يسعى جميع المسوقين عبر الإنترنت إلى إطلاق حملات ونشر محتوى ممتاز يحقق عائداً على الاستثمار، ولكن النجاح ليس بهذه السهولة، إذ لا يكفي الحدس وحده للتنبؤ بسلوك العملاء. لذلك، نحتاج إلى شيء موثوق يمكننا الاعتماد عليه، مثل البيانات. وهنا تبرز أهمية إجراء اختبار أ/ب.

في هذه المقالة، سنركز على النهج البحثي، ونستكشف فوائده، ونتعلم كيفية إجراء اختبار أ/ب، بالإضافة إلى استعراض بعض أفضل الممارسات.

ما اختبار أ/ب؟

هو مقارنة نسختين مختلفتين قليلاً من نفس المحتوى الرقمي عن طريق عرضهما على شرائح مختلفة من الجمهور لمعرفة أي نسخة تحقق أداء أفضل.

يُعرف اختبار أ/ب أيضاً باسم اختبار التقسيم. وعلى الرغم من أنَّ الكثيرين يستخدمون المصطلحين للدلالة على المعنى نفسه، فإنَّ الأول يشمل جميع أنواع الاختبارات التي تقارن بين نستختين مختلفتين على الأقل، والثاني يقارن بين نسختين مختلفتين فقط.

النهج البحثي هذا موجود منذ مدة طويلة، وقد نشأت مبادئه في مجال الزراعة منذ ما يزيد قليلاً على 100 عام عندما أجرى الإحصائي وعالم الأحياء رونالد فيشر (Ronald Fisher) تجربةً باستخدام كميات مختلفة من الأسمدة على المحاصيل. ثم نشر كتاباً بعنوان تصميم التجارب (The Design of Experiments) توسَّع في الأساليب الإحصائية التي جرَّبها في أثناء عمله في الزراعة.

اليوم، يمكنك استخدام اختبار أ/ب في أي مجال فيه مقاييس قابلة للقياس تحتاج إلى تقييم، مع أنَّه يُستخدم أكثر مع تجربة المستخدم والتسويق الرقمي.

اختبار أ/ب في التسويق الرقمي الحديث:

اختبار أ/ب أداة رائعة يمكنها تحسين أي استراتيجية تسويق رقمي تقريباً، كونها توفر بيانات عن سلوك العملاء، وتساعد المسوقين في اتخاذ قرارات مستنيرة.

عند إنشاء إعلانات العرض على سبيل المثال، لا يكون لديك أي فكرة عن ردود الفعل تجاه تصميم معين. وفي معظم الأحيان، لا يعرف المستخدمون أنفسهم سبب نقرهم على إعلان معين دون آخر.

كيف يمكن للمسوقين التنبؤ بمثل هذا السلوك غير المتوقع؟

بالتأكيد، الاعتماد على الافتراضات والحدس هو أحد الخيارات، ولكن هل هذا النهج الأفضل عندما يمكنك إجراء اختبار أ/ب وجمع البيانات التي تخبرك بما يحبه الجمهور وما لا يحبه؟

تساعدك هذه الطريقة في تحسين حملتك الحالية واستخدام البيانات لاتخاذ قرارات بشأن الحملات المستقبلية.

باختصار، أنت تختار ما ينجح في اختبار أ/ب وتكرره، وهذا لا يضمن النجاح، خاصة مع شرائح جمهور مختلفة، لكنَّه يمنحك فكرةً مبدأية.

إليك قائمة بالأشياء التي يمكنك تطبيق اختبار أ/ب عليها مع أمثلة عن العناصر التي يمكنك استخدامها كمتغيرات:

  • رسائل البريد الإلكتروني والنشرات الإخبارية (سطر الموضوع، والصور، وشكل رسالة البريد الإلكتروني، وعبارات الدعوة إلى اتخاذ إجراء، وما أشبه ذلك).
  • إعلانات العرض (نص الإعلان، والصور، والألوان، والخلفية، وعبارات الدعوة إلى اتخاذ إجراء، وعناصر أخرى).
  • إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي (النص، وشكل الإعلان، ونص الإعلان، والصور، وغيرها).
  • صفحات موقع الويب (تقريباً أي عنصر في الصفحة، بما في ذلك شكل الصفحة، والعنوان، وعبارات الدعوة إلى اتخاذ إجراء، والصور، وما أشبه ذلك).
  • تطبيقات الموبايل (الميزات الجديدة، وتكرار الإشعارات، وعبارات الدعوة إلى اتخاذ إجراء، وعناصر أخرى).
  • الفيديو (الصورة المصغرة، وعبارات الدعوة إلى اتخاذ إجراء، والثواني القليلة الأولى، والطول الإجمالي، وما أشبه ذلك).

