَّن. وسيساعدك هذا أيضاً على فهم المحتوى الذي يروق للجمهور، وقد يكون مناسباً للتوسُّع في استعماله عبر قنوات أخرى، حتى الوسائط التقليدية كما في حملة الجدل المثيرة لشركة "ميني برغر" (Mini’s Burger).
في الختام
مشاركة علامتك التجارية في النقاشات عن الأحداث الثقافية الكبرى أسهل اليوم من أي وقت مضى وقيمته أكبر أيضاً. لم تعد مباريات كأس العالم و"السوبر بول" و"ناسكار" والأحداث الأخرى التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى محصورة بأرض الملعب أو المسار؛ بل هناك جانب آخر لها يحصل في النقاشات اللحظية على مواقع "تويتر" (Twitter)، و"فيسبوك" (Facebook)، و"تمبلر" (Tumblr)، و"يوتيوب" (YouTube)؛ لذا احرص على أن تكون علامتك التجارية جاهزة لهذا التحدي.