تعد اختبارات أ/ب ذات قيمة على مستوى التسويق وعلى مستوى الشركة. فهي مجدية اقتصادياً والعائد منها مرتفع، ما يتيح للشركات جمع بيانات كمية ونوعية.

فكر في إعلانات العرض التي تستنزف ميزانيتك إن لم تُدَر بكفاءة. فبدلاً من إهدار مئات أو آلاف الدولارات على عرض الإعلان يومياً والحصول على نقرات قليلة دون تحقيق أية تحويلات تذكر، يمكنك إجراء بضعة اختبارات أ/ب، والتحسين حسب النتائج، وتعزيز عائد الاستثمار.

فوائد اختبار أ/ب:

إذا لم تقتنع بعد بأنَّ اختبار أ/ب يؤدي إلى أداء أفضل، فدعونا نتعمق أكثر في مزايا النهج البحثي هذا. إليك بعض فوائد اختبار أ/ب:

1. زيادة عدد زوار موقع الويب:

يستخدم المسوقون عديداً من الأساليب لاستقطاب المستخدمين إلى مواقعهم الإلكترونية، بما في ذلك إعلانات العرض، والإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، والتسويق عبر البريد الإلكتروني، وهذه كلها يمكن تطبيق اختبار أ/ب عليها لزيادة عدد زوار موقع الويب. وفي بعض الأحيان يكمن السر وراء نقر مزيد من المستخدمين في إنشاء دعوة إلى اتخاذ إجراء جديدة؛ وفي أحيان أخرى، يكون السبب هو نص إعلان مقنع، أو شيئ مختلف تماماً. لن تعرف السر أبداً حتى تجري اختبار أ/ب.

2. تحسين أداء موقع الويب:

بعد استقطاب المستخدمين إلى موقعك على الويب، عليك إقناعهم بالبقاء فيه أطول مدة ممكنة. قد يساعد اختبار أ/ب أيضاً في تحديد العناصر على موقع الويب التي تحتاج إلى تحسين، وفي تخفيض معدلات الارتداد، وتعزيز أداء الموقع عموماً.

3. زيادة معدلات التحويل:

في معظم الأوقات، يكون الهدف من إجراء اختبارات أ/ب هو تحسين معدل التحويل (CRO). حيث يكشف اختبار الإصدارات المختلفة من موارد التسويق الرقمي أنجح إصدار في تحويل المستخدمين إلى عملاء محتملين وتعزيز مقاييس التحويل. وهذا يعني حمل المستخدمين على تنفيذ إجراءات معينة، مثل عمليات ملء النماذج وإرسالها، أو النقرات، أو مشاهدات الفيديو، أو عمليات الشراء.

4. اتخاذ قرارات مبنية على البيانات:

توفر اختبارات أ/ب بيانات تفيد الشركات في اتخاذ قرارات استراتيجية وزيادة فرص نموها، كما يقلل هذا النهج من المخاطر كونه يتيح للشركات الاستعداد مقدماً للمشكلات المحتملة التي قد تؤثر فيها في المستقبل.

5. نمو الإيرادات:

لقد تحدثنا عن فائدة اختبار أ/ب في تعزيز معدلات التحويل. وفي المقابل، قد تؤدي معدلات التحويل المرتفعة إلى زيادة إيرادات الشركة.

6. تحسين رضا العملاء:

يكشف الاختبار أحياناً عن مشكلات المستخدم التي يمكنك معالجتها لضمان رضا العملاء عن موقعك على الويب أو منتجاتك أو مواردك التسويقية.

آلية عمل اختبار أ/ب:

يشبه اختبار أ/ب إلى حد بعيد المنهج العلمي الذي تعلمه معظمنا في المدرسة. يخدم المنهج العلمي الهدف الأكبر وهو مساعدتنا على فهم العالم فهماً أفضل. وعلى الرغم من أنَّ الهدف من اختبار أ/ب هو تحسين معدلات التحويل وتجربة المستخدم، فإنَّه لا يمكننا تجاهل أوجه الشبه مع المنهج العلمي، إذا يشمل كلا منهجي البحث اختبار الفرضية عن طريق التجربة ثم استخدام التحليل الإحصائي لاستخلاص استنتاجات من البيانات.

باختصار، تسير عملية اختبار أ/ب على النحو التالي:

وضع فرضية وتحديد هدف ← إنشاء إصدارات مختلفة لاختبارها ← عرض الإصدارات على مجموعات مستخدمين مختارة عشوائياً ← جمع البيانات ← تحليل النتائج ← تطبيق الإصدار الناجح ← تكرار العملية.

يجب أن يُطرح اختبار أ/ب مدة زمنية محددة وأن يكون له حجم عينة (عدد الجمهور المستهدف) معين لجمع بيانات كافية وتحقيق نتائج ذات دلالة إحصائية.

أنواع اختبار أ/ب:

لاختبار أ/ب ثلاثة أنواع، دعونا نلقي نظرة من كثب على كل منها:

1. اختبار التقسيم:

هو أكثر أنواع اختبار أ/ب استخداماً، إذ يُعرض إصداران مختلفان من شيء ما (موضوع رسالة البريد الإلكتروني، صورة الإعلان، صفحة الويب، وغيرها) على المستخدمين لمقارنة الأداء. ويجب أن يكون الاختلاف بين الإصدارين هو متغير واحد فقط.

انظر إلى هذين الإعلانين، إنَّهما متشابهان في كل شيء باستثناء الصورة، وهي العنصر الوحيد الذي نختبره.

ونظراً إلى وجود متغير واحد فقط، فإنَّ اختبارات التقسيم تقدم نتائج موثوقة في مدة زمنية قصيرة وتحتاج إلى عينة صغيرة نسبياً من الجمهور المستهدف.

2. الاختبار متعدد المتغيرات:

يختبر هذا النوع مزيد من المتغيرات في وقت واحد، وهو أكثر تعقيداً من اختبار التقسيم لأنَّك تحتاج إلى إنشاء عدد أكبر من الإصدارات، مع تعديل عدد من العناصر في كل منها في نفس الوقت. والهدف هو معرفة أي مجموعة من المتغيرات المعدلة تحقق أفضل النتائج.

انظر إلى المثال أدناه:

 

لاحظ وجود صورة إعلان لكل مجموعة محتملة من المتغيرات (لون زر الدعوة إلى اتخاذ إجراء والنص)، مما يجعل هذه الاختبارات متعددة المتغيرات.

يفيد الاختبار متعدد المتغيرات عندما تظن أنَّ تغيير عناصر متعددة يؤدي إلى تحسين الأداء. ولكن عليك عرض جميع صور الإعلان على الجمهور، مما يعني أنَّك تحتاج إلى جمهور أكبر أو تمديد وقت الاختبار لجمع عدد كافٍ من الزيارات والوصول إلى نتائج ذات دلالة إحصائية.

ولهذا السبب يفضل عديد من المسوقين إجراء اختبارات أ/ب متتالية واختبار المتغيرات واحداً تلو الآخر بدلاً من إجراء اختبار متعدد المتغيرات.

3. الاختبار متعدد الصفحات:

كما يوحي الاسم، تُستخدم تقنية الاختبار هذه مع صفحات الويب. وهو سلسلة من اختبارات أ/ب تُجرى في وقت واحد على صفحات مختلفة، مع إجراء تغييرات على نفس العناصر.

لنفترض أنَّك تريد اختبار مسار المبيعات وكنت تشك في أنَّ لون أزرار الدعوة إلى اتخاذ إجراء هو السبب في فشل عملية البيع. لذلك، قررت اختبار اللون الحالي -الأزرق- مع اللون الأرجواني الذي من المحتمل أن يخلق تبايناً أفضل مع المنطقة المحيطة بالأزرار.

إذاً، يمكنك إنشاء إصدارين مختلفين لكل من صفحة إضافة المنتج إلى سلة الشراء، وصفحة الشراء اللاحقة، والصفحة النهائية التي تطالب العملاء بالدفع.

يرى المستخدمون أزرار الدعوة إلى اتخاذ إجراء باللون الأزرق أو الأرجواني في الصفحات الثلاث، اعتماداً على شريحة الجمهور المستهدفة، كما هو موضح في الشكل أدناه:

ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا هو الحال دائماً، إذ يمكنك إجراء اختبار متعدد الصفحات، على سبيل المثال، بمقارنة أداء صفحات المنتج التي تحتوي على مراجعات العملاء مع أداء صفحات المنتج التي لا تحتوي عليها.

في الختام:

تحدثنا في هذا الجزء عن تعريف اختبار أ/ب وفوائده وأنواعه، وسنتحدث في الجزء الثاني عن مقاييسه وكيفية إجرائه.